Hezbollah Martyr Leader Sheikh Ragheb Harb, who returned from the Holy City of Al-Najaf in Iraq in 1974 to carry out religious and humanitarian projects, was one of the founders and basic supporter of the Islamic Resistance in face of the Zionist occupation in Southern Lebanon and Western Bekaa.
Sheikh of the martyrs of the Islamic Resistance was, thus, arrested and imprisoned Israeli occupation forces in 1983. The martyr played a vital role in the resistance against the Israeli occupation since 1982 invasion till he was assassinated by the collaborators with the Zionist enemy in his town Jibsheet.
During his noble Jihad years, his eminence consecrated the principle of resorting to the armed resistance against the Zionist occupation, stressing that any handshake with the representative of the enemy is considered as a recognition of its existence.
The Islamic Resistance in Lebanon has always rejected the choice of holding negotiations and concluding ‘peace’ deals with the Zionist enemy regardless of all the circumstances. However, the Egyptian regime, during that stage, was involved in the path of surrender.
In 1978, Egypt signed a peace agreement sponsored by the United States of America, disengaging concerns and causes with the Arab countries, especially Palestine.
US President Jimmy Carter sponsoring agreement between Egyptian President Anwar Al-Sadat and Israeli PM Menahem Begin
Based on the Egyptian stance, Sheikh Ragheb Harb anticipated the danger of abandoning the resistance path and normalizing of ties with the Israeli enemy, affirming that normalization will legitimize the illegitimate existence of the occupation entity.
In 1994, Jordan followed the Egyptian path and signed a ‘peace’ agreement with Israeli enemy, which reinforced the importance of the Sheikh Harb’s warning against such deals.
The catastrophic collapse of the Arab attitude towards the conflict with the Zionist enemy was in 2020 when Bahrain, Emirates and Morocco concluded deals to normalize ties with the Zionist entity. In 2023, the military regime in Sudan also expressed readiness to normalize the relations with the Israeli enemy.
Consequently, the Palestinian cause is abandoned by certain Arab regimes; however, the armed resistance, as consecrated by the martyr cleric, has reached several achievements.
The resistance parties in Lebanon and Palestine have liberated the occupied territories in Southern Lebanon, Western Bekaa and Gaza and defeated the Israeli military arrogance in 2006 war and other confrontations.
Even the Palestinian youths and children have carried out attacks on the Zionist settlers and soldiers in the occupied West Bank, inflicting heavy upon them.
In other words, the Resistance in Lebanon and Palestine has ridiculed the occupation as said by Martyr Sheikh Ragheb Harb.
تسلّم ائتلاف بنيامين نتنياهو السادس السلطة في إسرائيل، ليعلن أقطابه، بصراحة ووضوح، أنهم سيسعون لتحقيق مصالح فئات وجماعات على حساب أخرى، ما يعني أن هذه الحكومة لن تكون لكلّ مُواطنيها، ليس ربطاً بالتناقض التقليدي بين فلسطينيّي الداخل واليهود فحسب، بل اتّصالاً باليهود أنفسهم، الذين ستتعمّق انقساماتهم وتتزايد، مع ما يفتح عليه ذلك من سيناريوات «سوداوية». في العادة المتّبَعة لدى تداول السلطة في دولة الاحتلال، يعلن المسؤولون المنتخَبون الجدد أنهم سيعملون على تحقيق مصالح كلّ المواطنين أفراداً وجماعات، ممّن صوّتوا أو لم يصوّتوا لهم، أمّا في الحالة الحاضرة، فانشغل نتنياهو بالتأكيد، حتى قبل الإعلان عن الاتفاقات الائتلافية، أنه سيعمل على إرضاء فئات بعيْنها، في مقابل تَحقّق هدفه الرئيس المتمثّل في الإفلات من المحاكمة والبقاء على المسرح السياسي. على أن سياسة «أنا ومِن بَعدي الطوفان» لم تَعُد منحصرةً في ما بين معسكرَين مختلفَين في الرؤى والبرامج السياسية والاقتصادية، بل تعدّتهما لتَحضر داخل الائتلاف نفسه: فـ«الحريديم» مثلاً منقسمون ما بين شرقيين وغربيين، ومتباينون مع المتديّنين القوميين حول إقامة الدولة نفسها والولاء لها؛ وهؤلاء الأخيرون غير موحَّدين بسبب تضارب تطلّعاتهم الشخصية وتسابقهم على إثبات صدارتهم في التطرّف؛ وأمّا العلمانيون فمشغولون في التصارع على المناصب لتحسين مكانتهم وحضورهم داخل حزب «الليكود»، تمهيداً للمعركة اللاحقة على خلافة رئيسه نتنياهو.
هكذا، تبدو إسرائيل أقرب إلى جماعات منفصلة أو شبه منفصلة عن بعضها، تسعى كلّ منها إلى استحصال ما أمكنها في ظلّ حكومة نتنياهو، بما يشمل مطالب من شأنها الإضرار بـ«الدولة ونسيجها العام وحوكمتها». وبات أكثر من نصف الجمهور اليهودي، بالفعل، يستشعر قلقاً من أن تستغلّ الحكومة الجديدة تسلّمها السلطة لإطاحة النظام القائم، والدفع بنظام بديل قائم على التعصّب والفاشية والمصالح الشخصية والاستبداد والأحكام التلمودية، والتثمين المفرط للذات بالاستناد إلى اعتقاد بالتفوّق والتفرّد و«حبّ الإله الخاص» لجماعاته اليهودية، وتفضيله إيّاها على الجماعات الأخرى الدونية والهامشية. ومن هنا، يبدو ذلك القلق مبرَّراً، خصوصاً أن من يتوعّدون بتلك الإجراءات يمتلكون القدرة على تنفيذها، لكن هل يكفي اجتماع النيّة والسلطة لتمكينهم ممّا يريدون؟ الإجابة هنا ليست قاطعة، بل غير مرجَّحة.
عام 1977، طرأ تغيّر كبير على الحياة السياسية الإسرائيلية، تَمثّل في انتقال حزب «الليكود» اليميني من المعارضة إلى السلطة، وتسلّم مناحيم بيغن هذه الأخيرة، وسيطرته ومعسكره على «الكنيست» حيث تستولد إسرائيل قوانينها. آنذاك، وكما هو الحال الآن، عبّر نصف الجمهور الإسرائيلي عن قلقه من وصول متطرّفين إلى مراكز القرار، وصولاً إلى وصْف هؤلاء بـ«الفاشية المتسلّطة» التي ستعمل على ضرب حزب «العمل» وشركائه، والتوجّه المعتدل والوسطي واليساري، وكذلك النُّخب الإسرائيلية على اختلافها. لكن سرعان ما اتّضح أن بيغن أكثر ليبرالية ممّن سبقوه؛ إذ حافظ على قواعد اللعبة الداخلية، كما صان مؤسّسة القضاء ومنَع زعزعة مكانتها وقدرتها على ضبْط اللعبة السياسية، بل إنه استطاع فعْل ما عجز عنه حزب «العمل» تاريخياً، عبر تحييد مصر عن الصراع العربي – الإسرائيلي.
على أن حكومة إسرائيل الحالية قد تكون مختلفة، بل قد لا يمكن تشبيهها بأيّ من الحكومات السابقة. وفي هذا، يُشار إلى الآتي: – كان قرار حكومة بيغن في ذلك الوقت، «ليكودياً» بحتاً، مع إسناد من جانب الشركاء الذين اكتفوا بفُتات المصالح في المقابل. أمّا اليوم، فإن نتنياهو هو الذي يمثّل موضع ابتزاز، فيما حلفاؤه بأيديهم أوراق قوّة تتعلّق بمصيره السياسي، وربّما الشخصي أيضاً، ما يدفعه إلى التضحية بمصالح كبرى لـ«النفاد بجِلده».
– في الموازاة، لم تَعُد «الصهيونية الدينية» التي كانت ممثَّلة في عهد بيغن في حزب «المفدال»، تعبيراً عن قطاع ضيّق في الحلبة السياسية، يمكن تجاوز إرادته وتطلّعاته، بل باتت مكوّناً حاسماً لديه القدرة على إسقاط الحكومة في حال قرّر الانسحاب منها.
كذلك، كان «الحريديم»، الذين تَمثّلوا في عهد بيغن بأربعة مقاعد فحسب، على هامش اللعبة السياسية، وجلّ ما طالبوا به حينذاك هو التملّص من الخدمة في الجيش الإسرائيلي، بينما اليوم يمتلكون حصّة وازنة في «الكنيست» قادرة على إطاحة الائتلاف، كما استحصلوا على مطالب كانت بالنسبة إليهم حلماً في السابق، إلى الحدّ الذي باتوا معه يطالبون بفرض نمط حياتهم التلمودية على الآخر اليهودي في إسرائيل.
لم تَعُد «الصهيونية الدينية» كما كانت في عهد بيغن، تعبيراً عن قطاع ضيّق في الحلبة السياسية
– تلقّف بيغن، في حينه، مبادرة الرئيس المصري الراحل، أنور السادات، ليتوصّلا إلى تسوية شملت الانسحاب من شبه جزيرة سيناء، وهو ما أثار «الصهيونية الدينية» التي كانت عاجزة عن فعل أيّ شيء مضادّ. أمّا حالياً، فهي تمنع مجرّد الحديث عن مفاوضات مع الفلسطينيين ولو شكلية، فيما تتطلّع إلى إسقاط اتّفاقات سابقة تمهيداً لضمّ الضفة الغربية كاملة إلى إسرائيل، وطرْد الفلسطينيين منها.
– تمسَّك بيغن بمكانة القضاء الإسرائيلي، بوصفه حَكَماً يجب الامتثال لقراراته، حتى وإنْ عمد إلى إبطال قوانين واجراءات تنفيذية. كما أبقى صلاحيات المستشارين القانونيين في الوزارات والمؤسّسات على حالها، في حين أن نتنياهو وشركاءه يتطلّعون إلى إضعاف القضاء، لا فقط تمكيناً للأوّل من إسقاط محاكمته، بل أيضاً تيسيراً أمام الأخيرين لفرْض إرادتهم عبر قوانين وأنظمة، لن تتمكّن المحكمة العليا من إلغائها، حتى وإن كانت تعبيراً عن عنصرية فجّة وتغليب للمصالح الشخصية أو الفئوية، بما لا يستثني اليهود أنفسهم وعلاقاتهم البينية.
على رغم ما تَقدّم، يَصعب، من الآن، تقدير ما إن كانت حكومة نتنياهو ستتمكّن من تحقيق ما تتطلّع إليه، وبالتالي يتعذّر أيضاً تقدير مآلاتها المحتملة وتأثير سقوطها أو بقائها على إسرائيل. لكن الأكيد أن هذه الحكومة تطمح إلى نقل دولة الاحتلال إلى تموضع وهوية مغايرَين وسياسة اجتماعية مختلفة عمّا هو قائم حالياً، الأمر الذي يمثّل مكمن التهديد الأكبر والأشمل للكيان العبري.
Ahmad Farhat, Translated and Edited by Mohammad Salami
Hezbollah Secretary General Sayyed Hasan Nasrallah stressed, during a speech last month, that , the most important factor of strength in the axis of resistance is the Islamic Republic of Iran, wondering where Palestine would be without the Iranian role.
The signing of Camp David Accords crowned the US-brokered Egyptian concessions to the Israeli enemy, knowing that the most prominent event in this context was the visit of the Egyptian President Anwar Al-Sadat to the Zionist entity in November, 1977.
Signing of Camp David Peace Accord (President Jimmy Carter, Egyptian President Anwar Sadat and Israeli Prime Minister Menachem Begin)
Since the end of the 1973 war and the advent of Egypt’s settlements era, the military formulas in the region had changed. The Arab countries, consequently, could not fight on one front against the Israeli enemy which managed to hold bilateral ‘peace’ agreements with the Arab countries in order to avoid facing them altogether.
The Arabs suffered then from a wide case of frustration amid the collapse of the Common Arab Security.
With respect to the Zionist entity, the Arab countries would no longer be able to attack ‘Israel’ without the participation of Egypt despite the fact that the Israeli enemy continued carrying out its occupation and expansion schemes. In this regard, the Zionist enemy invaded Lebanon in 1978 and 1982 and struck the Palestinian resistance.
The following video shows the Palestinian resistance fighters leaving Lebanon in 1982:
Hope Rising in the East
Amid the tragic developments, Imam Ruhollah Khomeini led the Islamic Revolution in Iran to a historic victory in 1979. Just 8 days later, the Islamic Republic identified its foreign policy, granting the keys of the Israeli embassy in Tehran to Yasser Arafat, the late head of the Palestinian Liberation Organization. This established a new epoch of a strategic Iranian support to the Palestinian cause.
Since its victory, the Islamic Revolution in Iran rejected and confronted all the schemes which targeted the Palestinian cause, providing all the possible means of support to the Palestinian resistance and intifada. The Iranian authorities have been also supporting and funding the Palestinian camps in the diaspora in order to maintain the steadfastness of the refugees.
On August 7, 1979, late founder of the Islamic Revolution, Imam Ruhollah Mousavi Khomeini designated the last Friday of Ramadan holy month as the International Al-Quds Day. Since then, Al-Quds Day has become a day all Muslims and oppressed people across the world rally for Al-Quds and Palestine against the Zionist occupation.
The Islamic Republic in Iran has been also supporting the Palestinian resistance factions which have committed to the rules of Islam.
Axis of Resistance
The axis of resistance led by the Islamic Republic of Iran engaged in several wars in Lebanon and Palestine. Iran supported founding Hezbollah Islamic Resistance that cooperated with the Palestinian resistance to reach victories.
This cooperation appeared clearly during Al-Quds Sword battle in 2021 between Gaza resistance and the Israeli enemy when Hezbollah, IRGC, and Hamas established a chamber of military operations in Beirut during the recent Israeli aggression on Gaza.
This axis, which has sacrificed a large number of martyrs crowned by the former head of IRGC’s Al-Quds Force martyr General Qassem Suleimani, has set praying at Al-Aqsa Mosque as a strategic target.
The video that follows the huge support demonstrated by the Iranian people to the Palestinian cause on various occasions, including mainly Al-Quds Day.
“Israel” not only benefits more its security relations with normalizing Arab countries but ends exploiting these relations and causing damage to the security interests of the country in question.
According to the “peace treaty of 1979” between Egypt and “Israel”, the Sinai Peninsula, an Egyptian land, shall be divided into 4 zones, 3 of them extending on Egyptian soil
It is rare to find in the Israeli literature a concept that influenced the formation and fate of the Zionist project on the land of Palestine, as did the Iron Wall concept created by Ze’ev Jabotinsky, who was a Russian-born Zionist. Jabotinsky is one of the first theorists of the so-called “Zionist Right-wing”. The concept does not mean physically building a wall of iron around occupied Palestine; instead, it invasions a wall that must depend mainly on forming a potent military organization on one hand, and creating an illusory psychological wall in the mind of the Arabs in general and the Palestinians in particular on the other hand.
The stones of this imaginary wall are ought to be made of Arab despair and frustration, according to Jabotinsky. While sometimes military defeats can contribute to Israeli plans of building such a wall, forcing normalization on Arab people does create the same effect.
The wall in that regard is not just a mere protective barrier for the Israeli settlers, but a gateway to achieving Israeli colonial interests in the region. Not only do these interests go – naturally – against those who oppose the Israeli project but also against its supposed allies who expected to reap benefits from such actions, especially in the security sector. In this case, the Israeli alleged superiority in the military, as well as its advancement in the security technology domain, becomes a burden rather than a benefit to the normalizer.
How come?
Egypt, when it all started
Map of the “1979 peace treaty” between “Israel” and Egypt (source: Palestineinarabic.com)
Perhaps the most significant setback of the Arab struggle against the Israeli occupation of Palestine was when Anwar Al-Sadat decided to turn his back on his Arab and Palestinian brethren and on what Jamal Abdel Nasser had accumulated for a noble prize and a fistful of nothing in exchange for “peace”.
While a colleague’s article had previously discussed the negative economic and political aspects that accompanied such an action made by Sadat, this article will focus on the security aspects.
According to the “peace treaty of 1979” between Egypt and “Israel”, the Sinai Peninsula, an Egyptian land, shall be divided into 4 zones, 3 of them extending on Egyptian soil while only one in occupied Palestine. In Zone A, Egypt shall maintain no more than one mechanized division of its army numbering no more than 22,000 soldiers. In Zone B, no more than 4 infantry battalions shall be deployed to support the local police, in military terms, meaning no more than 2000 soldiers for such a huge swath of Egyptian land. In Zone C, only local police are allowed inside this area and UN peacekeepers (they were not sent later on due to fear of Soviet veto).
On the other hand, despite Israeli military superiority, they were allowed to keep 4 infantry battalions, in a land strip extending parallel to the borders – its width is only a few Kilometers in contrast to the Egyptian tens of kilometers wide multiple zones. Without the need for an explanation, the treaty obviously limits Egypt’s sovereignty over a huge part of its lands, as any further deployment of Egyptian forces needs to be discussed thoroughly with the Israeli side before receiving an approval that might not come.
Starting from 2011, an insurgency launched by ISIS militants left more than a thousand deaths for the Egyptian army as well as more than 1500 civilians. Despite the fighting receding in the last few years, the insurgency wreaked havoc on the already poor Egyptian region, with the Egyptian army failing to take action since only local police were available at zone C. The militants knew that pretty well and made every use of it.
“Israel” allowed Egypt to send a limited number of troops on occasions to chase the terrorists from one zone to the adjacent one. The New York Times even claims that Israeli warplanes conducted raids inside the Eygptian national territories with Egypt’s consent on some occasions. Spokespersons for both the Israeli and Egyptian militaries declined to comment on such a claim. “Israel” says it allegedly allows Egypt to send forces based on the security needs of the latter, but still tangible results could have been different and many Egyptian soldiers coming from the least able social classes of Egypt would be still alive if it were not for the “peace agreement.”
A poison dealer: ‘Israel’ with Morocco
On November 24, “Israel” and Morocco inked a “historic security pact“. The MoU, signed by Israeli security minister Benny Gantz and Moroccan counterpart Abdellatif Loudiyi, is said to be aimed at “collaboration and strengthening Israeli-Moroccan relations.” That MoU comes after both parties signed a cooperation agreement with Morocco, the first of its kind in the cyber security domain since the normalization of ties between Morocco and the Israeli occupation in 2019.
Morocco is also buying a new set of Israeli-made weapons and military hardware believing that it would increase its security, namely to counter Algeria. Several media reports, including those published before Gantz’s, detailed the Israeli-Moroccan arms sales. According to The Jerusalem Post Israeli newspaper, the Moroccan army is now deploying three Heron unmanned aircraft made by Israeli Aerospace Industries (IAI), which were obtained through a French business to avoid any link with “Israel.”
Israeli made Heron drone
Morocco is also operating smaller drones purchased from the Israeli company BlueBird. Moroccan security forces got unmanned patrol vehicles from Robotim, an Israeli company that is partly owned by Elbit. Morocco has also purchased anti-drone systems from “Israel’s” Avnon company, which are built by Skylock.
According to Israeli media, Israeli Aerospace Industries (IAI) will provide advanced air defense and anti-missile defense systems to Morocco as part of a $500 million deal. IAI will offer the Barak MX system, which uses surface-to-air (SAM) missiles to intercept all types of aircraft and missiles. According to Israeli Channel 12, the contract began with Israeli Security Minister Benny Gantz’s travel to Morocco in late 2021.
Barak MX Israeli missile system
While all these systems can considerably increase the military capabilities of the Western equipped Moroccan armed forces, a problem arises when discussing military topics usually, since weapons are usually bought with the intention of pointing them in the direction of someone at one point, namely Algeria, whose stagnating relations with Morocco suffered even more after the latter’s normalization with the Israeli occupation.
Algeria, an Arab state that never ceased to stand by the Arab and Palestinian cause, already announced that it finds itself targeted by Gantz’s visit in November, as well as by the increasing Israeli military support to its neighbor. Algeria faces even more challenges along its 1,427 km border with Morocco since “Israel” is increasing its intelligence presence in the latter, an action that Algeria is probably not going to tolerate as it threatens its national security.
The two North African countries share strong ties at all levels, as even some of them treat each other as one community and one people. Opening a gateway to the Israeli presence in the region is only going to increase the threat of an escalation between Algeria and Morocco. Whose interests such an escalation might serve? Most probably foreign powers that will seek to exploit such events to have a firmer foothold in the region, namely the European Ex-colonial powers.
A castle of glass: “Israel” and UAE
“Israel” did not wait long before it tried to exploit the war on Yemen, Naftali Bennet, the Israeli PM offered the UAE “security and intelligence support” after the Ansar Allah retaliatory attack on facilities in Abu Dhabi. According to The Times of Israel, “Israel” even offered the UAE to export its “battle-tested” system, namely the Iron Dome, except that the system won’t only be to protect the UAE from Yemeni retaliatory attacks, but its radar system, the EL/M-2084, can be also used as an early warning system against Iran.
EL/M-2084 Iron Dome system radar
On January 31, some Israeli media even said that the UAE is “Israel’s” front in the Gulf region, adding that “If detection and warning systems are deployed in the UAE, they will be a cornerstone for a regional air defense system.” Israeli security minister Benny Gantz said that “Israel has a huge opportunity if it is able to sell the UAE detection and warning systems,” adding that if such systems were deployed in the UAE, they would detect any attack from the South (Yemen) and the East (Iran), “And this would be a cornerstone for a regional air defense system.”
The previously mentioned EL/M-2084 radar system is a short-range radar system if compared to its bigger brother the EL/M-2080 Green Pine radar that possesses a greater potential to spot heavy ballistic targets, relaying information directly to the Israelis via data link.
EL/M-2080 Green Pine radar
On February the second, The UAE reached out to the Israeli Security Ministry through its embassy in “Tel Aviv” to explore how a formal request for delivering an advanced Israeli radar to Abu Dhabi would be received. The Green Pine Radar, according to its manufacturer, Elta, a subsidiary of “Israel Aerospace Industries,” will be able to detect and track dozens of missiles at vast ranges. The ELM-2090s, a more sophisticated version of the Green Pine, is said to be of interest to the UAE.
Such acquisition might prove destructive to UAE’s security, why is that?
Despite the ongoing nuclear talks in Vienna with Iran, “Israel” has hinted several times about it being ready to “act alone” regarding the Iranian nuclear program, hence conducting a military strike. The problem with that rhetoric is that it is almost impossible to conduct such a complex and resources intensive operation alone, not only due to the Iranian active and passive defense systems but also because of the retaliatory second-strike capability that Iran possesses. Iran has a large and advanced arsenal of ballistic missiles aimed at “Israel,” deterring the Israeli occupation from conducting such non-calculated moves.
Early warning systems and radars in the UAE, can grant “Israel” a wider time frame between the launch time of a supposed retaliatory second strike and the moment they hit. The curvature of the earth prevents radar systems from over-the-horizon spotting of such missiles at the time of launch in Iran, which added to the land distance that degrades the effectiveness of radars, limits Israeli capabilities. So deploying a radar system in the UAE would address these security concerns right?
Radar horizon explained
The problem with deploying Israeli radar systems and early warning systems is not only that these systems can push the other party to target such systems that degrade the ongoing deterrence, but also put the UAE facilities hosting such systems in the crosshairs of any legitimate response.
After many years of avoiding confrontation with Iran, the UAE just painted a bull’s eye on its military facilities hosting Israeli manpower and hardware if any escalation is to happen in the future. How does is that supposed to provide more security to the fragile, foreign investment and tourism-dependent Emirate?
Economic prosperity? Anything but. After 40+ years, “peace” negotiations with “Israel” turned Egypt into a sluggish, aid-dependent rent economy.
At the bottom: 17 September, 1978: Anwar Sadat, Jimmy Carter, and Menachim Begin signing on the Camp David Accords. At the top: The 2013 Egyptian bread crisis, a result of economic assassination.
There is no war without Egypt, and no peace without Syria – words Henry Kissinger, Nixon’s Secretary of State, uttered in the depiction of the strategic importance of Egypt to US interest in West Asia. Its manpower, resources, geographical position on the map are alone enough to make or break any project in the region.
Egypt, in the critical years between the 1960s and the 1970s, moved from being the first industrial power in the Arab world, enjoying self-sufficiency and economic independence, to a country whose entire decision-making mechanism depends on receiving “humanitaqizqirian” aid from Washington.
How did this drastic jump, which put Egypt on a catheter mount, come to happen?
“Peace” negotiations.
Just one month after the 1973 October war – or, what’s known by the Israelis as the “Yom Kippur War,” there was a radical realignment process which brought Egypt and the US together. This was a process which initially started in 1971, the year when Anwar Sadat, Egypt’s president, invited the first US Secretary of State to visit Cairo since 1953. In the war of 1973, Egypt lost Sinai, and Sadat wanted to reclaim “self-respect”: a dream unattainable after Abdel Nasser’s death, unfound in what was coming for Egypt.
When it came to reclaiming Palestinian land back to the Palestinians – and Sinai back to Egypt – to Sadat, the only way to negotiate with the Israelis was through the United States, in a political settlement, if you may. He thought that turning to Washington would help him solving problems unsolvable by military means, whether it was on the annexation of Sinai, or an economic crisis.
The so-called political settlement came at the expense of the Egyptian economy, human rights and security for years to come.
The Egyptian economy enjoyed minimal imports (in 1961, with Abdel Nasser’s economic reforms, food imports to Egypt were only at 7%), redistribution of land and resources that isolated and diminished the power of traditional Egyptian landowners, the nationalization of the Suez Canal, protective policies against international inflation, and restrictions on foreign investment. Nasserism won its pioneer a substantial fan base and popularity after the 1952 Revolution.
However, his successor, a shameless lackey for the US, was determined to reverse all that revolution had done for the Egyptian people: Sadat, between 1971 and 1973, launched talks with Henry Kissinger. Sadat’s economic policies donned an ‘Open Door’ policy, which opened Egyptian markets to foreign investors and corporations without restrictions.
However, what he really got was a society lamb to the slaughter of foreign and private interest, dependent on food aid, and subject to US-Israeli policies.
Sadat wanted to be sure that Washington would come to Egypt’s rescue, so he required real, tangible evidence from the US that they will support Cairo. If such evidence was available, Sadat was willing to make Egypt undergo the necessary economic changes for US’ aid and the so-called ‘comprehensive peace plans.’
The evidence was provided: a basic tenant for Egypt to ride the American aid bandwagon was the normalization of relations with “Israel”, which consolidated in 1978. The free trade agreements, the astronomical numbers of foreign aid, and other agreements isolated Egypt from its neighbors, Arab and non-Arab. However, not only were both Sadat and the US eager to drive Egypt away from Soviet influence in the Cold War, but “Israel” also sought to plant itself on Arab soil, seeking Arab acceptance, which Sadat was so willing to do.
The US seduced the Egyptian elite, by offering billions in aid, into signing on the Camp David Accords.
Let’s talk about the costs.
An Israeli official once called US aid “narcotic” – not too surprising considering that Washington is “Israel’s” godfather in West Asia, taking unconditional billions in aid and weapons to push common interests.
Between the years 1946 and 2011, the United States gave Egypt a total of $71.7 billion in bilateral foreign aid.
With Sadat’s economic liberalization, US’ conditions for aid were to integrate Egyptian and Israeli economies and boost foreign investments which would supposedly strengthen the economy. The public sector accounted for 75% of all Egypt’s outputs. However, Sadat’s laissez-faire policies only diminished them, placing them at the mercy of private companies and trade deals, such as the Qualified Industrial Zones.
The investments which Sadat was hoping for were not meant for productivity but were rather oriented towards banking and tourism. However, the banking sector, under what was called Infitah (Open Door policy), was not doing what it was supposed to do. With only 6 banks existing in 1974, Sadat allowed the influx of seventy-five banks – several of those were American, which abused the vulnerability of the situation in Egypt. The foreign banks, not to much surprise, laundered Egyptian money to the West rather than benefiting the people.
With a deteriorating economy where the cost of production of basic goods such as rice, wheat, sugar, flour, oil, and gas was skyrocketing, many locals had left to oil-producing countries to make a living.
In Egypt, this meant one thing: bend to US interest or starve.
By 1981, Egypt was importing 60% of its food into the country: much of that was provided by Washington, in addition to Arab oil-producing countries. After normalization in 1978, Arab investors withdrew their investments; to Sadat’s convenience, the US was able to compromise.
Where has this led Egypt? Egypt today has a workforce participation rate of approximately 48%. Governmental spending exceeds the total revenue. Egypt is hideously indebted to the International Monetary Fund, its debt representing 92% of its Gross Domestic Product.
Sadat attempted to convince the population that normalization with “Israel” would bring economic well-being and prosperity to the average Egyptian, though what it really did, with Washington’s shuttle diplomacy, is sell it to capitalists, and create a bread crisis in 1977, which was initiated by IMF and World Bank pressures to remove subsidies on bread.
Furthermore, along with the millions of dollars in US aid, a large project was initiated by the Nixon administration on March 1, 1975, to reconstruct the cities along the Suez Canal after three wars – the cost of which was to maintain peace with the Israeli neighbor. Disarmament was on the agenda, meaning that Egypt, on par with the accords, was prohibited from any military confrontation with “Israel”; however, even the Egyptians, given US-Israeli threats against them, knew that “Tel Aviv” would not be complying with the Sinai Disengagement Agreement.
As for economic growth, from the 1980s till recently, Egypt’s gross domestic product per capita has barely doubled, when emerging economies such as South Korea were able to multiply their GDP by ten times (the two countries’ economies, during the 1950s, had similar developmental conditions). Poverty rates in Egypt today hover around 30%, sustaining a high unemployment rate, last 10.4% in 2020.
As if turning to “Israel” once was not enough, wait till you see the “second Camp David Accords.”
Despite the population’s adamant rejection of Sadat’s policies and the normalization, a greedy leader,a successor, looked for the preservation of the system at the expense of the nation’s interest. Another case taken into account is the US’ Qualified Industrial Zone (QIZ) economic proposal, which ultimately meant to expand economic cooperation between “Israel” and “Egypt.”
QIZ deal, signed in 2004 by Hosni Mubarak, was deemed by many as a “second Camp David,” and it was the most important economic deal between the two in 20 years, according to a US representative who attended the signing event.
Just a few months after that was sealed, Egypt and “Israel” signed another deal where Egypt would provide ‘Israel” with $2.5 billion worth of gas at a low price at a time when the country’s economy was running into the ground.
Those agreements came just a few days after Israel shot and killed 3 Egyptian soldiers at the border.
“One would have anticipated that with the ongoing carnage in Iraq, constant US threats against Iran and Syria, and Israel’s recent killing of three Egyptian border police, Egypt would have taken a tougher stance. But the exact opposite happened,” wrote K. Kamel, in Egypt and Israel: From Cold Peace to Warm Embrace.
The trade agreement stipulated that the US would allow the exporting of Egyptian products free of duty and customs to the US, given that at least 11.7% of the total exports are manufactured in “Israel.”
Mubarak, though rejecting the agreement in 1994 through 2004, promoted the agreement on purely economic terms: Egypt’s textile-export agreement with the US would soon lose effect, China and India will replace Cairo in the market, and there is no choice other than to accept the QIZ agreement.
Officials in the Egyptian government told their people that the agreement will create a million jobs and that foreign direct investment will reach $5 billion in the next 5 years – both unrealistic and exaggerations.
Gamal Mubarak, Hosni’s son, defended the agreement, saying it serves the Palestinian cause.
However, facts on the ground proved otherwise. Many things were wrong with this deal, which was falsely marketed and heavily oriented towards “Israel.”
The first issue is that the deal breached World Trade Organization’s free trade conditions since the agreement gives “Israel” the power to enjoy a monopoly over Egyptian manufacturers.
Secondly, and even worse: to ensure the 11.7% quota, Israeli companies marginalized small and medium-sized businesses that supply larger textile factories with parts, as they forced them out of their jobs. The deal was heavily biased towards “Israel,” Egypt was not allowed to export its goods to the US duty-free without exporting Israeli goods, despite countries like China, India and Turkey engaging in it freely so.
There was no real guarantee that the products will be exported to the US, prompting analysts to say that the agreement sort of resembles a Trojan horse, allowing Israel to flock into Arab markets, hence the “second Camp David.”
As some countries resist pressures to normalize relations with the psychopath ‘state’ (you can read Farah Haj Hassan’s article on Asian nations that said ‘No’ to normalization), others have not read much history on the first example of normalization in West Asia, and still deem normalization as an end to conflict, a yes to economic boom and a gateway to acceptance in both the region and the international community.
To look West, after all their history in the West Asian region alone, should not deceive anyone anymore. Other than the fact that normalization is a human rights issue against fellow Arabs (not even just Palestinians! The US used Egyptian waters and airspace to bomb Iraq and Afghanistan in 2003), it’s suicide for any country looking to flourish with sovereignty.
This Moroccan dash towards normalization with “Israel” is not surprising to those who know the old love story between Hassan II, the father of the current king, and “Israel”, which dates back to more than 60 years ago.
A year ago, the normalization agreement between Morocco and “Israel” was officially signed. After that, the relations between the two sides jumped in all directions, from the exchange of ambassadors, to tourism and flights, to exports and economic relations, to visits of high-level minsters, until it reached security and defense cooperation.
This Moroccan dash towards normalization with “Israel” is not surprising to those who know the old love story between Hassan II, the father of the current king, and “Israel”, which dates back to more than 60 years ago.
In Commemoration of…
On July 9th, 2020, the “’Israel’ Speaks Arabic” Facebook page enumerated the honors that the “State of Israel” paid to commemorate Hassan II on the 91st anniversary of his birth, and wrote:
A monument was erected to his memory in “Petah Tikva” city.
His name was given to one of the main streets in the town of “Kiryat Ekron”.
A park was established to commemorate him in Ashdod city.
A walkway was built in his name in the city of “Kiryat Gat”.
Upon his death, “Israel” issued a postage stamp bearing his picture and with Arabic writing which read: His Majesty King Hassan II, King of Morocco.
The notorious Israeli postage stamp commemorating Hassan II
Long History of Secret Relations
These Israeli honors to Hassan II did not come out of the blue. The services he offered to “Israel” throughout the years cannot be summarized in just one or two articles. It is a long history of cooperation, coordination, and even alliance, dating back to the beginnings of his accession to the throne of the Kingdom of Morocco in 1961, when the young king found himself in a turbulent environment where communist and socialist revolutions were invading many parts of the world and national liberation movements continued nonstop in Africa, Asia and Latin America to get rid of the old colonialism along with its local affiliates of submissive monarchies, tribal rulers, and agents.
Next to him in Algeria was the great revolution against France at its height, which received unlimited support from the Nasser regime in Egypt, the enemy of all Arab monarchies. The threat to Hassan II was grave and the Moroccan people were not immune to the “revolutionary wave” whose storms were intensifying with the successive fall of the Arab monarchies from Egypt to Iraq to Yemen.
Hassan II turned his eyes to the east to find “Israel”, the pariah, bastard state forcibly planted in the region, which is completely hostile to all revolutionary movements, progressive regimes, Arab nationalist parties and left organizations in the region.
Hassan II saw in “Israel” a potential ally that could be trusted and relied upon when needed.
The Israeli temptation was great, especially with the young king’s knowledge of the Jewish state’s high status in the major countries in the West, which could facilitate matters and open closed doors for him to reach decision-making centers in Paris, London and Washington, which are, in his view, the strongest and best guarantee of his rule and throne.
Hassan II wasted no time. Between 1961 and 1964, he began working with “Israel” secretly, helping it to displace and transfer 97,000 Moroccan Jews – through Europe – to occupied Palestine (the immigration of Moroccan Jews to “Israel” had stopped in 1956). And in 1965 he made a deal with it, allowing the Israeli Mossad to spy on the Arab summit conference that was hosted by him in Morocco and to record all the deliberations and discussions, including the secret and closed ones. In return, the Mossad helped him track down, kidnap and kill the most prominent and dangerous Moroccan opponent, Mehdi Ben Barka, in Paris.
Despite the close secret relations that Hassan II had with “Israel”, he, with his innate intelligence, did not lose sight of the importance of appearing before his people as a supporter of the Arab right in Palestine. Thus, he took the decision to send two infantry brigades that included dozens of soldiers, one to the Egyptian front and one to the Syrian front, to participate in the war of October 1973 against “Israel”. Furthermore, he repeatedly spoke publicly about Al-Aqsa Mosque in occupied Al-Quds and displayed his concern as the Commander of the Muslim Faithful (the title that he gave to himself) regarding its status and safety. When the Organization of the Islamic Conference established the “Al-Quds Committee” in 1975, its chairmanship was entrusted to Hassan II.
Hassan II played an important role in bringing Egypt and “Israel” closer by facilitating and encouraging secret contacts between the two parties. When Anwar Al-Sadat began his preparations for the “peace journey”, he could not find a better friend than the king to help him convey his ideas to “Israel” and communicate with its leaders. Indeed, Hassan II arranged the most important secret meeting that took place prior to Sadat’s visit to Al-Quds in 1977 between the Israeli Foreign Minister, Moshe Dayan, and Sadat’s close advisor, Hassan Al-Tohamy, when they met in Morocco under the king’s sponsorship.
Then Came the Public Contacts
In the eighties of the last century, Hassan II considered that the time had come and the conditions were ripe to uncover his relationship with “Israel” and to break more “psychological barriers” between the Arabs and “Israel”. In 1986, he received the Israeli Prime Minister at his palace in Rabat, and the King allowed news about that visit and the meeting he had with Shimon Peres* to be published. On that day, the Moroccan media said that the meeting took place “in order to support the Palestinian people”.
In 1990 Hassan II appointed Andre Azoulay, a highly educated French-Moroccan Jew, as his special adviser. Azoulay remained close to the king, constantly giving him “advice” until he died in 1999. Azoulay was among the “legacy” that Mohammed VI inherited and he is still with him to this day. “Israel” sent a huge delegation that included 200 officials to participate in his funeral and offer condolences on his death.
And it’s no wonder the son follows father’s footsteps.
P.S*:
One of the anecdotes of the Arab summit that was held in Algeria in 1988 was that Colonel Gaddafi wore white gloves on his hands. when asked about the reason, he said that he did not want his hand to touch the hand of the person who shook hands with the criminal, Arab killer, Shimon Peres, in case he had to shake hands with Hassan II.
The opinions mentioned in this article do not necessarily reflect the opinion of Al mayadeen, but rather express the opinion of its writer exclusively.
ليست المرة الأولى التي نتحدث فيها عن مستقبل جماعة الإخوان الإرهابية، فمنذ الإطاحة بالجماعة من سدة الحكم فى مصر فى 30 حزيران/ يونيو 2013 ونحن نحاول استشراف مستقبلها، وحدّدنا في مقالات سابقة الخيارات المتاحة أمام الجماعة باعتبارها أحد القوى الاجتماعية والسياسية الفاعلة على الساحة المجتمعية المصرية والعربية، فهذه حقيقة سواء قبلها البعض أو حاول إنكارها، ولعلّ محاولات الإنكار هى ما أوصلنا للحالة الراهنة التى تمدّدت فيها الجماعة واتسع نفوذها حتى كادت تبتلع الوطن العربي، حين تمكنت من الوثوب للسلطة فى عدد من الدول العربية في لحظة فارقة من تاريخ الأمة.
فأخطاء السلطات السياسية داخل البلدان العربية في التعامل مع هذه الجماعة الإرهابية على مدار ما يقرب من نصف قرن كانت سبباً في ما وصلنا إليه الآن من مواجهة شاملة مع هذه القوى الإرهابية، ففي مصر على سبيل المثال ظنّ السادات أنه بإمكانه القيام بثورة مضادة لثورة 23 يوليو/ تموز 1952 يتخلص على أثرها من خصومه السياسيين من الناصريين والشيوعيين، فاستعان على الفور بخصمهم العنيد جماعة الإخوان الإرهابية فأخرجهم من السجون والمعتقلات وأطلق سراحهم لمواجهة هؤلاء الخصوم، لكن هذه المواجهة انتهت باغتياله شخصياً بعدما ظنّ أنهم فرغوا من مهمتهم التي أوكلها لهم.
ثم جاء من بعده مبارك ليسير في نفس الطريق، وعلى نفس النهج، حيث قرّر منذ البداية استمالة الجماعة الإرهابية وعقد صفقات تحتية مع قيادتها عبر أجهزته الأمنية، تمكنت على أثرها الجماعة من التغلغل وبناء النفوذ داخل بنية المجتمع المصري، انتظاراً للفرصة التي يمكن من خلالها الانقضاض على السلطة السياسية وانتزاعها، وساعدتهم على ذلك سياسات مبارك المنسحبة من الأدوار الرئيسية للدولة وتخليها عن مسؤوليتها الاجتماعية والاقتصادية تجاه مواطنيها، مما خلق فراغاً تمكنت هذه الجماعة وحلفائها الإرهابيين من ملئه خاصة في الأحياء والمناطق الأكثر فقراً في الريف والحضر.
ومن خلال التحليلات في مقالات سابقة حاولنا طرح مجموعة من الخيارات المتاحة أمام جماعة الإخوان الإرهابية، فعبر قراءة علمية نقدية في أدبيات الجماعة الفكرية، وحركتها التنظيمية، وتجاربها التاريخية، داخل المجتمع المصري والعربي، توصلنا إلى ثلاثة خيارات متاحة أمام الجماعة بعد هزيمتها في 30 حزيران/ يونيو 2013 في مصر وهى: إلى الأمام، والاعتذار عن الفشل وإعادة النظر في تجربتهم والاندماج مرة أخرى في المجتمع بعد مصالحة يتمّ على أثرها معاقبة من أخطأ، والخيار الثانى هو: إلى الخلف، وخوض مواجهة مفتوحة مع الجميع الشعب ومؤسسات الدولة والسلطة السياسية، وهذا خيار اللاعودة فإما الانتصار باستخدام الإرهاب على الشعب ومؤسسات الدولة والسلطة السياسية، أو الانتحار والنهاية الأبدية، والخيار الثالث هو: في المكان، وإتباع مبدأ التقية والعودة مرة أخرى لعقد صفقات وتحالفات مرحلية ومؤقتة مع السلطة السياسية، كما كان يحدث في الماضي، وهي لعبة تجيدها الجماعة تاريخياً، بل هي جزء من عقيدتها حيث اتقاء شر السلطة السياسية حين تكون الجماعة في مرحلة استضعاف، وهو ما تمّ على مدار حكم مبارك، ثم انتهاز الفرصة للانقضاض عليه والإطاحة به والجلوس محله، وهى المرحلة التي تعرف بمرحلة الاستقواء والتمكين.
وكنا قد أكدنا عبر الشواهد والأدلة والبراهين أن الجماعة تسير بالفعل في اتجاه اللاعودة أي الخيار الثاني إلى الخلف، لكننا لم نستبعد الخيار الثالث وهو في المكان، لأنها لعبة تجيدها الجماعة الانتهازية تاريخياً وبشكل كبير، لكننا الآن نستطيع أن نحسم الأمر، فالجماعة عبر السنوات الثمان الماضية قد حسمت أمرها وقرّرت خوض معركة إلى الخلف للنهاية، وذلك من خلال تحالفها مع باقي الجماعات الإرهابية التي خرجت من تحت عباءتها تاريخياً والتي تطلق على نفسها مسمّيات مختلفة ـ سلفية وجهادية وغيرها ـ حيث تعدّدت العمليات الإرهابية المدعومة من بعض القوى الدولية والإقليمية المساندة للتنظيم الدولي للجماعة الإرهابية والتي تسعى لتقسيم وتفتيت مصر والوطن العربي ضمن مشروع الشرق الأوسط الجديد.
وخلال السنوات الثماني الأخيرة كانت حصيلة مواجهة مجتمعاتنا مع الجماعة الإرهابية هزيمة وانهياراً أمام الجيش المصري، ثم انهياراً وهزيمة في سورية تحت أقدام الجيش العربي السوري، ثم هزيمة قبل أيام قليلة في تونس بعد انتصار الرئيس قيس سعيّد لإرادة الشعب، ثم كانت الخاتمة هزيمة مدوية في المغرب وعبر صناديق الاقتراع وهو ما يعبّر عن عودة الوعي للشعب المغربي، حيث فقد حزب العدالة والتنمية الإخواني معظم مقاعده في مجلس النواب الذي سيطر على الأغلبية فيه على مدار عشر سنوات، وصلت للذروة في انتخابات 2016 حيث حصد 125 مقعداً، فقدها في الانتخابات الأخيرة ليحصل على 12 مقعداً فقط وهي هزيمة وصفها المتابعون بالنكراء، وتعد انهيار حقيقي للمشروع الإخواني، سوف تتبعه هزائم أخرى للمشروع في ليبيا بعد محاصرة مصر لتركيا ووضعها لخطوط حمراء لم يتمكن أردوغان من تجاوزها، في ظل تراجع شعبية حزبه في الداخل التركي مما ينبئ بانهيار وشيك، وسوف يضطر الأميركي وحلفاؤئه الأوروبيون التخلي عن دعم التنظيم الدولي الإخواني الذي لم يعد ينفذ لهم ما يريدون.
لكن يجب أن يعيه الشعب العربي والسلطة السياسية في بلداننا معاً أنّ المعركة الراهنة، هي الخيار الأخير أمام هذه الجماعة الإرهابية، وعلينا جميعاً أن نتوحد تحت مظلة الوطن، فالمعركة لا يمكن أن تحسم من خلال الأجهزة الأمنية فقط ـ جيش وشرطة ـ وإنما تحتاج لمواجهة مجتمعية شاملة على كافة المستويات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية والثقافية والدينية والإعلامية، وليدرك الجميع أنّ هذه المعركة ستطول ولن تحسم قريباً، فالظهير الاجتماعي للجماعة الإرهابية متغلغل داخل بنية المجتمع العربي وداخل كافة المؤسسات لذلك يجب مواجهته والقضاء عليه، اللهم بلغت اللهم فاشهد.
لن عرف الحكاية اذا عرفت بدايتها فقط او نهايتها او جزءا منها .. ومن يظن ان حكاية السفينة العالقة في قناة السويس عابرة فليعلم انه لايعلم .. فحكاية السفينة الانتحارية ايفرغرين التي انتحرت في وسط القناة – مثل اي انتحاري ارهابي يفجر حزامه الناسف لالحاق الاذى بخصومه – لتخريب فكرة قناة السويس .. يعود سرها الى عام 1956 عندما انتحرت سفينة استشهادية لغاية أخرى يقودها الاستشهادي ضابط البحرية السوري المسيحي جول جمال في بورسعيد .. ذلك العمل الاستشهادي كان دفاعا عن قناة السويس المصرية ابان العدوان الثلاثي على مصر .. وكان ذلك اعلانا لاغلاق قناة السويس الى اشعار آخر الى ان تصبح مصرية بالكامل ..
في تلك اللحظة عام 56 ظهرت أسرار القناة .. فالقناة تبين انها عزيزة على قلب بريطانيا وانها احدى اهم جواهر التاج البريطاني .. ولكن أخطر الأسرار ظهرت عندما تبين ان الجغرافيا هي التي تقرر ملكية الطرق الدولية .. في تلك اللحظة المصرية المصيرية الناصرية تنبه البريطانيون الى حقيقة الجغرافيا وهي ان هذه القناة ليست في انكلترة بل في مصر .. ومن يملك الجغرافيا يملك القرار على الجغرافيا .. ولذلك فان البريطانيين لم يمانعوا في ان تقفل او تقتل قناة السويس وتردم اذا لم تكن لبريطانيا او فلتخلق قناة سويس بديلة او استنساخ القناة في النقب الفلسطيني .. وهذا ماكان في صلب التخطيط الغربي .. لذلك ظهرت فجأة منذ الستينات مشاريع شق قناة بديلة من العقبة (ايلات) الى البحر المتوسط عبر النقب في فلسطين المحتلة تحت رعاية اسرائيل ..
العالم الغربي لايحب النوم في العسل كما بعض البسطاء من السياسيين في الشرق .. لأن قرار قتل قناة السويس ظهر ووضع أخرى تحت رعاية اسرائيل يعني ان القناة ستكون نقلت وكأنها صارت في بريطانيا .. لأن اسرائيل مربوطة بالسلاسل الى الغرب ولاتقدر الا ان تكون طوع بنان الغرب لحاجتها اليه .. فهي مخفر متقدم ونواطير من المستوطنين اليهود الذين يرتبط مصيرهم بجرة قلم من أوروبة .. واذا فكرت اسرائيل في التمرد فان الغرب سيتركها لمصيرها في هذا البحر العربي الهائل بل وسيوجهه لتحطيمها .. واذا كان الرئيس الامريكي يقول للملك السعودي انك لن تبقى اسبوعين اذا تخلينا عن دعمك فان نفس الكلام يقال لاسرائيل .. فهذه الاسرائيل ستقع في خمسة ايام اذا قرر الغرب تركها لمصيرها .. هذه بداية الحكاية .. اي منذ لحظة تحرير القناة وظهور ضابط بحري انتحاري يحول سفينته الى سفينة انتحارية وتغلق القناة الى اشعار آخر .. ولكن مابعد هذه البداية نصل الى وسط الحكاية الذي يبدو مشطوبا وخفيا وجزءا لايراه أحد ولايلتفت اليه أحد بسبب زحمة الاحداث التي غطت بضجيجها على صوت الحكاية الحقيقية .. ففي وسط الحكاية حدثت بداية الانتقام من قناة السويس وبداية الجريمة لاغتيالها .. الى ان نصل الى نهاية القصة التي ظهرت منذ أشهر ..
مشكلة اي جريمة اغتيال انها تحتاج تحضيرا .. وجريمة اغتيال قناة السويس والانتقام منها كانت تحتاج تحضيرا جيدا لمسرح واسع .. وتحضير المسرح يعني تدمير السيطرة المصرية على منظومة الفكر الناصري والقومي التي صنعت ظاهرة جول جمال المواطن المشرقي الذي يستميت من اجل الدفاع عن كل الشرق وهي الظاهرة التي صنعها زمن الضباط الاحرار والرومانسية الناصرية .. وتم كسر الرومانسية الناصرية عام 1967 لاحلال الحلم الساداتي محلها والذي هو باختصار النوم في العسل .. الحلم الساداتي كان يحلم بالرفاه ودولة اللاحرب ولذلك كان عليه تفكيك المنظومة الفكرية الناصرية القومية المشاغبة بطموحها بكل رومانسيتها والتخلص من تلك التركة في مصر وحول مصر .. وبناء منظومة كامب ديفيد .. ونجح الحلم الساداتي في استئصال النزعة العسكرية من نفوس المصريين بمعاهدة كامب ديفيد التي كانت مخدرا قويا فيما يتم انجاز العمل بصمت لتجريد مصر من كل اسلحتها التي كانت تحمي قناة السويس .. وأهم أسلحتها كان القومية العربية التي جعلت ضابطا سوريا مسيحيا يفجر نفسه في سفينة فرنسية (مسيحية) والذي كان يعني ان قناة السويس صارت محمية ب 200 مليون عربي .. وهذا هو رعب الغرب الذي وجد نفسه ان الحلم الرومانسي المصري وضعه وجها لوجه مع كتلة 200 مليون عربي مستعدين للموت..
وبعد 12 سنة فقط من كامب ديفيد تم ضرب العراق حيث تدربت القوات الامريكية في الصحراء المصرية بتسهيلات كامب ديفيد عبر كثير من المناورات على حروب الصحراء في ماسمي بسلسلة (مناورات النجم الساطع) والتي كانت تحاكي حربا في الصحراء وفيها عرفت مشاكل الحروب الحديثة في الصحراء وتم تجنبها كلها في حرب عاصفة الصحراء التي كانت تدريباتها تتم في صحراء مصر .. والمصريون لايعرفون انهم يحضرون مسرحا لقتل العراق ومن ثم اضعاف مصر واغتيال قناة السويس ونهر النيل ..
وبعد عشر سنوات اخرى تم الاجهاز على العراق نهائيا في احتلال مباشر .. فيما محبو منظومة كامب ديفيد في مصر ينامون في العسل ويسمع شخيرهم الى المريخ وهم يحمدون الله ان السادات كان فطنا وذكيا انه جنبهم هذه الصراعات والحروب .. فرغم كل ماقيل عن أسباب حرب العراق فان هناك سببا لم يتم التركيز عليه وهو ان التجارة القادمة من الصين تفكر في طريق بري على طريق الحرير من ايران الى العراق الى سورية .. وهذه قد تكون قناة سويس برية ..
ولذلك وضع اميريكا داعش في وسط الطريق .. وكان المراد قطع الطريق البري .. ليس من أجل قناة السويس بل من أجل الا تموت القناة البديلة الاسرائيلية التي صارت تتحضر بمشروع مدينة نيوم السعودي .. الذي لايوجد اي سبب لبنائها الا انه ليخدم مشروعا اسرائيليا ما ..
بعد تدمير طريق الحرير بما يسمى (الثورة السورية) .. وميناء بيروت .. وتعطيل قناة السويس .. صار الحل الوحيد لتجارة أسيا والغرب في اسرائيل فقط .. فكل الطرق الدولية تمر من اسرائيل .. طريق حيفا – دبي البري .. وقناة ايلات -المتوسط .. وهذه الطرق كلها بيد الغرب طالما هي بيد اسرائيل حيث لايوجد ناصر ولارومانسية ناصرية .. والغرب موجود في الخليج المحتل والذي تم نشر جاليات غير عربية بشكل واسع فيه لاعلان هوية جديدة لاعلاقة لها بمنظومة الناصريين والقوميين العروبيين الذين قد يهددون الطرق الدولية ..
من جديد سيخرج علينا أصحاب النوم في العسل ويسخرون من نظرية المؤامرة لان وظيفتهم هي تطبيع المؤامرة .. اي جعل المنظر التآمري منظرا طبيعيا لا يد للانسان فيه .. فهم يرون ان داعش ليست مؤامرة امريكية لقطع التواصل الجغرافي وقاعدة التنف التي تجثم على الطريق الواصل من العراق الى سورية ليست الا بالصدفة .. والربيع العربي ليس مؤامرة بل بسبب توق الشعوب العربية الى الكرامة والحرية .. وليس لان الشعوب البسيطة صارت لها وظيفة تنفيذ المشاريع الغربية دون ان تدري .. والقذافي قتل بسبب غضب الجماهير وليس لأنه اراد تحقيق فكرة نكروما بالولايات المتحدة الافريقية وصك عملة ذهبية لها .. واليوم وبعد مرور 130 سنة على افتتاح قناة السويس يتقرر ان باخرة عملاقة تنفذ عملية انتحارية في قناة السويس .. لأن السفن تحركها الامواج وليس الرياح .. فاين هي الامواج في قناة السويس كي تجنح بها سفينة .. ولايمكن ان تحرك الرياح هذا الجبل العملاق الذي طوله 400 متر ويحمل مايعادل 100 الف سيارة .. ليجنح بهذه الزاوية مالم تكن عملية انتحارية للسفينة التي ارتطمت بالضفة الشرقية للقناة .. فما هذه الصدفة في انها حدثت بعد تفجير ميناء بيروت وبعد تفعيل الاتفاق التجاري بين دبي وحيفا؟؟ وبعد تعطل طريق الحرير السوري؟؟ ماذا سيحل المصريون اليوم من مشاكل خلقها لهم الوهم الساداتي والحلم الساداتي الذي كان نوما في العسل؟؟ سد النهضة يسرق مياههم وقناة السويس تسرق منهم ..
النيل سرق في اثيوبية .. وقناة النيل كثرت سكاكينها .. بين حلمين تصارعا .. بين سفينتين انتحاريتين .. سفينة قادها جول جمال الضابط البحري السوري من أجل قناة السويس في الحلم الرومانسي الناصري .. وسفينة انتحارية صنعها زمن الحلم والنوم في عسل كامب ديفيد .. سفينة نعلم ان من أرسلها هو نفسه من أرسل الانتحاريين الى بغداد ودمشق والى ابراج نيويورك .. ونسف موكب الحريري .. ونسف ميناء بيروت .. ومن أراد ان يكسر الشرق .. ويقيد كل جرائمه ضد مجهول ..
=============================
يذكرني هذا الحدث بفيلم مصري لمحمود ياسين (بعنوان وقيدت ضد مجهول) كأنه نبوءة عن اليوم لنوستراداموس .. كان يلعب فيه دور شرطي بسيط للحراسة ولكن في كل حي يحرسه كانت تزداد السرقات فقرر رئيسه وضعه لحراسة الاهرامات .. فلاشيء يسرق هناك .. ولكن الهرم الاكبر يختفي ويسرق .. فيقرر رئيسه وضعه في مناوبة حراسة على كورنيش النيل .. فماذا سيسرق هناك ؟؟ ولكن ينتهي الفيلم بتلفون مفاجئ لرئيس الشرطة ليبلغه بأن نهر النيل سرق !! في رمزية عن سرقة رمزية مصر ..
يخلط كثير من أنصار التطبيع مع العدو الصهيوني بين الاتفاقيّات المزعومة التي وقعها بعض المسؤولين السياسيّين في لحظة تاريخيّة ما، وبين التطبيع في العلاقات مع العدو، وهناك من يتطرّف في تصوره ويعتبر معارضي عملية التطبيع خارجين عن الثوابت الوطنية، بل طالب الأكثر تطرفاً منهم السلطة السياسية بضرورة محاكمة معارضي التطبيع، باعتبارهم مرتكبي جرائم وخارجين على القانون، في تصور خاطئ منهم بأن الاتفاقيات المبرمة مع العدو قد أصبحت ملزمة للشعب بحكم التصديق عليها من قبل المجلس النيابي، والذين يخلطون الأوراق لا يستطيعون التفرقة بين الاتفاقيّات السياسية التي يعقدها المسؤولون السياسيون وبين عملية تطبيع العلاقات التي هي بالأساس ذات طابع شعبي بعيدة كل البعد عن الاتفاقيات السياسية وهذه العلاقات الإنسانية التطبيعية لا يمكن لمخلوق أن يلزم الشعوب في علاقاتها وممارساتها اليومية بتطبيقها.
فملابسات توقيع الاتفاقيات السياسيّة تؤكد دائماً أنها وجهات نظر المسؤولين السياسيين الذين يوقعونها والتي يصرّون عليها بغض النظر عن موقف شعوبهم منها، وعلى الرغم من أن الدساتير قد تنصّ على ضرورة الاستفتاء على مثل هذه الاتفاقيات أو موافقة المجلس النيابي عليها باعتباره ممثلاً ووكيلاً عن الشعب فإن إرادة مَن في السلطة غالباً ما تفرض في هذه الحالة، لكن تظل الاتفاقية ملزمة فقط لمؤسسات الدولة السياسية، أما عملية التطبيع والتي تشكل أحد بنود اتفاقيات السلام المزعومة مع العدو فترتبط بقرار الشعب نفسه، لذلك فهي ليست ملزمة للشعوب، فالعقل الجمعي الشعبي المصري والعربي قد استقر على أن العدو الصهيونيّ هو العدو الأول لأمتنا العربية ولا يمكن أن نقبل التطبيع معه رغم عقد اتفاقيات رسمية من قبل السلطة السياسية.
وتُعدّ اتفاقية كامب ديفيد التي وقعها الرئيس السادات عام 1979 مع العدو الصهيوني خير شاهد وخير دليل، ففي أعقاب نصر أكتوبر 1973 ويمكن قبله بدأ الرئيس السادات في التفكير والتشاور والتفاوض مع الأميركان والصهاينة للترتيب لإنهاء حالة العداء مع العدو الصهيوني على المستوى الرسمي، وجاءت أولى الخطوات العملية بالإعلان المذهل للرئيس السادات أمام البرلمان المصري في عام 1977 بعزمه على الذهاب إلى القدس والتحدث أمام الكنيست، وبعد خطابه بأيام قليلة تلقى الدعوة من حكومة العدو الصهيوني مرحبة بحرارة بالزيارة التي تمّت في 9 نوفمبر 1977 وفي أعقابها بدأت محادثات السلام المزعومة التي انتهت بتوقيع اتفاقية كامب ديفيد بين الرئيس السادات ورئيس وزراء العدو الصهيوني مناحيم بيغن في 17 سبتمبر 1978 بعد مفاوضات سرية استمرت 12 يوماً برعاية الرئيس الأميركي جيمي كارتر، وفي 26 مارس 1979 تم التوقيع على معاهدة السلام المصرية الاسرائيلية في واشنطن عاصمة الولايات المتحدة الأميركية.
وأثارت اتفاقية السلام المزعومة ردود فعل معارضة في مصر ومعظم الدول العربية سواء على المستوى الرسمي أو الشعبي، ففي مصر استقال وزير الخارجية محمد إبراهيم كامل لمعارضته الاتفاقية وأطلق عليها «مذبحة التنازلات» وكتب في كتابه «السلام الضائع في اتفاقيات كامب ديفيد» الذي نشر في مطلع الثمانينيات أن «ما قبل به السادات بعيد جداً عن السلام العادل»، وعلى الصعيد العربي عقد مؤتمر قمة رفضت فيها الاتفاقية واتخذت جامعة الدول العربية قراراً بنقل مقرها من القاهرة إلى تونس احتجاجاً على الاتفاقية المزعومة، وعلى المستوى الشعبي خرجت التظاهرات الرافضة في كل العواصم العربية بما فيها العاصمة المصرية، ورغم حالة الرفض الرسمي والشعبي استمر الرئيس السادات في طريق استكمال إجراءات الاتفاقية بما يتوافق مع الدستور المصري، حيث عرض الاتفاقية على البرلمان بعد 15 يوماً من توقيعها، وتصدّى للمعاهدة 16 نائباً فقط وعلى الرغم من موافقة الأغلبية إلا أن صوت المعارضة كان مدوياً ومدعوماً شعبياً فاضطر في اليوم التالي لجلسة البرلمان 11 أبريل 1979 إعلان حل مجلس الشعب، وطرح المعاهدة للاستفتاء الشعبي طبقاً لنصوص الدستور، كما طرح حل المجلس للاستفتاء أيضاً، وجاءت النتيجة موافقة بالإجماع، وتمت دعوة الناخبين لانتخابات جديدة في يونيو 1979.
وعلى الرغم من تمرير الرئيس السادات للاتفاقية السياسية على المستوى الرسمي إلا أنه لم يتمكن من تمرير بند التطبيع لأنه يتعلق بالعقل والضمير الشعبي، لذلك لم تحاول السلطة السياسية في مصر على مدار ما يزيد عن الأربعة عقود كاملة فرض بند التطبيع على الشعب المصري، لإدراكها أن التطبيع ليس قراراً سياسياً كالاتفاقية المزعومة. فالاتفاق السياسي لا يمكن أن يغير كراهية الشعب للعدو الصهيوني الملوثة أياديه بدماء شهداء الوطن، والمغتصب للأرض العربية والتي تقر الاتفاقيات المزعومة باستمراره في احتلالها، فالشعب يؤمن بأن معركته مع العدو معركة وجود وليس حدود كما يفهمها القادة السياسيون الذين يوقعون الاتفاقيات، وما عرضناه بالنسبة لكامب ديفيد هو نفسه ما يمكن عرضه وقوله بالنسبة لاتفاقية أوسلو ووادي عربة.
وعندما حاول العدو الصهيوني قبل أيام اختبار التطبيع مجدداً مع الشعب المصري عبر ممثل شهير يمتلك قاعدة جماهيريّة عريضة بين الشباب المصري معتقدين أن هؤلاء الشباب الذين ولدوا بعد كامب ديفيد قد يسهل اصطيادهم لفخ التطبيع، وجدوا أنفسهم في مآزق شديد ولمسوا بأنفسهم حجم الكراهية والرفض الشعبي عبر مواقع التواصل الاجتماعي التي اخترعوها كوسيلة للتجسس وقياس الرأي العام داخل مجتمعاتنا، ولعل العبارة التي أطلقها الممثل يلوم فيها جمهوره على خذلانه خير رسالة للعدو الصهيوني أن محاولاتهم لن تؤتي بثمارها.
وهنا نعود لأنصار التطبيع محدودي العدد والقدرات العقلية داخل المجتمع المصري والعربي ونقول لهم كفى تزييفاً للوعي وخلطاً للأوراق. فالاتفاقيات المزعومة ملزمة لمؤسسات الدولة السياسية، أما التطبيع فهو قرار شعبي بامتياز، وأي مسؤول سياسي حتى ولو كان رئيس الدولة قد يلتزم بالاتفاقيات الموقعة مع العدو ما دام في موقعه السياسي، لكن حين يتحدث بوصفه مواطناً عادياً فسوف يرفض أي لقاء ولن يقبل بالتقاط صورة واحدة مع أحد أبناء العدو الصهيوني، اللهم بلغت اللهم فاشهد.
تتشكّل خريطة جيوسياسية جديدة وتعيد رسم المشهد الشرق الأوسطي (أ ف ب )
كتب الأمير تركي الفيصل، رئيس الاستخبارات العامة السعودية سابقاً والسفير السعودي السابق في لندن وواشنطن، رسالة في 7 تموز/ يوليو 2014، موجّهة إلى “مؤتمر إسرائيل للسلام” في تل أبيب، جاء فيها: “تخيّلوا أني أستطيع ركوب الطائرة من الرياض وأطير مباشرة إلى القدس.. يا لها من لذة ألّا أدعو الفلسطينيين فقط، بل الإسرائيليين الذين سألقاهم أيضاً، ليأتوا لزيارتي في الرياض، حيث يستطيعون التجوّل في بيت آبائي في الدرعية التي تشبه معاناتها التي نالتها من قهر إبراهيم باشا معاناة القدس على يد نبوخذ نصر والرومان”.
لم تكن تلك من تنبّؤات نوستراداموس، بل هو قرار مضمر منذ عقود، وضعه بن غوريون، أحد مؤسّسي الكيان، نصب أهدافه قائلاً: “إن المصالحة التاريخية بين اليهود والعرب لن تتمّ إلا على يد آل سعود”. في المقابل، آمن الملوك السعوديون بأن شرط وجود كيانهم واستقراره ليس في تعزيز ثقة الشعب، وإنما في بناء تحالف مع الدولة العبرية برعاية أميركية.
زيارة رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، لجدّة، ومدينة “نيوم” السياحية على وجه التحديد، يوم الأحد الماضي، ولقاؤه ولي العهد السعودي، محمد بن سلمان، سوف تبقى شأناً إعلامياً إسرائيلياً لبعض الوقت، قبل أن تتلقّفه وسائل الإعلام الغربية والأميركية، مع تمنّع سعودي خجول قبل أن يصبح واقعاً، ويتولّى الإعلام السعودي نفسه الدفاع عنه والتطبيل له. وهكذا هي قصة التطبيع السعودي ــــ الإسرائيلي، يبدأ بتسريب خبر في الإعلام العبري، ثمّ يكتسب صدقية بنسبة الخبر إلى مسؤول إسرائيلي يكشف عن هويته لاحقاً، ثم ينتشر فيصبح واقعاً لا يقاوَم. ما يلفت في خبر الزيارة ليس أصل حصولها، بل ردّ الفعل عليها؛ إذ إنها كانت واردة على الدوام، في ظلّ التسريبات المتلاحقة منذ شهور حول قرب توقيع “اتفاقية سلام” بين الرياض وتل أبيب، والمصمّمة لغرض تأهيل الأجواء لبلوغ التطبيع حيّز الإعلان. السؤال هنا: هل الهرولة السعودية نحو التطبيع تأتي وفق حسابات محلية، كما هي الحال بالنسبة إلى نتنياهو المأزوم داخلياً، أم هي مؤسَّسة على حسابات وطنية وقومية ودينية؟ الجواب كلا، ببساطة لأن شعب الجزيرة العربية في غالبيته الساحقة لا يتمنى اليوم الذي تطأ فيه أقدام الصهاينة جزيرة العرب.
اضطلاع الرياض بدور الموجّه الخفيّ لمسيرة التطبيع في صيغتها الأخيرة، كما ظهرت في تدشين علاقات طبيعية بين الكيان الإسرائيلي وكلّ من الإمارات والبحرين والسودان، ليس منفصلاً عن أدوار سابقة طبعت مسيرة تطبيع تعود إلى عام 1981، حين تَقدّم وليّ العهد حينذاك، فهد بن عبد العزيز، الملك لاحقاً، بأوّل “مبادرة سلام” تتضمّن، من بين بنودها الثمانية، اعترافاً جماعياً بالكيان الإسرائيلي. أريد للمبادرة حينذاك أن تكون “مشروعاً عربياً”، كما أراده فهد في قمّة فاس، ولكن اعتراض عدد من الأنظمة العربية إلى جانب قيادة “منظمة التحرير الفلسطينية”، أفضى إلى سحب المشروع من التداول، وأسبغ عليه صفة “المشروع السعودي”.
نحن أمام معادلة جديدة ربح فيها الإسرائيلي المعركة، وأَخرج السعودية من سوق المزيدات
أثارت المبادرة السعودية أسئلة مشروعة عن الدوافع والغايات، بالنظر إلى قرب عهد العرب بصدمة توقيع الرئيس المصري الأسبق، أنور السادات، اتفاقية سلام مع الكيان الإسرائيلي. كانت الإجابة تَتطلّب قراءة مختلفة لسياق الوقائع الإقليمية والدولية. إذ إن المنطقة كانت تشهد حينذاك تحوّلاً كونياً على وقع الثورة الإسلامية الإيرانية وتداعياتها داخلياً (انتفاضة الحرم بقيادة جهيمان العتيبي في تشرين الثاني/ نوفمبر 1979، وانتفاضة المحرّم في المنطقة الشرقية في كانون الأول/ ديسمبر من العام نفسه)، وخليجياً (انتفاضة شعبية في البحرين في كانون الأول/ ديسمبر 1979، وتالياً محاولة قلب نظام الحكم في 1981)، إلى جانب التداعيات العربية والدولية. أدركت السعودية، في وقت مبكر، أن سقوط أحد العمودين المتساندين، أي إيران، يتطلّب إجراءً عاجلاً للحيلولة دون سقوط العمود الآخر. كما أدركت الرياض، حينذاك، أن الوصول إلى قلب البيت الأبيض يمرّ عبر تل أبيب، وهذا ما ظهر جليّاً في كلّ الأزمات التي واجهت الرياض على مدى أربعة عقود. في آذار/ مارس 2002، تقدّم ولي العهد، عبد الله بن عبد العزيز، الملك لاحقاً، بـ”مبادرة سلام” أخرى معدّلة، تضمن حق الكيان الإسرائيلي في الوجود، ولا تتمسّك بحق العودة كثابت غير قابل للنقاش.
كانت السعودية في أسوأ حالاتها، ولأول مرة يتمّ تصنيفها بـ”بؤرة الشر” من قِبَل الحليف الأميركي، على خلفية اتهامات لها بالضلوع في هجمات الحادي عشر من أيلول/ سبتمبر. مَثّلت المبادرة السعودية، التي أُعلن عنها في “قمة بيروت” محاولة لفكّ العزلة الدولية وتلميع صورة النظام السعودي، بصفته الراعي الرسمي لأيديولوجية الكراهية العابرة للقارات. لم تحظ المبادرة بتوافق رسمي عربي، على الرغم من الجهود الكثيفة التي بذلتها الرياض لسنوات طويلة، وتخلّلتها نشاطات تطبيعية، من بينها لقاءات الأمير تركي الفيصل، وعادل الجبير، السفير السعودي ووزير الخارجية سابقاً ووزير الدولة للشؤون الخارجية حالياً، مع مسؤولين إسرائيليين مثل تسيبي ليفني، وزيرة خارجية الكيان سابقاً، ورئيس الحكومة الإسرائيلية الأسبق إيهود باراك في تموز/ يوليو 2013 وآخرين، إضافة إلى مشاركات مكثّفة في ندوات أمنية وسياسية برعاية إسرائيلية، ولقاءات مع مسؤولين إسرائيليين في الخليج وفي عواصم أوروبية وأميركية.
تلزيم “صفقة القرن” لوليّ العهد، محمد بن سلمان، شرطُ تتويج. وقد أمضى الرجل عامَي 2018 و2019 من أجل إقناع الأردن والسلطة الفلسطينية على نحو الخصوص بمتطلّبات الصفقة، وعلى رأسها التخلّي عن القدس الشرقية وحق العودة. كان سقف المطلب السعودي، ومِن خلفه الأميركي والإسرائيلي، عالياً إلى القدر الذي مسّ بصميم السيادة الفلسطينية والشرعية الدينية والتاريخية للعائلة الهاشمية، ناهيك عن رفض كثير من الدول العربية مشروع سلام لا يقوم على حلّ الدولتين ولا تكون القدس الشرقية فيه عاصمة للدولة الفلسطينية.
في النتائج، لم يكن الخروج على المبادرة العربية بنسختها السعودية قراراً إماراتياً أو بحرانياً أو حتى سودانياً، بل كان قراراً سعودياً بالدرجة الأولى. سِجلّ التطبيع منذ مطلع الألفية حتى الآن كان يحمل البصمة السعودية، وقد تكفّلت الإمبراطورية الإعلامية التي يديرها الملك سلمان وأبناؤه والوليد بن طلال وخالد بن سلطان بمهمّة التطبيع النفسي والثقافي والإعلامي. لقد عبث الإعلام السعودي بسيكولوجية الرأي العام الخليجي، وإلى حدّ ما العربي، حتى باتت فكرة التطبيع وحضور المسؤول الإسرائيلي في المنتديات الخليجية بدرجة أساسية أمراً مألوفاً. وللقارئ تخيُّل ردود الفعل، إن وُجدت، على زيارة نتنياهو لبلاد الحرمين، ولقائه وليّ العهد السعودي في مكان لا يبعد سوى أقلّ من مئة كيلومتر عن مكة المكرمة.
لا فائدة مرجوّة من النفي السعودي أو من الصمت الرسمي الإسرائيلي، طالما أن ركب التطبيع يسير كما تَقرّر سعودياً وإسرائيلياً وأميركياً. فنحن أمام خريطة جيوسياسية جديدة تتشكّل وتعيد رسم المشهد الشرق الأوسطي، على وقع انقسامات في النظام الرسمي العربي، واختلال موازين قوى إقليمية ودولية.
خطورة زيارة نتنياهو ليست في الأجندة المباشرة المعلَن عنها، لأن في ذلك تبسيطاً للمستور من أصل العلاقة، بل وأصل الشراكة الاستراتيجية التي سوف تفرض نفسها في العلاقات البينية العربية والإقليمية والدولية. نحن أمام معادلة جديدة ربح فيها الإسرائيلي المعركة، وأَخرج السعودية، شريكه الاستراتيجي، من سوق المزيدات. إذ لم تعد فلسطين بالنسبة إلى الرياض قضية، فضلاً عن كونها القضية، بل باتت العبء الذي تريد الخلاص منه، وهذه المرّة تفعل ذلك بنحر “مبادرة السلام” التي تبنّتها سابقاً، على علّاتها.
زيارة نتنياهو لجزيرة العرب هي تدشين لتاريخ جديد، يضع شعب الجزيرة العربية أمام خيارين: إما القبول بأن يكتب نتنياهو وابن سلمان هذا التاريخ بحبر الخيانة، أو أن يكتبه الشعب بدم التحرير من عار يرتكبه آل سعود بحق شعب يأبى إلا أن يكون مع فلسطين بلا شروط.
لم نكتب منذ فترة طويلة عن جماعة الإخوان المسلمين، على الرغم من أنّ غالبية مقالاتي منذ 25 يناير/ كانون الثاني 2011 وحتى 30 يونيو/ حزيران 2013 وما بعد ذلك بعام تقريباً لم تكن إلا عن الجماعة وخطورتها على المجتمع المصري، وكنت دائماً ما أحذر من ألاعيب أبناء وأحفاد البنا، وذلك من واقع خبرة علمية بفكر التنظيم وحركته التاريخية، واليوم أجد إلحاحاً من بعض الأصدقاء بضرورة العودة للكتابة مرة أخرى عن التنظيم وفكره وحركته بعد أن عاد للعمل من جديد ويحاول زعزعة الأمن والاستقرار بالداخل المصري، والقضاء على كلّ منجز تقوم به الدولة المصرية على طريق النهوض والتنمية، مستغلاً بعض الأخطاء من ناحية، وعدم القدرة على الفهم والتعامل مع ألاعيب الجماعة من ناحية أخرى.
ونعود إلى الخلف قليلاً ففي أعقاب 30 يونيو/ حزيران 2013 والإطاحة بالجماعة من سدة الحكم تحدّثنا عن الخيارات المتاحة أمام الجماعة باعتبارها إحدى القوى الاجتماعية والسياسية الفاعلة على الساحة المجتمعية المصرية – فهذه حقيقة علمية سواء قبلها البعض أو حاول إنكارها – ولعلّ محاولات إنكارها هي ما أوصلنا إلى هذه الحالة الراهنة التي كبرت فيها الجماعة وتوحّشت وكادت تبتلع الوطن بكامله، فأخطاء السلطة السياسية عبر ما يقرب من الخمسة عقود الماضية كانت سبباً في ما وصلنا إليه الآن من مواجهة شاملة مع هذه القوى الإرهابية، فعندما ظنّ الرئيس السادات أنه بإمكانه القيام بثورة مضادة لثورة 23 يوليو/ تموز 1952 يتخلّص على أثرها من خصومه السياسيين من الناصريين والشيوعيين فاستعان على الفور بخصمهم العنيد جماعة الإخوان المسلمين فأخرجهم من السجون والمعتقلات وأطلق سراحهم لمواجهة هؤلاء الخصوم، لكن هذه المواجهة انتهت باغتياله شخصياً بعد أن ظنّ أنهم فرغوا من مهمّتهم التي أوكلها لهم، ثم جاء الرئيس مبارك ليسير في نفس الطريق حيث قرّر منذ البداية استمالة الجماعة وعقد صفقات تحتية معها، تمكنت على أثرها من التغلغل داخل بنية المجتمع انتظاراً للفرصة التي تمكنها من الانقضاض على السلطة السياسية وانتزاعها، وساعدتها على ذلك سياسات مبارك المنسحبة من الأدوار الرئيسية للدولة وتخليها عن مسؤوليتها الاجتماعية والاقتصادية تجاه مواطنيها، مما خلق فراغاً تمكنت هذه الجماعة وحلفائها من ملئه خاصة في الأحياء والمناطق الأكثر فقراً في الريف والحضر.
وفي أعقاب الإطاحة بالجماعة من سدة الحكم طرحنا مجموعة من الخيارات المتاحة أمامها، من خلال قراءة علمية نقدية في أدبيات الجماعة الفكرية، وحركتها التنظيمية، وتجاربها التاريخية داخل المجتمع المصري، وتوصلنا إلى ثلاثة خيارات متاحة أمامها في اللحظة الراهنة وهي:
1
ـ إلى الأمام، والاعتذار عن الفشل وإعادة النظر في تجربتها والاندماج مرة أخرى في المجتمع بعد مصالحة يتمّ على أثرها معاقبة من أخطأ.
2
ـ إلى الخلف، وخوض مواجهة مفتوحة مع الجميع المجتمع والدولة والسلطة السياسية، وهذا خيار اللاعودة، فإما الانتصار باستخدام الإرهاب على الشعب والحكومة والدولة، أو الانتحار.
3
ـ في المكان، واتّباع مبدأ التقية والعودة مرة أخرى لعقد صفقات وتحالفات مرحلية ومؤقتة مع السلطة السياسية، كما كان يحدث في الماضي، وهي لعبة تجيدها الجماعة تاريخياً، بل هي جزء من عقيدتها حيث اتقاء شرّ السلطة السياسية حين تكون الجماعة في مرحلة استضعاف، وهو ما تمّ على مدار حكم مبارك، ثمّ انتهاز الفرصة للانقضاض عليه والإطاحة به والجلوس محله، وهي المرحلة التي تعرف بمرحلة الاستقواء والتمكين.
وكنا قد أكدنا أنّ كلّ الشواهد والأدلة والبراهين تشير إلى أنّ الجماعة تسير بالفعل في اتجاه اللاعودة أيّ الخيار الثاني إلى الخلف، فالجماعة قد حسمت أمرها وقرّرت خوض معركة إلى الخلف للنهاية، وذلك من خلال تحالفها مع باقي الجماعات الإرهابية التي خرجت من تحت عباءتها والتي تطلق على نفسها مسمّيات مختلفة – سلفية وجهادية وغيرها – حيث أعلنوا النزول ضدّ الشعب والدولة والسلطة السياسية في مواجهة شاملة سيقومون من خلالها باستدعاء كلّ الحيل التاريخية لقوى الإسلام السياسي التي استخدمت من أجل الوصول إلى السلطة والسيطرة على مقاليد الحكم باسم الله والدين، والله والدين منهم براء، لكن الجديد في الأمر هو استخدام الجماعة وأعوانها حيل جديدة حيث استخدمت المنصات الإعلامية في الخارج سواء في تركيا أو قطر، وشكلت كتائب إلكترونية على مواقع التواصل الاجتماعي تعمل على مدار الساعة لنشر الفتن والأكاذيب وتضخيم الأحداث الصغيرة، والدعوة الدائمة للخروج والتظاهر مستغلين بعض السياسات غير الرشيدة من السلطة السياسية سواء على المستوى الاجتماعي أو الاقتصادي أو السياسي.
لذلك يجب أن يعي الشعب المصري والسلطة السياسية معا أنّ المعركة الراهنة، هي الخيار الأخير أمام هذه الجماعة الإرهابية، وعلى الجميع أن يتوحّد تحت مظلة الوطن فالمعركة لا يمكن أن تحسم من خلال الأجهزة الأمنية فقط – جيش وشرطة – وإنما تحتاج لدعم شعبي ومواجهة مجتمعية شاملة على كافة المستويات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية والثقافية والدينية والإعلامية، وليدرك الجميع أنّ هذه المعركة ستطول ولن تحسم في المنظور القريب، وما المعركة الدائرة اليوم من خلال تحريض المواطنين الغاضبين من بعض السياسات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية إلا جولة من جولات الصراع بين الوطن وأعداء الوطن، لذلك لا بدّ أن تتحرك السلطة السياسية لنزع فتيل الغضب بمجموعة من السياسات المنحازة للفقراء والكادحين والمهمّشين، وإحداث إصلاح سياسي حقيقي ووقف العبث الذي تمّ في انتخابات مجلس الشيوخ، والذي يتمّ في انتخابات مجلس النواب، خاصة أنّ أبناء وأحفاد البنا ما زالوا يتلاعبون بالعقول وينفخون في النار، اللهم بلغت اللهم فاشهد.
يأتي يوم 28 سبتمبر/ أيلول 2020، ليذكرنا بالذكرى الخمسين لرحيل الزعيم جمال عبد الناصر، أيّ نصف قرن من عمر الزمن والتاريخ، وذلك وسط متغيّرات وظروف بيئية في منتهى القسوة إقليمياً ودولياً، بل ومحلياً داخل الأقطار العربيّة. فنحن نعيش عصر التدهور العربي خاصة في محور الرجعية العربية، مقابل تصاعد محور المقاومة الذي يواجه ضغوطاً غير مسبوقة، ومع ذلك يحقق الانتصارات تباعاً.
ومن أهمّ المتغيّرات التي يواجهها الإقليم والقضية الفلسطينية، ما حدث من اختراق رسمي وعلني صهيوني لدول الخليج التي كانت عربية، لتسقط الدولة تلو الأخرى في براثن الكيان الصهيوني (إسرائيل)، بإعلان التطبيع وتأسيس العلاقات بينهم وبين “إسرائيل”. وفي المقدّمة رسمياً (الإمارات – البحرين)، والبقية في الطريق بقيادة رأس الرجعية العربية وهي المملكة السعودية، وذلك عدا دولة الكويت التي أعلنت رفضها القاطع للتطبيع مع الكيان الصهيوني.
تلك الإشارة هي التي تتعلق بالذكرى الخمسين لرحيل عبد الناصر الذي كان يمتلك رؤية كاملة وشاملة وواضحة إزاء العداء لهذا الكيان الصهيوني منذ بداية قيامه ورفاقه بثورة 23 يوليو 1952، ولعلّ السبب الرئيسي الذي ساهم في بناء رؤيته، هو مشاركته في حرب 1948، التي كانت بداية لتفتح ذهنه وعقله وإدراكه حقائق القضية، وعاد منها مكسوراً، حيث رأى أنّ الطريق لتحرير فلسطين هو تغيير الداخل في مصر والثورة عليه، لتكون البداية لقيادة مصر للصف العربي في مواجهة الاستعمار. فكيف نقضي على الاستعمار الصهيوني في فلسطين، والاستعمار الإنجليزي موجود في مصر، ورأس الحكم (الملك) يتحالف معه ضدّ الشعب والحركة الوطنية؟! فلا بد إذن من تحرير مصر أولاً، وهو ما حدث وقامت ثورة 23 يوليو/ تموز 1952، بقيادة جمال عبد الناصر.
فقد كان عبد الناصر، طبقاً لما هو وارد في “فلسفة الثورة”، وأكده في الكثير من خطبه، أنّ الأعداء السياسيين لمصر والوطن العربي كله، هم: (الاستعمار العالمي – الصهيونية – الرجعية العربية)، وأنّ الطريق للمواجهة الشاملة مع هؤلاء الأعداء تكون بتحقيق الاستقلال الوطني والتنمية المستقلة والشاملة لتحقيق النهضة الحقيقية بالاعتماد على الذات وتحقيق التقدم من خلال التعليم الواسع والصحة والثقافة والإعلام الجيد. فضلاً عن تبنّي مشروع تنموي حقيقي عموده الفقري “الصناعة والزراعة”. ولذلك أنجز بعد التمصير والتأميم، نهضة صناعية قوامها مشروع الـ (1400) مصنع، شاملاً الصناعات الاستراتيجية كالحديد والصلب والفوسفات والسيارات، وغيرها كما أنه في مواجهته للاستعمار خاض معركة بناء السدّ العالي الذي رفض تمويله البنك الدولي وصندوق النقد، فقرر الاعتماد على الذات ودعم الصديق الدولي (الاتحاد السوفياتي)، وتمّ بناء السدّ في (10) سنوات (1960 – 1970م).
حيث إنّ السدّ العالي، ساهم في توليد الكهرباء وهي أساس مشروع النهضة الحديثة في الصناعة والزراعة، وتوصيل الكهرباء للريف المصري وكلّ أنحاء مصر. كما أنّ كلّ ذلك – حسبما رأى وفعل – مهدّد إذا ما لم يتأسّس على تحقيق العدالة الاجتماعية وبناء طبقة وسطى، ودعم الكادحين، وعمودها الفقري العمال (صناعيين وزراعيين)، وموظفو الدولة والقطاع العام.
ولذلك، فقد أصدر جمال عبد الناصر، قانون الإصلاح الزراعي في 9 سبتمبر/ أيلول 1952، بوضع الحدّ الأقصى للملكية (200 فدان – صارت بعد ذلك إلى (50) فدانا، وقام بتوزيع الباقي على الفلاحين ليتحوّلوا من أجراء إلى ملاك، فيتم إصلاح حال البناء الطبقي في مصر في ضوء ذلك تدريجياً، وأعاد بذلك توزيع الدخل القومي والثروة لصالح الأغلبية.
ثم خاض معركة تأميم قناة السويس في 26 يوليو/ تموز 1952، ويستردّها للشعب، بعدما طرد الاستعمار الإنجليزي، وذلك بعقد اتفاقية الجلاء، وبعد رفض البنك الدولي والصندوق تمويل السدّ العالي، كعقبة أمام استقلال واستقرار مصر، فكان ردّه العاجل والمباشر هو تأميم قناة السويس، واستعادة ملكيتها للشعب المصري، فكان ردّ فعل الاستعمار هو العدوان الثلاثي (بريطانيا – وفرنسا – “إسرائيل”) على بور سعيد، والذي فشل، وانتصرت مصر التي أدركت ما وراء وجود هذا الكيان الصهيوني في المنطقة العربية كخنجر في ظهر الأمة العربية.
ولم يهدأ الاستعمار والصهيونية والرجعية، وذلك بافتعال أزمة، أسهمت في نكسة 1967، وكان عبد الناصر يتمتع بحسّ المسؤولية، حيث أعلن عن مسؤوليته وتنحى عن منصبه، إلا أنّ جماهير مصر الواعية أدركت عمق المؤامرة على مصر وفلسطين والعرب، وتمسكوا به، وأجبروه على التراجع فما كان منه إلا أن أعاد بناء القوات المسلحة بنفسه، وأدار حرب الاستنزاف على مدار (1000) يوم وأكثر من (1400) عملية عسكرية ضدّ “إسرائيل”، وأعدّ خطط الحرب النهائية (جرانيت1، جرانيت2، والخطة 200). ولكن القدر لم يمهله حتى يحقق النصر الكامل على الأعداء، ولكن ما حققه كان المقدمة لحرب أكتوبر 1973، بحسم.
وفي أعقاب النكسة، دعا عبد الناصر لعقد لقاء قمة عربية في الخرطوم، ليعلن اللاءات الثلاث وهي: (لا.. للصلح، لا.. للتفاوض، لا.. للاعتراف).
هذه هي مكونات الموقف العربي الشامل ضد الكيان الصهيوني ومن ورائه من استعمار ورجعية عربية متآمرة حذرنا جمال عبد الناصر، كثيراً، من خطورتها باعتبارها عميلة الاستعمار الأميركي.
فقد عرضت عليه مشروعات للتصالح مع “إسرائيل”، يستردّ بها كل سيناء مقابل الصلح، ورفض معلناً أنّ “فلسطين قبل سيناء”. إلا أنّ القوى المضادة لعبد الناصر ومشروعه، بدأت خطواتها من داخل مصر في عهد السادات. فلم يكن السادات ينوي الحرب لتحرير الأرض التي احتلتها “إسرائيل”، والدليل طرحه لمبادرة فتح جزئي لقناة السويس، في 4 فبراير/ شباط 1971، وفتح قنوات الاتصال بالمخابرات الأميركية وإدارتها، عبر المخابرات السعودية ومديرها آنذاك كمال أدهم، فضلاً عن قيامه بتأزيم العلاقات مع الاتحاد السوفياتي وطرد خبرائه في يوليو/ تموز 1972! لكن كان للقوات المسلحة المصرية بالتنسيق مع القوات المسلحة السورية (الجيش الأول)، والقيادة السورية، الكلمة الفصل وممارسة الضغوط عليه، حتى قبل الدخول في الحرب ووافق على قرار الحرب، وبعد العبور وتدمير خط بارليف في (6) ساعات، وفي اليوم نفسه (6) أكتوبر/ تشرين الأول بدأ فتح قناة الاتصال مع الأميركان للتراجع للأسف! وازدادت ضراوة القوة المضادة للناصرية بقيادة السادات، بعد حرب أكتوبر، إيذاناً بعصر الانفتاح، والرأسماليّة، وعودة الإقطاع، والتصالح مع الرجعية العربية، والتواصل مع أميركا.. لتصل الأمور لقمتها بالذهاب للقدس 1977، ثم كامب ديفيد 1978، ثم المعاهدة المصرية الإسرائيلية عام 1979! كمحاولة لطوي صفحة الصراع العربي الصهيوني، إلى صفحة “السلام الوهمي”! وكان الهدف هو تعبيد الأرض لسلامات وانكسارات باتفاقيات مشبوهة في وادي عربة وأوسلو، إلى أن تمّ مؤخراً مع الإمارات والبحرين، والبقية الخليجية في الطريق كما هو معلن للأسف مع الكيان الصهيوني، رسمياً، والداعم أو الراعي الرئيسي له وهو ترامب، الرئيس الأميركي، في محاولة لإنقاذه من الرسوب في الانتخابات المقرّر لها بعد شهر وأيام من الآن، وإنقاذ نتنياهو من السجن والعزل!
ختاماً: فإنه في ظلّ الذكرى الخمسين لرحيل الزعيم جمال عبد الناصر، مؤسّس فكر المقاومة الحقيقي، يمكن القول بأننا سنظلّ على الطريق مقاومين للتبعية، ومقاومين للكيان الصهيوني حتى الزوال وتحرير كلّ فلسطين من النهر إلى البحر.
وسنظلّ متمسكين باللاءات الثلاث، (لا صلح.. لا تفاوض.. لا اعتراف).
كما سنظلّ مقاومين لتحقيق الاستقلال الوطني والتقدم والحرية والاعتماد على الذات وتحقيق الديمقراطية، حتى بلوغ الوحدة العربية قريباً إنْ شاء الله…
تشكلت الدولة الكيانية – القطرية في عموم العالم العربي بحدودها وهوياتها الوطنية الضيقة وفق خرائط الأجنبي وإرادته، الذي رسم وتقاسم مناطق النفوذ مع أجنبي آخر، حتى انّ بعض هاتيك الحدود كانت تُرسم بأقلام الرصاص، فهي قابلة للتعديل والإزاحة، وفق المستجدات والتقاسمات وموازين القوى عند الأجنبي المستعمر. بهذه الطريقة رسمت حدود الدويلات في خرائط الاتفاق الانجلو – فرنسي المعروف باتفاق سايكس بيكو الذي رسم حدود الدول السورية، ثم في الحجاز في شمال الجزيرة العربية حيث سُمح لسلطان نجد عبد العزيز بطرد الهاشميين من الحجاز وضمّ الحجاز لما أصبح يُعرف لاحقاً بالمملكة العربية السعودية، وكذلك نصّب الحكام وفق ما تقتضي ضرورات السياسة، فلا يكفي أن يكون الحاكم مدعوماً ومنسجماً مع الأجنبي المستعمر، وإنما يجب أن يبقى على شيء من الضعف وشيء من عدم المشروعية، ليبقى رهينة لمن جاء به.
الهاشميون في الحجاز هم أبناؤها ويملكون شرعية الشرف (بالمعنى الديني) من خلال سدانتهم للحرمين المكي والمدني، فتمّ نقلهم إلى دمشق ثم إلى العراق والأردن، فيما مُنحت الحجاز لعبد العزيز، الذي لا يملك الشرعية الروحية ولا الانتماء للحجاز وأهلها الذين كانوا ينظرون إليه على أنه بدويّ نجديّ جلف، منتمٍ إلى المذهب الوهابي غير الإجماعي. ولطالما تكرّرت هذه التجربة في المغرب العربي، وفي سبعينات القرن الماضي، عندما رسم الانجليز الحدود بين ما كان يسمّى في حينه الإمارات المتصالحة، والتي أصبحت في ما بعد دولة الإمارات العربية المتحدة وقطر والبحرين.
الشاهد الأول في هذا المقال، أنّ هذه الهوية الكيانية – القطرية الضيقة تمّت صناعتها والعمل عليها بمهارة ومكر، لجعلها أوطاناً أزلية، يتعصّب لها مواطنوها، وتمّ تطوير الشعور الانفصالي لديهم، بادّعاءات التفرّد والتمايز عن باقي فئات الوطن، وتوظف لتحقيق ذلك خبراء ولحق بهم أنصاف مثقفين من المرتزقة، لينسجوا لهم عقائد تفتيتية، ولاختراع تاريخ خاص وحضارة وهمية متمايزة مغرقة في القدم، تتفوّق على حضارات باقي الفئات، تصنع لهم هويات تتصادم مع الهوية القومية الجامعة، هذا ما كان مقدّمة لإضعاف التضامن العربي، وجعل كلّ دولة من هذه الدول تعمل لما تظنّه مصلحتها الخاصة، بعيداً عن المصالح المشتركة التي كان عليها الوضع قبل عام 1977، عندما أعلن الرئيس المصري في حينه، عن مبادرته للسلام والتطبيع، ثم ما لبثت هذه الحالة أن تفاقمت في مطلع تسعينيات القرن الماضي عندما أقدم العراق على احتلال الكويت وما لحقه من تداعٍ للنظام العربي، فقبل ذلك كانت فلسطين، مسألة قومية وعربية بامتياز.
أدّى انهيار النظام العربي إلى تداعيات، قادت إلى مؤتمر مدريد للسلام عام 1991، ثم إلى اتفاق اوسلو 1993 بين قيادة منظمة التحرير بصفتها الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني والحكومة (الإسرائيلية)، وعلى الطريق ذاتها سار الأردن الذي أخذه وغيره من دول العالم العربي هول مفاجأة اتفاق «أوسلو»، التي أعدّت بصمت وسرية وتفرّد وبمعزل عن مسارات التفاوض الأخرى، فكانت اتفاقية «وادي عربة»، وهنا لا يغيب عن الذهن ما فعلته المقاومة اللبنانية، بكلّ أطيافها (لا طوائفها) حين أسقطت اتفاق 17 أيار بين بعض لبنان و»إسرائيل»، فيما لم تستطع ولربما لم ترغب القوى السياسية التي ناوأت السادات في كامب دافيد، أو المعارضة الفلسطينية التي احتجت واعترضت على توقيع قيادة منظمة التحرير على اتفاق «أوسلو»، في السير على طريق المقاومة اللبنانية، وإنما أخذت مواقف ملتبسة فهي ضدّ الاتفاق، ولكنها تقتات منه، لذلك لم تأخذ موقفاً جدياً، ولم تقم بفعل حقيقي، فقد كان شعار القرار الوطني الفلسطيني المستقلّ، ملتزماً به عند معظم فصائل المنظمة، وكان القسم الأكبر والأقوى هو مَن اتخذ القرار ووقع على الاتفاق بصفته المذكورة.
الشاهد الثاني في هذا المقال، أنّ دولة الإمارات العربية، لم تفعل أكثر من السير على الطريق ذاتها التي طرقها من قبل الرئيس المصري أنور السادات وخلفاؤه ورئيس منظمة التحرير ثم السلطة الفلسطينية وخليفته، والعاهل الأردني الراحل والحالي، بناء على ما تقدّم فإنّ خبر إعلان التطبيع الإماراتي (الإسرائيلي) لا يجب أن يمثل مفاجأة غير متوقعة لمن يتابع أو يقرأ الأحداث، وإنما هو نتيجة رياضية لما حصل في السابق، ولن تكون مفاجأة عندما تلحق البحرين وعُمان ويمن عبد ربه منصور هادي والسودان وليبيا الحفترية بالركب.
لا يرى محمد بن زايد أنه قام بعمل من خارج الصندوق، وإنما سار على طريق معبّدة، سبقه في السير عليها من كان أوّلى بأن لا يسير في ذلك الطريق، واستعان محمد بن زايد بما يدعم ذلك بالقول والفعل والإشارة الرمزية، فهو يدّعي انه قام بذلك في سبيل درء الخطر الذي تتخوّف منه قيادة السلطة الفلسطينية وهو مشروع الضمّ الذي أعلنت عنه الحكومة الإسرائيلية، أما شقيقه وزير الخارجية عبد الله بن زايد، فاستعار من القاموس السياسي الفلسطيني مفرداته، كما ورد في حديثه عبر الاتصال الهاتفي المرئي لحفل الإعلان عن قيام نادي الصداقة الإماراتي – الفلسطيني، الذي تزامن الإعلان عن تأسيسه مع وصول الطائرة الإسرائيلية إلى أبو ظبي، تحدث الوزير الإماراتي طويلاً وبشكل مجامل ولطيف، في ما يتعلق بدور ونشاط الجالية الفلسطينية في الإمارات، ثم انتقل ليؤكد موقف الإمارات الداعم لحلّ الدولتين وإقامة دولة فلسطينية على حدود الرابع من حزيران 1967 وعاصمتها القدس الشرقية، وذكّر المستمعين بالدعم التاريخي لدولة الإمارات للقضية الفلسطينية وهو في ذلك لم يخرج عن الموقف الرسمي الفلسطيني، ولكنه ذكّر أيضاً وشدّد على أنّ الإمارات صاحبة قرار إماراتي مستقل وسيادي، أما في مجال الإشارات الرمزية، فإنّ التوقيع الرسمي على الاتفاق سيكون في 13 أيلول المقبل وفي حديقة البيت الأبيض، وفي المكان والتاريخ ذاتهما الذي وقع به الاتفاق الفلسطيني الإسرائيلي، مع فارق 27 عاماً.
مع كلّ ما تقدّم فإني وكثيرون غيري لا يوافقون ولن يوافقوا على أية عملية تطبيع مع الاحتلال، ويدركون خطورة ذلك لا على الشأن الفلسطيني فحسب، وإنما على الإمارات أيضاً، ولنا في تجارب من وقع الدروس الكافية الوافية، فقد تمّ تسويق اتفاق كامب دافيد على أنّ مصر ستقفز لتصبح مثل الدول الأوروبية المتطورة والعصرية، وذلك عندما تحوّل الأرصدة المخصصة للمجهود الحربي، باتجاه مشاريع التنمية، والنتيجة أنّ مصر أصبحت أكثر فقراً، وأكثر ضعفاً، لدرجة أنها لم تعد قادرة على التصدي للتهديدات الاستراتيجية والوجودية، في هضبة الحبشة وسيناء وليبيا، ولم تتحوّل الضفة الغربية إلى سويسرا وغزة إلى سنغافورة، اثر توقيع اتفاق أوسلو، وإنما أصبحت الأراضي الفلسطينية تفتقر إلى أبسط مقوّمات البقاء، ولا يبقيها أو يقيها من الموت إلا المساعدات الخارجية المشروطة، وأموال المقاصة التي تتقاضاها بالنيابة عن السلطة «إسرائيل»، ثم تعيدها للسلطة قدر ما تشاء، وكيف ما تشاء، ووقت ما تشاء.
العلاقات الإماراتية العربية وكذلك الفلسطينية ستعود قريباً إلى سابق عهدها، والتجاذبات الإقليمية هي ما يدفعها نحو التوتر، وثمة فلسطينيون يعيشون في الإمارات ومصر والأردن، لا يجدون مكاناً آخر يذهبون إليه، وانتقاد الخطوة التطبيعية الإماراتية واجب، لكن الإسفاف والتطاول واستعمال ما في الجعبة من شتائم، لن يغيّر من الأمر، وفي النهاية لن يقبض محمد بن زايد من الإسرائيلي إلا الهباء والسراب، والسعيد من اتعظ بغيره، أما الشقي فهو لا يتعظّ إلا بنفسه وعلى حسابه.
تمر العلاقات الدولية عالمياً في حال متغيّرة، تفرضها من جانب قوانين التغير والحركة والتطور دائمة الدوران، ومن جانب آخر عوامل مساعدة منها جائحة كورونا التي تجاوز عدد ضحاياها نصف المليون نفس بشرية، وعدد المصابين بالفيروس قد قفز عن حاجز الاثني عشر مليوناً، والأعداد في تزايد مستمر. ومع دخول الجائحة طوراً ثانياً اعتبرته منظمة الصحة العالمية أكثر ضراوة، نلاحظ أنها تجاوزت في عدوانها الإنسان وسلامته لتصيب وتعطل الدورة الاقتصادية من صناعة وتجارة وزراعة في طول العالم وعرضه؛ الأمر الذي قاد إلى معدلات بطالة مرتفعة حتى في المجتمعات الصناعية النشطة وكساد اقتصادي وانهيار في أسعار النفط ومعظم السلع وأثر بدوره على الرعاية الاجتماعيّة والنظم الصحيّة اللاهثة وراء الجائحة.
دفع كل ذلك دول العالم للانكفاء إلى دواخلها، وإلى البحث عن حلول لما تعانيه بشكل منفرد، والتفكير بأساليب الحماية والاكتفاء الداخلي (الذاتي) وإعادة التفكير باتفاقيات التجارة الحرة وضريبة القيمة المضافة، وظهر الوهن على المنظمات العابرة للقومية، كالاتحاد الأوروبي الذي فشل في معالجة الجائحة كاتحاد وترك إيطاليا وإسبانيا واليونان تعالج كل منها جراحها بشكل منفرد فيما رأت ألمانيا أن أولوياتها ألمانية بحتة، نتيجة لذلك أخذت دول الاتحاد تتلمس طرقها القومية القديمة بمعزل عن القوميات الشريكة لها في الاتحاد الأوروبي. فبدأت الدولة الإيطالية طريق العودة إلى إيطاليتها وإسبانيا إلى إسبانيتها وكذلك ألمانيا بمعزل عن المشروع الإقليمي.
وإذا كان العالم يمرّ في هذا المخاض المأزوم، فإن العالم العربي يمرّ بما هو أدهى وأمرّ. حاله غير مسبوقة من السيولة وأبواب أمن قومي مشرّعة لا حارس لها، في المشرق العربي استطالت الأزمة السورية، وإن كانت ملامح نهايتها بادية، إلا أن الأعداء لا زال لديهم من الأوراق ما يطيل في عمرها. ولبنان يترنّح تحت ضغط سعر صرف الليرة مقابل الدولار، والدولة تعاقب القاضي الفاضل الذي أنفذ القانون بالطلب من سفيرة الولايات المتحدة عدم التدخل في شؤونه الداخلية. العراق يعيش حالة تقسيم بادية للعيان، والأردن يعاني من التغول الإسرائيلي بالضفة الغربية. الأمر الذي يمثل تهديداً وجودياً له، فيما تكشف تصريحات رئيس وزراء أسبق عما يدور في العقل السياسي لبعض جماعة الحكم، ولمن رسم شكل الأردن في مرحلة ما بعد عام 1994 (اتفاقية وادي عربة)، وفلسطين التي تعارض رسمياً قرار نتنياهو بضمّ ثلث الضفة الغربية، إلا أنها لا تملك من الآليات وأدوات الضغط ما يحول دون ذلك، هذا وإن تفاءل البعض من المؤتمر الصحافي المشترك لقياديين من فتح وحماس، إلا أن المؤتمر الصحافي لم يتطرق للبحث في الآليات أو في إنهاء حالة الانقسام البشع أو الاتفاق على برنامج حد أدنى واقتصر على مجاملات متبادلة. وعملية الضمّ من شأنها تقطيع ما تبقى من الضفة الغربية إلى ثلاثة معازل منفصلة بالواقع الاستيطاني الذي سيتم ضمة ويحول دون قيام دولة أو شبه دولة في الضفة الغربية. اليمن يصمد ويقاوم بأكلاف عالية، فيما الكورونا والفساد يضربان كل هذه المجتمعات.
الأوضاع في غرب العالم العربي تفوق خطورة وتهافت الأوضاع في مشرقه على صعوبتها، فحالة السيولة وأبواب الأمن القومي المشرّعة، خاصة في ليبيا ومصر والسودان. ليبيا اليوم مسرح وساحة مفتوحة للفرنسيين والأتراك فيما تلعب مصر دوراً ملحقاً بالفرنسيين بدلاً من أن يكون العكس، وأصبحت ليبيا مصدر خطر على مصر من خاصرتها الغربية التي لم تكن عبر تاريخ مصر الطويل تمثل تهديداً لأمنها القومي، فلم يحدث أن غُزيت مصر من الغرب إلا مرة واحدة على يد المعز لدين الله الفاطمي.
طيلة عقود تحاشت مصر الاهتمام بمسائل الأمن القومي، وهي التي رسمت أولى ملامح نظريات الجغرافية السياسية والاستراتيجية وضرورات الأمن القومي بالاشتراك الصدامي مع اتحاد الدول الكنعانية وذلك في القرن الخامس عشر قبل الميلاد في معركة مجدو الشهيرة بقيادة مملكتي قادش ومجدو، حيث رأى الفرعون المصري أن أمن بلاده يبدأ من مرج إبن عامر، فيما رأى التحالف الكنعاني أن أمن اتحادهم يبدأ من غرب سيناء. تطوّرت نظرية الأمن القومي المصري لاحقاً لتضيف عنصراً ثانياً وهو نهر النيل وفيضانه ومنابعه. هذه الرؤية الاستراتيجية سكنت العقل السياسي المصري وعقل كل مَن توالى على حكم مصر منذ تحتمس الثالث حتى عهد الرئيس الأسبق أنور السادات.
منذ تسلم السادات حكم مصر بدأ العمل على إخراج مصر من عالمها العربي، وقد أخذت ملامح هذا الدور تتبدّى خلال حرب تشرين، بمحادثات فك الارتباط بمعزل عن دمشق، ثم ما لبث أن أخذ شكله الصريح عام 1977 في زيارة السادات المشؤومة للقدس وتوقيع اتفاقية كامب دافيد في العام التالي، ثم الترويج لذلك الانقلاب على الاستراتيجيا بالتنظير أن العالم العربي كان عبئاً على مصر التي تستطيع بالتخفف منه الانطلاق في عوالم السوق الرأسمالي والتطور والازدهار وتحقيق الرخاء، ولم تلتفت تلك التنظيرات إلى أن علاقة مصر مع العالم العربي تكاملية يحتاج فيها كل منهما أن يكون ظهيراً للآخر. هذه المدرسة أنتجت ورثة السادات، ومنهم مَن أيّد بحماس تدمير العراق واحتلاله، وتواطأ على الجناح الشرقي للأمن القومي في سورية، وافتعل معارك لا لزوم لها حول منطقة حلايب مع السودان، ولم يلتفت – ولا زال – لخطورة الاعتراف بدولة جنوب السودان التي يمرّ من أراضيها النيل الأبيض، واستمر بعلاقات عدائية مع إثيوبيا التي ينبع من هضبتها النيل الأزرق، ولم يستقبل من أمره ما استدبر لإيقاف مشروع سد النهضة أو للتفاهم مع إثيوبيا بالدبلوماسية أو بغيرها طيلة عقد من الزمن كانت الشركات الإسرائيلية والأميركية تنفذ خلاله مشروع بناء ذلك السد، ولم تستشعر أجهزة أمنه أن خمس مؤسسات مالية مصرية قد استثمرت في السندات الإثيوبية التي موّلت بناء السد الذي قد يحرم مصر من سرّ وجودها، وقد قيل قديماً أن مصر هبة النيل.
في شرق مصر تم إهمال الخاصرة الشرقية التي حددها تحتمس الثالث وسار على هديها كل من أتى من بعده، فلم يتم ايلاء شبه جزيرة سيناء أي اهتمام وتمّ استثناؤها من مشاريع التنمية والرعاية الحكومية، هذا الإهمال والتجاهل الذي هدف إلى إفراغها من كثير من سكانها إرضاء لتل أبيب عاد على مصر بنتائج عكسية إذ خلق بيئة رطبة ومناسبة لجراثيم الإرهاب والتطرف، في حين انصبّ اهتمام الدولة في مرحلة ما قبل الربيع الزائف على بناء حاجز تحت الأرض يحول دون إمداد غزة بحاجاتها الأساسية، وفي العهد الحالي تم إغراق الأنفاق الغزيّة بمياه البحر وإقامة جدار مكهرب فوق الأرض، وكأن المهم أمن «إسرائيل» لا أمن مصر القومي.
مصر التي نحبّ في خطر، وهذا الخطر لا يصيبها منفردة وإنما بالشراكة مع كامل المحيط العربي، مصر لم يهزمها الغرباء والأعداء ولا الجهات الخارجية أو المؤامرات الأجنبية، وإنما هزمها مَن قدّم أولوية البقاء في الحكم على حسابات الاستراتيجية والأمن القومي، ومن جعل الأمن القومي ضحيّة لأمن النظام.
الحروب في العالم ليست من إفرازات العصر الحالي بل كانت نتيجة طبيعية لقيام التجمّعات البشريّة منذ آلاف السنين. هذه التجمعات التي رأت في حيويتها الزائدة دافعاً للتوسع على حساب التجمعات المجاورة بداية، إذ لم يكن وعي الجماعة لوحدتها الاجتماعية قد ترسّخ بعد. وكان من الطبيعي أن ينتج عن الحروب نتيجة من اثنتين: النصر أو الهزيمة. ويكاد مجتمعنا السوري، بماله من خصائص جغرافية مميّزة، أن يكون من أكثر المجتمعات التي شهدت صراعات داخلية دافعها السيطرة وفرض أنظمة محددة من القوي على الضعيف من جهة، وخارجية هدفها أيضاً السيطرة لاستغلال الموارد الطبيعية والاستفادة من الموقع الجغرافيّ لتحصين المكانة الإقليمية أو العالمية. وما زال مجتمعنا حتى الساعة عرضة لموجات متتالية من الصراع على النفوذ أو من الاحتلال المباشر لأجزاء منه تنفيذاً لمخططات سياسيّة تعتمد على رؤى أيديولوجية بعيدة كلّ البعد عن المنطق والعدل الإنساني.
فالأوضاع الجيوسياسيّة التي فرضها علينا الاحتلال المزدوج الانكليزي – الفرنسي والتي أدّت إلى زرع الكيان الإسرائيلي في جنوبنا السوري، لم تزل تداعياتها تتفاعل لتؤدّي إلى نتائج سلبية تطاول مجتمعنا وإيجابية تطاول كيان العدو المغتصب. فالهزائم التي ألحقها هذا العدو البربري، المدعوم من القوى الظلامية العالمية، بعدد من الدول المسمّاة عربية جرّاء حروب ثلاث أدّت إلى تفكك المنظومة العربية التي حاول الاستعمار الترويج لها، لمعرفته المسبقة بعدم قابليتها للتنفيذ. فإذا بالجامعة العربية أسوأ بكثير من الجمعية العامة للأمم المتحّدة، إذ لا هذه ولا تلك تمكّنت من فرض تنفيذ قراراتها المتخذة في جلسات عامة وبمعظمها إمّا بإجماع الأعضاء أو بأغلبيتهم. وتفنّنت هذه الدول العربية بالتخفيف من وقع هزائمها فسمّتها أحياناً نكبة وأحياناً نكسة أملاً بأن يعقب النكسة نصر يمحو العار الذي لحق بهذه الدول نتيجة هزيمتها المخجلة والمعيبة والمذلة لمن أراد أن يصف النتيجة بما يتطابق مع الوقائع. وأكثر هذه الهزائم إيلاماً هي حرب الخامس من حزيران عام 1967 والتي استطاع العدو خلال أسبوع واحد أن يقضي على جيوش ثلاث دول عربية مجتمعة وكانت على علم مسبق بمخططات العدو. ولم تستطع هذه الدول نفسها الاستفادة من الأخطاء والثغرات فإذا بهزيمتها تتكرّر عام 1973 رغم أنها كانت هي المبادرة هذه المرة لشنّ الحرب. وربما نستطيع القول بأنّ مصر وحدها نظرياً استفادت من هذه الحرب التي سارع الخائن السادات إلى إنهائها نتيجة وعد بإعادة سيناء إلى أحضان مصر، وبدلاً من استغلال هذه النتيجة لصالح مصر وبقية دول الطوق التي سبّب لها إسراع السادات بوقف الحرب بخسارة المزيد من أراضيها وتدمير جيشها وإيقاع العديد من الضحايا والأسرى من أفراد جيشها، بادر السادات إلى استكمال خيانته وانهزاميته يوم أعلن استعداده لزيارة دولة الاحتلال وعقد الصلح معها، فدفع دمه نتيجة هذه الخيانة.
ولم يستطع العقل «العربي» أن يجاري العقل اليهودي بالتخطيط أو على الأقلّ بالتصدّي لمخططات العدو الذي انتقل، من القيام بالحرب المباشرة لقضم المزيد من الأرض، إلى الحرب غير المباشرة أيّ استغلال الآخرين لشن الحروب عنه (حرب الأميركيين على العراق، استغلال ما سُمّي بالربيع العربي وإدخال الإرهابيين الدواعش إلى كلّ من العراق وبلاد الشام، كأمثلة على ذلك)، وقطف نتائج هذه الحروب المدمّرة. وها هي جذور هذا التخطيط الجديد تعطي ثماراً إيجابية أفضل بكثير من ثمار الحروب المباشرة. فبدلاً من استعداء الدول العربية مجتمعة من الخليج إلى المحيط وعلى مدى عشرات السنين، استطاع خلال سنوات معدودات أن يجعل من الأعداء أصدقاء يعاونونه على من كان لهم بالأمس القريب، ليس فقط صديقاً، بل أخاً ينادي بما ينادون به من أخوة عربية ولاءات خشبية عن عدم الاعتراف بدولة العدو، أو عقد معاهدات سلام معها، أو حتى التفاوض بشأن السلام والاعتراف.
وانطلاقاً من مخططات العقل الجهنمي الخبيث المستحكم بنفسية عدونا استطاع أن يحوّل هزيمة الأنظمة العربية إلى انهزامية لم يسبق لها مثيل في تاريخ التجمعات البشرية قديماً وحديثاً.
فبدلاً من أن تدفع الهزيمة بالمهزوم إلى تحليل سبب هزيمته لكي يحاول العمل على تفادي هذه الأسباب مما يساعد على قلب الهزيمة إلى نصر، وجدنا أن المهزوم استطاب طعم الهزيمة والذلّ الذي لحقه من جرائها وإذا به يرضخ طوعاً لكلّ شروط المنتصر عليه، بل نجده يزحف راجياً المنتصر أن يمعن بإذلاله، دائساً على ما تبقى من كرامته وشرطه الوحيد إبقاء الزمرة الحاكمة في السلطة. والمؤسف أنّ هذه الزمر الحاكمة استطاعت أن تدجّن الناس وتقنعها بانّها إنّما تفعل ذلك لمصلحتها.
لقد وصلنا إلى زمن من الانهزاميّة المذلة لمن يفقه معنى الانهزام والاستسلام، في حين أنّ الخيانة أصبحت وجهة نظر، فكثرت هذه الوجهات وتعدّدت لتوافق ظروف وأوضاع كلّ كيان من كيانات الأمم العربية التي نجحت مرة واحدة بتجربة الوحدة (مصر والجمهورية العربية السورية)، بحيث كان مكتوباً على هذه التجربة الفشل لأنّها لم تنطلق من المفاهيم الاجتماعية المستندة إلى الحقائق التاريخية والجغرافية. وقلة من رجال الفكر والسياسة أعادوا النظر بمواقفهم على امتداد العالم العربي، هذه المواقف الارتجالية والتي كانت لها ارتدادات سلبية على قضايا أمم العالم العربي المصيرية. واحد من هؤلاء هو عبد الهادي البكار، وقلّة تعرفه أو سمعت به خاصة بين الأجيال الجديدة، وهو إعلامي سوري عاصر أيام الوحدة، وبعد سقوطها اضطهد وأجبر على المغادرة إلى مصر التي كان قد انجرف مع تيارها الناصري الطامح إلى قيادة «الأمة العربية». فكان لهذا الإعلامي الجرأة الكافية، بعدما خذلته مصر الناصرية أيضاً، للاعتراف بانجرافه العروبيّ الذي لم يستند إلاّ إلى وهم، «وأنّ الحلم الوحيد الباقي هو في (سورية الكبرى) التي ساهم في تشويهها حين كان التفكير أو الحديث في ذلك يُعرّض صاحبه إلى التشويه والتخوين». ويذكر الأستاذ سامر موسى على صفحته بأّنّ البكار قد فاجأ قراءه من خلال ما أورده في كتابه (صفحات مجهولة من تاريخ سورية الحديث)، والذي صدر عام 2008 عن (دار الذاكرة) في بيروت إذ قال بأنّه: «تأكّد له خلال العقود الأخيرة اعتلال الفكرة القومية العربية وربما اضمحلالها في العالم العربي، كما تأكّد خلالها احتياج بلاد الشام إلى استنهاض قوتها الذاتية الإقليمية، وأنّ دعوة أنطون سعاده إلى توحيد الأشلاء والأجزاء السورية لم تكن هي الخطأ أو الانحراف بل كانت هي الصواب». وبالرغم من عدم وضوح الرؤية القومية الصحيحة لدى البكّار إلّا أنّ اعترافه هذا يُعتبر خطوة أولى بالاتجاه الصحيح علّها تساعد أجيال المثقفين من التماهي معه لنفض غبار الدسائس التي شوّهت لبّ عقيدة النهضة القومية الاجتماعيّة التي بات كثيرون، ممن حملوا لواء محاربتها في الماضي، يؤمنون ليس فقط بصحتها بل بانّها الوحيدة القادرة على بناء الإنسان الجديد القادر على التصدّي لكلّ مثالب المجتمع، وعلى المساهمة في بنيان المجتمع الجديد القادر على الخروج من مفاهيم الانهزامية إلى مفاهيم الوعي المجتمعي القادر على إعادة زرع مفاهيم الكرامة والعزة والعنفوان التي تعيد للمواطن الثقة بنفسه وبأمته، وبأنّ الهزائم ليست قدراً، وبأنّ النصر ليس بالصعوبة التي يصوّرونها له إمعاناً بإذلاله وزرع اليأس في نفسه.
فما بين النفسية الانهزاميّة التي تبديها معظم كيانات الأمم العربية تبقى بارقة الأمل في كيانات الأمة السورية، صاحبة القرار الوحيدة عندما يتعلق الأمر بالمسألة الفلسطينية. وها هي هذه الكيانات تسطّر أرقى سطور المجد مسقطة أسطورة دولة الاحتلال التي لا تقهر. فمن العراق الذي أسقط انتصار داعش، إلى الشام التي باتت قريبة من دحر المؤامرة الكونية عليها، إلى فلسطين أطفال الحجارة الذين يواجهون بصدورهم العامرة بالإيمان الذي يؤكّد أنّ القوة وحدها تعيد الحقّ السليب، إلى لبنان الذي أعطت مقاومته دروساً تاريخية بالبطولة المؤمنة بصحة العقيدة والتي استطاعت أن تنهي عصر الهزائم وتعلن بدء عصر الانتصارات، سلسلة من المواقف التي تعيد للأمل تألّقه، وتبعث في النفوس الضعيفة القوة من جديد. هذه القوة هي اللغة الوحيدة التي يفهمها العدو، وهي نفسها اللغة التي تخلّت عنها معظم الأنظمة الانهزامية. فالهزيمة ليست قدراً بل هي حافز للتمسك بكلّ أسباب القوة التي تؤمّن الانتصار على مفهوم الانهزام أولاً، وعلى العدو المكابر ثانياً. فلنمسك بأسباب قوّتنا، ولنترك للانهزاميّين العيش في صقيع انهزاميّتهم.
يتعامل الكثيرون باستخفاف مع التزام قوى وحكومات محور المقاومة بإسقاط صفقة القرن، ويستعينون بكل ما لديهم من وسائل التعجب للقول إنها أميركا يا جماعة، ومعها الغرب والعرب، وما تقوله ثمرة دراسة وتوظيف مقدرات، وليس من الواقعية توقع سقوط صفقة القرن بعدما أعلنها الرئيس الأميركي، بل يمكن الاكتفاء بإعلان الاعتراض عليها، ويستعينون بالذاكرة ليستحضروا مثال كامب ديفيد، ليضيفوا أن أربعة عقود مضت على توقيعه ولا يزال على قيد الحياة، ورغم وجود معارضة واسعة له بقي أمراً واقعاً. وكي يكون النقاش مبسطاً وسهلاً على هؤلاء، لن نغوص في الفوارق الكبيرة بين حالتي كامب ديفيد وصفقة القرن، حيث لا وجود لشريك فلسطيني في صفقة القرن مقابل وجود رئيس مصري يزور القدس ويعلن استعداده للتوقيع في كامب ديفيد، وحيث الموضوع في صفقة القرن يتصل بالقدس ومستقبلها، بينما يتعلق الأمر بسيناء في كامب ديفيد، ومقابل تضمين صفقة القرن منح القدس لكيان الاحتلال، قامت تفاهمات كامب ديفيد على عودة سيناء لمصر، لكننا سنتخطى كل ذلك ونخفض مستوى النقاش بالعودة إلى الذاكرة فقط والمقارنة مع مخزونها.
–
عندما اجتاحت قوات الاحتلال العاصمة اللبنانية بيروت، وكشفت بوضوح عن تفاهمات دولية وعربية سبقت الاجتياح مضمونها أن يكون لبنان الدولة العربية الثانية التي توقع اتفاق سلام مع “إسرائيل” بعد مصر، جاءت القوات الأميركية إلى بيروت من ضمن تشكيل إطار قوات متعدّدة الجنسيات شاركت فيها فرنسا وإيطاليا وبريطانيا وتمركزت في العاصمة بيروت. وقام الخبراء الأميركيون بإعادة بناء وتسليح وتنظيم الجيش اللبناني لمواجهة أي اعتراض قد يواجه مشروع الاتفاق المطلوب بين لبنان و”إسرائيل”. وبدأت المفاوضات فوراً، برعاية أميركية تولاها المبعوث الرئاسي الأميركي من أصل لبناني فيليب حبيب، وخلال شهور قليلة أنجز الاتفاق الذي عرف بتاريخ إقراره في 17 أيار 1983، وصادق عليه وزير الخارجية الأميركية آنذاك جورج شولتز، وخلال عشرة شهور امتدت حتى 6 شباط 1984 كان الأميركيون يتلقون الضربات القاتلة، وكان الجيش الذي بنوه يتشقق وينهار، وكانت المقاومة بوجه الاحتلال تبلغ مراحل متقدّمة تفرض انسحابات على جيش الاحتلال بعد الانسحاب الأول من بيروت، وخلال أسابيع رحل الأميركيون وبدأ مسار سياسي انتهى بإسقاط اتفاق 17 أيار.
–
ما أشبه اليوم بالأمس، لكن مع فوارق الغلبة لليوم، فـ”إسرائيل” تواجه اليوم في فلسطين والمنطقة ما لم يكن موجوداً يومها، حيث تقع منشآتها الحيوية في مرمى صواريخ المقاومة الفلسطينية واللبنانية والعراقية واليمنية، ومحور المقاومة يخوض مواجهة عنوانها إخراج الأميركيين من المنطقة، وأين مقدرات الذين أخرجوا الأميركي من لبنان قياساً بمقدرات الذي يسعون لإخراجه اليوم، ويومها كانت أميركا و”إسرائيل” في مرحلة صعود القوة، وهما اليوم في مرحلة الانحدار، أما الموقف العربي فيكفي أن نستعيدَ دعم قمة الدار البيضاء لتوقيع لبنان على الاتفاق باستثناء سورية ورئيسها الراحل حافظ الأسد الذي تعهّد بإسقاط الاتفاق، كما تعهّد السيد علي الخامنئي اليوم بإسقاط صفقة القرن وموتها تحت عين الرئيس الأميركي دونالد ترامب وهو على قيد الحياة. وموضوع 17 أيار كان لبنان بينما موضوع صفقة القرن هو القدس والعودة وفلسطين، واللبنانيون كانوا منقمسين حول الاتفاق بينما يتوحّد الفلسطينيون في رفض الصفقة، وأميركا هي التي تدرس كل شيء وتخطّط وتحسب الاحتمالات، وتجهز الفرضيات وتصدر الأوامر للعرب، فلماذا لم يتجرأ أحد منهم على إعلان التأييد لصفقة القرن وقرّروا رفضها في الجامعة العربية، بينما أيدوا اتفاق 17 أيار قبل أن يولد، وكيف فاجأتهم الأحداث واضطروا للهرب بحراً، وترك الاتفاق يسقط؟
–
الشيء بالشيء يُذكَر، لأنها أميركا، التي طوت الصفحة ومضت عندما تحققت من أن شيئاً لن يغير المعادلة ويعيد الاتفاق إلى الحياة، فتركت الذين راهنوا عليها يواجهون مصيرهم وحدهم، وتتمة الحكاية المعلومة جديرة بالتذكّر للذين يقعون في وهم الرهان اليوم، وما أشبه الأمس باليوم، ونحن في ذكرى انتقاضة 6 شباط، التي ربما ينظر إليها بعض اللبنانيين كفصل من فصول الحرب الأهلية، وننظر إليها كبوابة عبور من زمن الاحتلال إلى زمن المقاومة، ومن بوابتها ننظر بعين التقدير والإجلال والإكبار لرمزها الرئيس نبيه بري، وننتظر نبيه بري عراقي يستثمر تضحيات كل المقاومين ليخرج الأميركيين، ونبيه بري فلسطيني يقود وحدة سياسية وعسكرية بوجه مشروع الاحتلال ليسقط صفقة القرن.
ينجح لبنان «الضعيف» في رفض أي تطبيع مع الكيان الاسرائيلي مهما بدا تافهاً لامتلاكه جملة عناصر تفتقدها دول عربية أغنى منه.
لا يكفي التبرير بفقر هذه الدولة او حاجة اخرى الى مناعة خارجية، فكل الدول العربية تتعرّض للمؤثرات الداخلية والخارجية نفسها، التي تهز مناعتها. هناك من يصمد مقابل فئة تذهب بوقاحة نحو التطبيع، والذريعة واحدة وهي ان السلطة الفلسطينية صاحبة القضية الأساسية تقيم علاقات أمنية واقتصادية وسياسية مع الكيان، فلماذا يُلامُ رئيس مجلس السيادة السوداني عبد الفتاح البرهان على اجتماعه برئيس وزراء الكيان المحتل في اوغندا؟
ولا يتلقى محمود عباس حتى الرشق بوردة ليس بحجر، وهو المتفاعل الاول مع كل قيادات الكيان الاسرائيلي، بالاضافة الى رؤساء مصر منذ السادات في 1979 حتى وريثه مبارك، وخلفه مرسي الذي كان يستهلّ رسائله الى قادة «اسرائيل» بكلمة يا «صديقي»، أما السيسي فيطبق توأمه مع الإسرائيليين في المشروع الإقليمي الاميركي وكذلك العاهل الهاشمي عبدالله الذي يمتلك بلده علاقات مع «اسرائيل» منذ تأسيسه في 1948 بشكل يصل الى حدود التحالفات التي كانت سريّة واصبحت علنية.
هذا ينسحب ايضاً على دول الخليج باستثناء الكويت بقيادة سعودية – إماراتية تعمل على تطبيق صفقة القرن وإنهاء القضية الفلسطينية وربط مساعداتها للدول العربية بضرورة التطبيع مع «اسرائيل» واستعداء ايران في اطار الراية الاميركية.
هناك ايضاً المغرب التي له علاقات نتيجة لحالة التحالف.
لماذا اذاً يعتب بعض العرب على البرهان السوداني ومنهم محمود عباس وصائب عريقات وقيادات فلسطينية من كل المستويات؟
هذا الكلام الصريح ليس دعوة للتطبيع إنما للمزيد من علاجه على قاعدة البحث عن النماذج الناجحة في مقاومته، وتعميمها، وإعادة الاعتبار اليها على مستوى التحشيد الشعبي واستيلاد آليات مكافحة لهذا التطبيع السرطاني.
هذه الطريقة تُظهر ان لبنان وسورية هما نموذجان رائدان في إجهاض كل الوان التطبيع من الإقرار الى سياسات الدول، والعراق بالطبع الى جانب اليمن وليبيا وتونس والجزائر وبلدان اخرى، لكن التركيز يذهب الى لبنان وسورية لأن المشروع التطبيعي الاسرائيلي – الاميركي سدّد في البداية على الفلسطينيين والبلدان المحاذية لفلسطين المحتلة، وهي الاردن ومصر وسورية ولبنان.
سقط منها الاردن ومصر بعلاقات كاملة ذهبت نحو تحالف عميق، فيما تمرّدت سورية على الرغم من كل المغريات التي لا تزال تتلقاها، وكذلك لبنان المحتاج الى كل انواع الدعم الخليجي والاميركي.
ما الفارق اذاً بين هذين النوذجين؟
احدهما مطبّع والثاني يرفضه الى حدود الحرب العسكرية.
لجهة سورية الذي ذهب السادات الى «اسرائيل» وتركها منفردة في مجابهتها. فكان الاميركيون يعتقدون انها لن تتأخر عن الالتحاق الى قطار المتحالفين مع «اسرائيل»، خصوصاً أن الاجتياح الاسرائيلي للبنان في 1982 المستفيد من الصلح مع مصر، حاصرها في أضيق نقاط.
لقد صودف ان هناك تقاطعاً بين معادلتين سوريتين مركزيتين: وهما الثقافة الشعبية السورية المبنية على أساس عداء تاريخي مستمر مع «اسرائيل» مع فلسطين، اما المعادلة الثانية، فهي القيادة الوطنية الرشيدة للرئيس حافظ الأسد الذي تعامل مع تلك المراحل على اساس انها موقتة وسط ثابت وحيد هو عروبة فلسطين وسوريّتها.
كذلك فإن ابنه الرئيس الحالي بشار الاسد، بنى شبكة تحالفات مع إيران الى العراق ولبنان واليمن انتجت صوناً للقضية الفلسطينية وتحريراً لجنوب لبنان وتدميراً للمنظمات الإرهابية التي شكلت الوجه الآخر للاهداف الاسرائيلية الاميركية.
هذا ما جعل من سورية الملاذ الحامي لكل قضايا المنطقة بانياً تياراً شعبياً كبيراً فيها متسماً بالعداء البنيوي لـ»إسرائيل» وكل من يحالفها او يطبع معها، وتحوّلت الشام مركزاً طليعياً للدفاع عن لبنان والعراق وسورية وفلسطين.
لجهة لبنان، فإن لديه تراثاً تاريخياً في مقاومة «اسرائيل» منذ سبعينيات القرن الماضي بالشكلين العسكري والثقافي.
هذه الوضعية ليست ادعاء بأن الدولة اللبنانية معادية لـ»اسرائيل»، فمنذ تأسيس الدولة اللبنانية في 1948 كانت الطبقة السياسية اللبنانية موالية للغرب، وتقلد نهج الدول الخليجية وأحياناً مصر، وكان الكثير من القيادات اللبنانية ينحاز الى «اسرائيل»، خصوصاً في مرحلة الحلف الثلاثي (كتائب – قوات – أحرار) في السبعينيات حتى انه أيد الاجتياح الاسرائيلي للبنان في 1982 مشاركاً فيه بوحدات من ميليشياته، لكن ظاهر الدولة لم يكن مطبعاً ومترقباً تشجيعاً عربياً بهذا الخصوص وانهياراً في توازنات القوى الداخلية.
كانت القوى الوطنية اللبنانية تبني في مقابل السلطة نظام قوة جديداً بالتعاون مع المنظمات الفلسطينية العاملة على أراضي لبنان.
لكن انسحاب الفلسطينيين من لبنان بعد 1982 دفع الدولة اللبنانية نحو التقدم لإقامة علاقات مع العدو، ولم تفلح لتحالفات قوية بين سورية والقوى الوطنية تعززت مع حزب الله الذي أعلن مشروعه المقاوم.
فأصبحت هناك قوتان تتنازعان موضوع التطبيع في لبنان: قوى الدولة اللاهثة في تلك المرحلة نحو التطبيع وتحالف حزب الله والقوى الوطنية المصرة على إجهاضه، وبالفعل تمكن الحزب وحلفاؤه من تحرير جنوب لبنان من العدو الإسرائيلي بعد تحرير العاصمة نفسها ومسجلين هزيمة أخرى لـ»اسرائيل» في 2006.
أدى هذا الوضع الى ولادة نظام قوة جديد لجم قوى التطبيع اللبنانية، مانعاً من الاسترسال في احلام التطبيع مصرّاً على تطبيق القانون بمعاقبة كل من يطبع مع اسرائيلي مدني او سياسي وعسكري مانعاً اي تبادل اقتصادي مهما كان محدوداً.
الدليل على هذا الأمر موجود في بنية الدولة اللبنانية المركبة من حزب المستقبل الموالي للخليج والغرب والقوات المحسوبة على الغرب وشريكة «اسرائيل» في اجتياح لبنان في 1982، والحزب الاشتراكي الذي انتقل من موقع مجابهة «اسرائيل» الى موقع حزب القوات، فإذا كانت السعودية حليفة هذه القوى مع التطبيع وصفقة القرن، فلماذا لا تذهب هذه القوى اللبنانية المحسوبة عليها نحو التطبيع؟
إنها موازين القوى الراجحة للخط الوطني المتحالف مع رئاسة الجمهورية الحالية وحزبها التيار الوطني الحر الذي يجعل من لبنان نموذجاً في مكافحة ادوات الضغط الاميركية – الخليجية الساعية الى فرض كل أنواع التطبيع.
إن تعميم النوذج اللبناني – السوري كفيل ليس فقط بإيقاف دورة التطبيع إنما باستعادة كل الذين ذهبوا إليه، وإنقاذهم من لعنة التاريخ والشعوب.
تتضاعف الأسباب التي تجعل من إيران جزءاً أساسياً من معادلة الدفاع عن الشرق الأوسط. وتؤكد على دورها المحوري والمركزي فيه.
هذا استنتاج واقعيّ بعد زمن عاصف تجتازه الجمهورية الإسلامية في إيران منذ انتصار ثورتها في 1979، متواصلاً حتى الآن على شكل صراع إيرانيّ مع كل من الأميركيين والإسرائيليين في سورية والعراق ولبنان، والخليج وسط حصار أميركي مضروب عليها، اقتصادياً وسياسياً، تنتابه اعتداءات عسكرية أميركية وإسرائيلية ومحاولات خنق باستعمال النفوذ الأميركي العالمي لمنع معظم الدول من إقامة علاقات اقتصادية معها، وكل أنواع العلاقات.
ابتدأ هذا الصراع الإيراني ـ الأميركي بعد نجاح الإمام الخميني بإسقاط شاه إيران رأس المعادلة الأميركية في الشرق الأوسط وشرطي الخليج في 1979 .
لقد كان واضحاً أن برنامج عمل هذه الثورة يستهدف النفوذ الأميركي في إيران على قاعدة إسلامية، وبما ان الإسلام دين أممي، فكان طبيعياً ان ينتقل صدى النجاح الإيراني الى الإقليم العربي المجاور وآسيا الوسطى..
وهذه معاقل أميركية اساسية خصوصاً في انحائها التركية والإسرائيلية والمصرية والسعودية ـ الخليجية، وهي كبرى المعاقل في المنطقة.
هناك نقطتان اضافيتان تجب الإشارة اليهما، وهما تزامن الثورة الإيرانية، مع استسلام السادات الرئيس المصري السابق لـ”إسرائيل” في اتفاقية كمب ـ دايفيد 1979، وما أدت إليه من انسحاب مصر من الصراع العربي ـ الإسرائيلي وتحوّلها حليفاً كاملاً لـ”إسرائيل” وآلية أميركية.
أما النقطة الثانية فهي تراجع أهمية الاتحاد السوفياتي بسبب خسارة حرب افغانستان وإصابته بإرهاق بنيوي في حروب الايديولوجيا والتسلح بمواجهة الأميركيين والأوروبيين، ما جعل إيران وحيدة في صراعها مع الأميركيين واعوانهم الشرق الأوسطيين، هؤلاء الذين استعملوا ضدها كل قواهم لإسقاط دولتها، من تحشيد طائفي ومذهبي الى تمويل وتدريب لبعض المجموعات الإيرانية الداخلية وصولاً إلى شنّ حرب عليها بلبوس عراقي من صدام حسين مدعوم أميركياً وخليجياً وأوروبياً وإسرائيلياً، كان المطلوب استئصال إيران الإسلامية للاستفراد بعملية تفتيت الشرق الأوسط على نحو يبقى فيه تحت النفوذ الأميركي ـ الغربي قروناً طويلة.
إن انهيار الاتحاد السوفياتي في 1989 وتفرّغ الصين لتطوير امبراطوريتها الاقتصادية جعلا الأميركيين يستعجلون في عملية الأطباق على الشرق الاوسط، مدمّرين العراق منذ تسعينيات القرن الماضي الى أن احتلوه في 2003 بعد سيطرتهم على افغانستان في 2001، فركبوا على عجل مشروع الشرق الأوسط الجديد الذي يهدف إلى إعادة تقسيم دوله إلى كانتونات مذهبية وعرقية تسحب حيويتها ومصادر قواها.
لتنفيذ الخطة، استعمل الأميركيون طريقة الاحتلال المباشر والتدخلات العسكرية ومئات آلاف الإرهابيين، مكلفين بإدارتهم وتأمين ما يحتاجون اليه من سلاح وتدريب واعمال لوجيستية، كلاً من قطر والسعودية وتركيا والإمارات باعتراف وزير قطر السابق حمد بن تميم.
هنا، كانت إيران بمفردها بالمرصاد وسط غياب روسي، وصل إلى حدود التواطؤ في مرحلة الرئيس الروسي السابق يلتسين، فعملت على رعاية حزب الله تسليحاً وتدريباً وتمويلاً وربما أكثر، حتى نجح في تحرير جنوب لبنان رادعاً “إسرائيل” في أكثر من مرحلة.
كما جابهت الثورة الإيرانية المشروع الأميركي في سورية والعراق بدعم مفتوح للدولة السورية والحشد الشعبي في العراق اللذين انتصرا على المنظمات الإرهابية المحشدة لمئات ألاف العناصر.
هؤلاء استعملوا الحدود التركية والأردنية لاحتلال ثلاثة أرباع سورية والعراق، ولولا التحالف الذي جمع حزب الله والحشد الشعبي العراقي والدولة السورية مع إيران، لكان معظم الشرق الاوسط تحت سيطرة داعش والنصرة. هناك ثلاث نقاط اضافية أسهمت بنيوياً في حماية الشرق الاوسط وأولها الدعم الإيراني للقضية الفلسطينية في الداخل المحتل وبين اللاجئين الفلسطينيين في الدول المحيطة.
ها هو قائد منظمة حماس إسماعيل هنية يعترف بأن دعم إيران لمنظمته في غزة أدّى إلى صمود القطاع ومنع انهيار القضية، خصوصاً بعد انهيار سلطة محمود عباس في الضفة الغربية المحتلة، وتخليها عن تحرير فلسطين مقابل كانتون صغير.
أما الثانية فهي اليمن الذي تسانده إيران تسليحاً وتدريباً وتمويلاً في وجه حرب مستمرّة تشنها عليه السعودية والإمارات والاخوان المسلمون بتأييد أميركي ـ غربي إسرائيلي تركي منذ خمس سنوات متواصلة ومستمرة.
هذا اليمن اليوم يسجل النصر تلو الآخر ساحقاً القوات المهاجمة المغطاة بمقاتلات أميركية وإسرائيلية، بما يؤكد هزيمة المشروع الأميركي في اليمن والعراق.
أما النقطة الثالثة فهي في آسيا الوسطى حيث حاول الأميركيون استخدامها للنيل من إيران، فعلى جبهة البلوتش تلك الأقلية الموجودة على الحدود الباكستانية الإيرانية، فقد تمكّن الإيرانيون من إجهاض الاستعمال الأميركي ـ الخليجي لأدوار تخريبية لها داخل إيران بالصدام المباشر معها أو بالتنسيق مع باكستان.
كما أجهضت إيران المشروع السعودي ـ الإماراتي بتحريض طالبان الأفغانية عليها، وتمكنت من بناء خطوط اتصال وتأثير على القيادة الأفغانية، حتى أصبح لطهران نفوذ في باكستان أقوى من الاحتلال الأميركي فيها.
وهو نفوذ يجمع بين علاقات مع قيادات في الدولة الأفغانية ومنظمة طالبان والهزارة الأفغان المقيمين غرب حدودها.
بذلك تكون إيران قد تمكنت من تأمين حدودها مع العراق وتركيا وباكستان وأفغانستان بشكل كامل، ونجحت في دعم الخط اللبناني السوري العراقي اليمني، ما أدّى إلى فشل المشروع الأميركي بشرق أوسط كبير يواليها لقرون مقبلة.
ألا تكفي هذه الأدوار لاعتبار إيران قوة شرق أوسطية أولى، مقابل تراجع وظائف “إسرائيل” ومصر وتركيا والسعودية؟
لذلك فإن تطور الدور الإيراني أنما يتأسس على حساب تراجع النفوذ الأميركي عبر انحسار ادوار وكلائها وحروبها المباشرة.
وهذا يفسر اسباب الجنون الأميركي الذي يريد تفجير الدولية الإيرانية بأي وسيلة ممكنة.
فهل هذا ممكن؟ لم تتمكن أميركا من تحقيق هذه الأمنية في ال41 سنة الماضية، ما يؤكد أن حلف المقاومة ذاهب نحو المزيد من محاصرة النفوذ الأميركي حتى تحرير كامل الشرق الأوسط لمصلحة شعوبه وتاريخه وحضاراته.
The “Israeli” entity conducted a nuclear experiment 40 years ago over the South Atlantic, according to Foreign Policy Magazine on Sunday.
The report suggests that then-US President Jimmy Carter would have decided to suppress this information in order preserve a fledgling peace agreement between the “Israeli” entity and Egypt.
Shortly before sunrise on September 22, 1979, a US surveillance satellite called Vela 6911, whose role is to detect nuclear experiments on Earth, recorded an unusual flash over the South Atlantic.
For Patrick Air Force Base personnel, there was no doubt that it was a nuclear explosion.
An alert was issued that night, and, according to the publication, Carter called an emergency meeting at the White House the next day.
The question looming over the US government was who was responsible for the nuclear test, which was quickly boiled down to only two possibilities: South Africa or the “Israeli” entity.
At that time, Israel was one of the few countries to maintain relations with the apartheid regime, including its clandestine security services.
“There would have been a nuclear explosion near South Africa, probably by the South African government, or by ‘Israel’ from a ship, and nothing else,” Jimmy Carter wrote in his diary on September 22, according to Foreign Policy.
But the South African nuclear program was not sufficiently developed.
And just over a year from the presidential elections, Carter decided to ask his officials to bury this information and provide other reasons to explain the appearance of such a flash.
In May 1980, US scientists published a report claiming that it was probably not a nuclear explosion.
Proceeding Republicans and Democrats administrations continued to conceal the information.
القراءة الواقعية لتطوّر الصراع مع الكيان الإسرائيلي المحتلّ تظهر أن الدولة السورية تؤدي دور المانع لتشريع الانهيارات العربية الكبيرة منذ أربعينيات القرن الماضي ولأمد مفتوح.
فتستعمل في هذا الكفاح المتواصل الأسلوبين العسكري والسياسي وسط موازنات قوى هي دائماً لمصلحة «إسرائيل» المسنودة من أوروبا والأميركيين ومعظم العرب فتتلقى أسلحة من النووي وحتى المسدسات الصغيرة والتمويل الكامل.
لكن الدولة السورية تجاوزت نسبياً الخلل في التوازنات بدعم منظمات جهادية شبه عسكرية في فلسطين ولبنان والعراق، فحالت دون الانهيار الكامل للمنطقة كما يخطط له الأميركيون وحلفاؤهم في الخليج ومصر والأردن.
لذلك، فإنّ صفقة القرن تندرج في إطار سقوط عربي تدريجي ابتدأ سرياً منذ ستينيات القرن الماضي متطوّراً الى استسلام من دون شروط مع بدء مرحلة أنور السادات في رئاسة مصر منذ سبعينيات القرن الفائت.
يُلاحظ هنا أنّ الدول العربية غير المؤيّدة لمجابهة «إسرائيل» هي المنتمية الى المحور العربي والمتمتعة بحماياته من الخليج والأردن ومصر أنور السادات.
لكن ما حدث في كمب دايفيد في 1979 كان مشروعاً لإنهاء قضية فلسطين نهائياً واستتباع العالم العربي بأسره للمحور الأميركي الإسرائيلي.
وهذا يعني أنه مشروع شرق أوسطي من البوابة الفلسطينية وكان أقوى من الحظوط الخائبة لصفقة القرن لأنه عكس انهيار أكبر بلد عربي هو مصر التي أخذها السادات عنوة إلى «إسرائيل» في إطار حلف سياسي اقليمي ولم تعُد بعد، وعلى الرغم من انّ معاهدة كمب دايفيد لم تتمكّن في حينه من جذب دول عربية الى مفهومها وبشكل علني، إلا أنها حققت بالنسبة للحلف الإسرائيلي الخطوة الرسمية الأولى في تحطيم المناعة العربية، وأخرجت مصر من نظام عربي كان ضعيفاً، لكنه كان أفضل من الخواء الحالي.
كمب ديفيد الساداتية هي إذاً الآلية التي سهّلت اتفاقية أوسلو الإسرائيلية مع الرئيس السابق لمنظمة التحرير ياسر عرفات وغطت الاتفاق الإسرائيلي الأردني في وادي عربة في تسعينيات القرن الماضي فأصبح في المشهد العربي حلفاً بين «إسرائيل» ومصر والاردن والسلطة الفلسطينية بدعم من السعودية والإمارات وبموافقة حذرة من دول عربية أخرى مقابل سورية وحلف المقاومة وإيران.
هناك ميزة أساسية يمكن استخلاصها من السياسة السورية إزاء قضية فلسطين بما يؤكد انّسورية تتعامل مع فلسطين على أنها جزء أساسي من بلاد الشام سرقها المستعمر الإنجليزي في غفلة من زمن استعماري تناوب عليه «العثماني والإنجليزي والفرنسي والأميركي» بتواطؤ عربي كان يعتمد على فصاحة اللغة في الحروب الحديثة، والتآمر المدروس في الليل.
للتوضيح، فإنّ الأميركيين استعملوا أسلوب الجذب الاقتصادي لاستمالة السادات للتحالف مع «إسرائيل» ووعدوه بمشروع يُشبه مشروع «مارشال» الأميركي الذي أدّى الى ازدهار أوروبا بعد تدميرها في الحروب العالمية المتتالية. والمعروف أنّ الأوطان لا تُباع بآليات جذب اقتصادية،
لكن السادات وعرفات والحسين بن طلال تخلّوا عن القضية ولم يوفر لهم الأميركيون الحدّ الأدنى من وعودهم لهم والدليل أنّ معدل الفقر في مصر السادات بلغ الخمسين في المئة، فيما يتجاوز الآن معدل الدين تحت خط الفقر الخمسة والخمسين في المئة إلى جانب خمسة وعشرين في المئة من المصريين يقبعون عند خط الفقر تماماً مقابل عشرين في المئة فقط هم الطبقتان الغنيّة والمتوسطة.
والأمر مشابه في الأردن الذي تسقط دولته فور توقف المساعدات الخارجية عنه بما يدلّ على أنه باع كلّ شيء على مستوى الكرامة والسياسة مقابل التغطية الأميركية بحكمة الهاشمي، وسط اقتصاد ريفي متسوّل يبيع مواقف سياسية ووطنية مقابل الاستمرار.
أما أبو عمار فوجد نفسه طريداً شريداً في تونس مفضلاً «مخترة» مجرّدة من السلاح والأمل والطموح في ضفة غربيّة ليس له فيها إلا مبنى مع وعد بدويلة مجهولة الجغرافيا والإمكانات فترك فلسطين التاريخية لكانتون وهمي لا تريده «إسرائيل»!
إنّ ما شكل استثناء هو سورية التي قاتلت في 1973 الجيش الإسرائيلي واستسلام السادات في آن معاً، وقاومت منذ التسعينيات حتى الآن محاولات فرض استسلام عليها بإسناد عالمي خليجي عربي تركي لإرهاب دولي أراد تدمير الدولة السورية.
وحاربت منذ 1982 وحتى 2006 بدعم حزب الله في لبنان وتتحالف مع إيران لردع أقوى هجمات أميركية تاريخية الوقع والتدمير.
لماذا تصمد سورية؟
رفضت سورية أيّ صلح مع «إسرائيل» لأنه لا يعني إلا القضاء على القضية الفلسطينية التي تشكل بدورها جزءاً بنيوياً من بلاد الشام وقسماً عزيزاً من أرض العرب.
لذلك يجب الإقرار بأنّ الصمود السوري منذ رئاسة الراحل الكبير حافظ الأسد مروراً بالمرحلة الحالية هي التي تجعل من قضية فلسطين منيعة غير قابلة للتفكيك لا بمعاهدة كمب ديفيد ولا بصفقة القرن.
فما بين سورية والفلسطينيين ليس تحالفاً قابلاً للجذب والتراجع، لأنه مسألة بنيوية غير خاضعة لأيّ نقاش.
وما تشهده صفقة القرن الأميركية الإسرائيلية الخليجية من فرملة لأهدافها فيرتبط بالموقف السوري الفلسطيني الرافض لها، لذلك تحوّلت لقاء يجمع بين دولٍ متحالفة سلفاً ولا تحتاج الى مؤتمر لإسناد بعضهما بعضاً، فهي جزء من قمم مكة الثلاث التي لم تنتج إلا حبراً على ورق.
وهذا مصير ورشة المنامة التي أصبحت مؤتمراً لسرقة أموال خليجية يجري تبديدها على مصر والأردن من دون أيّ فائدة سياسية لأنّ هذه الدول تعترف بـ «إسرائيل» رسمياً في ما يقيم معظم الخليج علاقات عميقة تتجه عبر صفقة القرن لأن تصبح علنية. وهكذا تبقى سورية بتاريخيتها وتحالفاتها الحصن المنيع الحافظ لحقوق السوريين والفلسطينيين والعاصي على صفقات القرن والأحادية الأميركية.