المهمة المستحيلة (2) أفغانستان

الأحد 22 آب 2021

 سعادة مصطفى أرشيد*

لا تزال المهمة الأفغانية المستحيلة تراوح في دائرة انعدام اليقين، حول مصير البلد الذي مثلت ثقافة الحرب والصراع مكوّنه النفسي ـ السياسي الأول من فجر تاريخه، ولا يزال من غير المعروف إذا كانت التحوّلات الأفغانية سوف تذهب باتجاه حداثي، أيّ أن تصبح إعادة بناء البلد على غرار الدولة العصرية الحديثة أم باتجاه أفغاني خاص مع الحفاظ على البلد وأمنه وشعبه وثرواته واعتبارها أولوية، أم باتجاه ارتباطات مع هذا المحور أو ذاك، دولياً وإقليمياً؟

من المؤكد أنّ السياسة الصينية تؤمن بالمثل القائل: السعيد من اتعظ بغيره، والشقي من اتعظ بنفسه، إذ أن الصين لن تجرّب حظها وتذهب بطريق إنجلترا وشركة الهند الشرقية في أربعينات القرن التاسع عشر، ولن تكرّر الخطأ السوفياتي عام 1979، ولن تتورّط كما تورّطت الولايات المتحدة عام 2002، وإنما ستعتمد على قوتها الناعمة، وعلى قدراتها التفاوضية في كسب أرباح الحرب التي لم ولن تخوضها، في الحصول على مواد أفغانستان الخام ـ الثمينة والقريبة مكانياً، وبأسعار تفضيلية، وسوف تجعل من بضائعها عماد السوق الأفغاني، المتعطش للبضائع والفقير مالياً والذي سيجد في بضائع الصين زهيدة الثمن ومستحيلة المنافسة، ما يشبع جوعه الاستهلاكي، لذلك لن تجد حاجة للتورّط في حروب هذا البلد فهي ستكون داخله دون مغامرات غيرها وحروبهم، الذي لا يزال لديه ما يكفيه من حروب مرشحة للاشتعال بين مكوّناته الداخلية.

حركة طالبان قاتلت طويلاً بالنار والدم، لكنها في النهاية انتصرت في هذه الحرب العالمية الطويلة دون قتال، ولم تضطر إلى استعمال النار والبارود في معركتها الأخيرة الحاسمة، إذ اكتفت بسلاح بالغ الخفة، ألا وهو الهاتف النقال، الذي كان كافياً لجعل الرئيس أشرف غني (آخر طبعة أميركية) يسارع إلى حمل كلّ ثمين خفيف، ويغادر البلاد دون إعلام من حوله من مستشارين ووزراء وقادة، وليلحق به هؤلاء، أو من تمكن. فيما تركوا جماعتهم من الصغار الذين أصبحوا من لزوم ما لا يلزم، وصاروا يتعلقون ويسحقون تحت عجلات الطائرات المغادرة، فيما يتولى الثائرون والغاضبون والرعاع التعامل بقسوة مع من بقي منهم. حركة طالبان، التي انطلقت من مدارس بيشاور الأفغانية، كحركة شباب يملؤهم الحماس ويشعلهم الإيمان قبل عقود، قد اختلفت اليوم بحكم الزمن وتراكم التجربة والنضج، أدخل بعض من قادتها ومنظروها إلى مدارس الحياة الجميلة والعصرية لسنوات في العاصمة القطرية ـ الدوحة، وعرفوا جنة الدنيا في فنادقها ومطاعمها ونواديها الرياضية (spa)، وخاضوا في نقاشات فكرية غنية وممتعة ولا بدّ، مع مفكرين وإعلاميين وأكاديميين من توجهات ومدارس مختلفة، وأدخل بعض آخر من قادتها ومناضليها قسراً إلى مدارس معتمة، بالغة القسوة، في غوانتانامو، فتعرّفوا على الصورة المناقضة تماماً، وعاينوا بين تلك الجدران والقضبان من عذابات الجحيم الأرضي، فيما بقي آخرون في الجبال والصحارى، وأصبح يفصل بينهم وبين رفقائهم على الأرض لا المسافة والجغرافية فحسب، وإنما خندق عميق من اختلاف التجربة، ففي حين عرف بعض منهم جنة الدنيا وذاقوا بعض فاكهتها في قطر، وعرف قسم آخر جحيم الدنيا وزقومها وسعيرها في غوانتانامو، لم ينل رفقاؤهم على الأرض مثل ذلك الحظ، ولا تلك القسوة، من أولئك الذين يعيشون في جليد الجبال وكهوفها، وقيظ الصحارى وشمسها، ويقتاتون من خبز الشعير ويتلقون السلاح وبعض القوت من إيران، إذ انه حصتهم ستكون في جنة الآخرة التي تدوم ولا تزول.

قد يكون جذر التفكير مشتركاً، ولكن ظروف الزمان والمكان لها دور في افتراق مذاهب العمل والتطبيق، فهذه الحركة الطلابية (طالبان)، قد فعلت بها التجارب أفاعيلها وأخذت مكانها في عقول قادتها، ومن هذه النقطة سوف تفترق طرائق العمل بين طالبان وطالبان، فقد أصبح لكلّ منهم جدليته، بعضهم سيعتمد على بناء أفغاني جديد، تخاطبه القوة الناعمة الجديدة، ومنظمات غير حكومية ستسارع لإيجاد دور لها، وعلى الوعود للشعب بحياة رغيدة وكماليات استهلاكية وافرة، واقتصاد سوق، ووسائل اتصال وتكنولوجيا عصرية، ولكن بعضاً آخر، لا يزال يحمل بإيمان ويتوارث ثقافة آلاف السنين ـ الثقافة الأفغانية، حيث يولد الطفل ليكون مقاتلاً، ويرى في القتال أسلوب حياة، وفي الجهاد فرض عين، وأنّ الله سوف يعطيهم ما يرضونه، وأنّ الآخرة خير لهم من الأولى.

خلاصة القول، إنّ حرباً قد انتهت في تلك البلاد، لتبدأ حرب أخرى، شيء يشابه العراق في مرحلة سيّئ السمعة بريمر ومن تلاه، سيكون في أفغانستان من ينفخ في نار الفتنة ويمارس فساداً في السياسة وفي الاقتصاد، والأهمّ أنّ الحزب المنتصر أيضاً سيكون عليه دفع ثمن السلطة وأعبائها، وثمن اختلاف وتباين الرؤى، ربما بما يؤثر على وحدته وتماسكه، ويعرّضه لحرب داخلية مع ذاته إضافة إلى حربه مع المكوّنات الأفغانية الأخرى.

الحرب الخارجية ـ العالمية انتهت في تلك البلاد، ولكن حروباً مقبلة على الطريق لن تجعل من أفغانستان بلداً مطمئناً في القريب، وها هو أحمد شاه مسعود الابن، قد أخذ يحشد ويعبّئ في وادي بنشير، معقل والده الشهير أثناء الحرب الأفغانية ـ السوفيتية، وهو ليس بقائد سهل وإنما لديه تجربته وخبرته وسلاحه ومصادر الدعم التي ورث بعض منها عن والده الراحل، وأستذكر هنا مقولة الجنرال حميد غول رئيس الاستخبارات العسكرية الباكستانية الأسبق: إنّ الشعب الأفغاني وخاصة البشتون لا يعيشون سلاماً داخلياً إلا في حالة الحرب الخارجية التي توحّدهم، ولكنهم فور انتهائها يعودون إلى قتالهم الداخلي.

تذكر الحالة الأفغانية الطالبانية، بملحمة الشاعر الإيطالي دانتي (الكوميديا الإلهية) إذ يتقاسم قادتها مراحل الملحمة الثلاث، منهم من كان نصيبه في الجحيم ومنهم من كانت له الجنة وأكثرهم من عاش في المطهر.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

*سياسي فلسطيني مقيم في الكفير ـ جنين ـ فلسطين المحتلة

سقوط مدوّ لنظرية «خطة أميركية منسّقة وراء الانسحاب»


الاربعاء 18 آب 2021

ناصر قنديل


سادت نظرية لدى بعض المتابعين والمحللين للحدث الأفغاني مع بدايات الانسحاب الأميركي، تقوم على تقديم فرضية وجود خطة أميركية منسقة ومتفاهَم عليها مع حركة طالبان، تجعل الانسحاب الأميركي جزءاً من خطة تسليم وتسلّم لأفغانستان، وترتكز هذه النظرية على اعتبار أنّ الأميركي استبدل السعي للسيطرة على أفغانستان وموقعها الاستراتيجي، باستخدام هذا الموقع عبر تجييره لحركة طالبان لتتولى إرباك المشهد الإقليمي، وتحويل أفغانستان الى مشكلة لجيرانها وخصوصاً إيران وروسيا، وساق أصحاب نظرية الخطة الأميركية لتدعيم منطقهم التاريخ المشحون بين طالبان وموسكو منذ زمن الإتحاد السوفياتي، والتنابذ المذهبي الذي سيفجّر حرباً بينها وبين إيران، كما ساق هؤلاء لنظريتهم حججاً من نوع أن الإنهيار السريع للحكومة الموالية للأميركيين وجيشها جاء بقرار وبُني على عدم إبلاغ وتهيئة هذه الحكومة وقواتها لنوعية التحديات التي تنتظرهم، مقابل التسهيلات الممنوحة لطالبان لتحقيق تقدم سريع نحو العاصمة كابول، مستعيدين نظرية قوامها انّ واشنطن كانت وراء إنشاء طالبان.

كنا منذ البداية وقبلها نخالف هذه النظرية، ونرى فيها تعبيراً فكرياً عن فوبيا القدرة الأميركية، التي يعجز المصابون بها حتى من خصوم أميركا ومن مؤيدي مقاومتها، عن تقبّل فكرة انّ أميركا يمكن ان تهزم وتذلّ بهذه السهولة التي ظهرت بها مشاهد أفغانستان، خصوصاً انّ تداعيات الهزيمة كبيرة ولن يكون سهلاً حصرها في أفغانستان، واذا كان ممكناً لأصحاب النظرية إبقاءها في التداول مع الساعات الأولى للحدث فإنّ تطورات الساعات الماضية تجعله هلوسات سياسية غير قابلة للتفكير، فأمامنا وقائع تجعل هذه الفرضية ضرباً من التخيّل الأقرب الى فرضيات الخيال العلمي، فتداعيات الهزيمة المدوية بدأت تهزّ أميركا نفسها، وتضع حلف الأطلسي كله على المحك كما قال الأمين العام للحلف، والحديث عن أول هزيمة من نوعها في تاريخ الحلف، كما تلاقى كلّ شركاء واشنطن الذين تلاقوا على تحميلها مسؤولية المهانة التي لحقت بمكانة الحلف الدولية، وخرج الرئيس الأميركي جو بايدن يرسم عناوين وخلاصات للخبرة الأفغانية عنوانها، التخلي عن نظرية تعميم النموذج الأميركي للحكم بالقوة العسكرية، وهو ما كان عنوان الحروب الأميركية للعقدين الماضيين تحت شعار تعميم نموذج الديمقراطية وحقوق الإنسان، وكلّ هذا الانهيار الفكري والنفسي والسياسي، والانهزام الإعلامي، والإحباط الفلسفي لا يمكن ان يشكل فصولاً من مسرحية تمّ توزيع الأدوار فيها، إلا إذا افترضنا انّ أميركا وحلفاءها خططوا للانتحار؟

بالتوازي مع الإنهزام المسيطر على المقلب الأميركي، خرج قادة حركة طالبان، لتقديم خطاب تصالحي نحو الداخل الأفغاني والخارج الدولي وخصوصاً الجوار، وأعلنت موسكو وطهران إرتياحهما للضمانات التي تلقوها من قيادة طلبان، وبادر هؤلاء القادة الى تظهير خطوات إيجابية تجاه البعد المذهبي لعلاقتهم بشيعة أفغانستان عبر رفع رايات عاشوراء والمشاركة في إحياء لياليها، وهنا لا بدّ من تقديم بعض المعلومات التي تجعل تخيّلات البعض لمشهد دموي بعيدة عن الواقع، فطالبان حركة سياسية عسكرية ينحصر نفوذها وإمتدادها في قومية واحدة من قوميات أفغانستان، وهي قومية البشتون التي تمثل أكبر القوميات لكنها تقارب نصف السكان، والحركة تمثل القوة الأوسع نفوذاً في قبائل البشتون، لكنها محاطة بحضور تنافسي مع نخب وقيادات وزعماء قبائل، فأغلب قادة الإغانستان يتحدّرون من البشتون، وهم في كابول أقلّ من نصف السكان، ومثلما هناك الأوزبك والطاجيك، هناك الهزارة الذين يمثلون نصف نسبة تمثيل البشتون أيّ أقلّ بقليل من ربع سكان أفغانستان الأربعين مليون، وهم من الشيعة المقرّبين لإيران، ويشكلون ثلث سكان العاصمة، وفي إيران أربعة ملايين لاجئ أفغاني أغلبهم من أنصار طالبان، والتبادل التجاري بين أفغاستان وإيران يعادل ثلث التبادل التجاري لأفغانستان مع الخارج المقدّر بعشرة مليارات دولار سنوياً، وأفغانستان تعتمد على إيران بالمحروقات وجزء أساسي من الكهرباء واللوم والخضروات، وتخيّل المناخ التصادمي الدموي فيه الكثير من التجاهل لتعقيدات ضخمة تنتظر طالبان ستحتاج فيها لإيران سياسياً واقتصادياً وأمنياً، أكثر من العكس، ومهمّ أن نتذكر انّ قائد فيلق القدس الحالي الجنرال إسماعيل قآني كان مسؤولاً عن إدارة الملف الأفغاني قبل استشهاد الجنرال قاسم سليماني، وأنّ الأميركيين كانوا يتهمونه بالوقوف وراء تصعيد عمليات طالبان ضدّ القوات الأميركية بعد اغتيال سليماني، والبيان التنديدي باغتياله الذي أصدرته طالبان.

من الصحيح القول إنّ العلاقة بين طالبان والأميركيين كانت جيدة بين عامي 1979 و1989 خلال المواجهة مع القوات السوفياتية، لكن بشرطين، الأول إدراك أنها كانت تقاطع مصالح في مواجهة ما يسمّيانه عدواً مشتركاً، وهو ما يفسّر التصادم اللاحق بين الطرفين بعد الإنسحاب السوفياتي، والثاني انّ طالبان ليست القاعدة أو داعش، اللتين تمثلان حركات بلا أوطان، أسّسهما الأميركي وإستعملهما وقاتلهما عند الضرورة، لكن طالبان هي حركة قومية دينية أفغانية، مثلها طالبان باكستان، وهما حركتان تأسّستا من طلاب الشريعة الذين قرّروا الإنخراط في مشروع يقوم على قاعدتي رفض الإحتلال الأجنبي وإقامة حكم يستند الى الإسلام، والحركتان اللتان وقفتا ضدّ السوفيات حتى خروجهم من أفغانستان وقفتا ضدّ الأميركيين بسبب إحتلالهم لأفغانستان، ورغم الطابع المتطرف لفهم الشريعة الذي يؤمن به قادة طالبان، بسبب تأثرهم بالشراكة مع القاعدة خلال حقبة القتال ضدّ السوفيات، فإنّ الخلفية المختلفة لطالبان عن القاعدة وداعش ترتبط بكونها لا تنتمي للسلفية بفروعها المختلفة، فخلفيتها العقائدية المنطلقة من المذهب الحنفي تجلعها أقرب الى الواقعية السياسية، ورفض التكفير بين المذاهب، والتمسك بهويتها الوطنية والقومية، وتداخل مذهبها الحنفي مع الصوفية يفتح نوافذ كثيرة للعلاقة مع المذهب الشيعي وإيران، نظراً للمكانة الهامة للإئمة الشيعة عند الصوفية، ولرفض الحكم الأموي من قبل أصحاب الطرق الصوفية.

يمكن براحة ضمير وبعيون مغمضة الجهر بالقول انّ أميركا تلقت أبشع هزائمها التاريخية في أفغانستان، وان الأيام المقبلة ستحمل المزيد من الهزائم التي تحملها مسارات أفغانستان وعلاقتها بالجوار، وفي المقدمة مع إيران كدولة إسلامية مناهضة للهيمنة الأميركية، تملك حدوداً مشتركة لقرابة الألف كيلومتر، تشكل فرصة  لطالبان أكثر مما تشكل تحدياً، ولعلّ واحدة من الخبرات التي قدمتها تجربة حزب الله لبعض قادة طالبان كما يقولون هي الطريقة التي أرادوا دخول كابول عبرها بما يستعيد طريقة دخوله الى المناطق المحررة في جنوب لبنان عام 2000، بينما تقدّم تجربة طالبان خبرة جديدة لحركات المقاومة قوامها انه ليس ضروريا مطاردة العدو حتى الرحيل قتاليا ليتحقق النصر، بل أن  الصمود وحده يمكن ان يصنع نصرا عندما يزرع اليأس في عقول العدو عن امكانية تغيير الواقع، كما لخص بايدن المعادلة، لو بقينا عشرين عاما أخرى فانّ شيئاً لن يتغيّر.

سترتكب حركة طالبان الكثير من الأخطاء قبل ان تستقر على صورة نهائية لنمط الحكم وإدارة أفغانستان، لكن المخاض الذي بدأ للتو يجب ألا يسمح بالتسرع في إصدار الأحكام على المسار الذي سترسو عليه، وهذا يستدعي منح الفرصة للمراقبة والتفكير، والتقييم الهادئ كي لا نقع في فخ يصنعه التسرع عنوانه الحكم المسبق، والحكم الصحيح هو على كيف تقارب طالبان كأي حركة سياسية العلاقة بقضيتي الاستقلال والبناء، وقد فازت طالبان في إمتحان الإستقلال حتى الآن وهي رفضت بشدة أن يتسلم الأتراك مطار كابول، واعتبرتهم احتلالاً انْ فعلوا ذلك رغم التدخل القطري لتسويقهم بعدما كلفهم الأميركي بذلك كمكون في حلف الأطلسي، يبقى تحدي قضية البناء، وهو شائك ومعقد لكنه يستحق الإنتظار.

How Russia-China are stage-managing the Taliban

August 18, 2021

Visual search query image

By Pepe Escobar: The Saker Blog and cross-posted at the Unz Review.

The first Taliban press conference after this weekend’s Saigon moment geopolitical earthquake, conducted by spokesman Zabihullah Mujahid, was in itself a game-changer.

The contrast could not be starker with those rambling pressers at the Taliban embassy in Islamabad after 9/11 and before the start of the American bombing – proving this is an entirely new political animal.

Yet some things never change. English translations remain atrocious.

Here is a good summary of the key Taliban statements, and

here (in Russian) is a very detailed roundup.

These are the key takeaways.

– No problem for women to get education all the way to college, and to continue to work. They just need to wear the hijab (like in Qatar or Iran). No need to wear a burqa. The Taliban insists, “all women’s rights will be guaranteed within the limits of Islamic law.”

– The Islamic Emirate “does not threaten anyone” and will not treat anyone as enemies. Crucially, revenge – an essential plank of the Pashtunwali code – will be abandoned, and that’s unprecedented. There will be a general amnesty – including people who worked for the former NATO-aligned system. Translators, for instance, won’t be harassed, and don’t need to leave the country.

– Security of foreign embassies and international organizations “is a priority.” Taliban special security forces will protect both those leaving Afghanistan and those who remain.

– A strong inclusive Islamic government will be formed. “Inclusive” is code for the participation of women and Shi’ites.

– Foreign media will continue to work undisturbed. The Taliban government will allow public criticism and debate. But “freedom of speech in Afghanistan must be in line with Islamic values.”

– The Islamic Emirate of Taliban wants recognition from the “international community” – code for NATO. The overwhelming majority of Eurasia and the Global South will recognize it anyway. It’s essential to note, for example, the closer integration of the expanding SCO – Iran is about to become a full member, Afghanistan is an observer – with ASEAN: the absolute majority of Asia will not shun the Taliban.

For the record, they also stated that the Taliban took all of Afghanistan in only 11 days: that’s pretty accurate. They stressed “very good relations with Pakistan, Russia and China.” Yet the Taliban don’t have formal allies and are not part of any military-political bloc. They definitely “won’t allow Afghanistan to become a safe haven for international terrorists”. That’s code for ISIS/Daesh.

On the key issue of opium/heroin: the Taliban will ban their production. So, for all practical purposes, the CIA heroin rat line is dead.

As eyebrow raising as these statements may be, the Taliban did not even get into detail on economic/infrastructure development deals – as they will need a lot of new industries, new jobs and improved Eurasian-wide trade relations. That will be announced later.

The go-to Russian guy

Sharp US observers are remarking, half in jest, that the Taliban in only one sitting answered more real questions from US media than POTUS since January.

What this first press conference reveals is how the Taliban are fast absorbing essential P.R. and media lessons from Moscow and Beijing, emphasizing ethnic harmony, the role of women, the role of diplomacy, and deftly defusing in a single move all the hysteria raging across NATOstan.

The next bombshell step in the P.R. wars will be to cut off the lethal, evidence-free Taliban-9/11 connection; afterwards the “terrorist organization” label will disappear, and the Taliban as a political movement will be fully legitimized.

Moscow and Beijing are meticulously stage-managing the Taliban reinsertion in regional and global geopolitics. This means that ultimately the SCO is stage-managing the whole process, applying a consensus reached after a series of ministerial and leaders meetings, leading to a very important summit next month in Dushanbe.

The key player the Taliban are talking to is Zamir Kabulov, Russia’s special presidential envoy for Afghanistan. In yet another debunking of NATOstan narrative, Kabulov confirmed, for instance, “we see no direct threat to our allies in Central Asia. There are no facts proving otherwise.”

The Beltway will be stunned to learn that Zabulov has also revealed, “we have long been in talks with the Taliban on the prospects for development after their capture of power and they have repeatedly confirmed that they have no extraterritorial ambition, they learned the lessons of 2000.” These contacts were established “over the past 7 years.”

Zabulov reveals plenty of nuggets when it comes to Taliban diplomacy: “If we compare the negotiability of colleagues and partners, the Taliban have long seemed to me much more negotiable than the puppet Kabul government. We proceed from the premise that the agreements must be implemented. So far, with regard to the security of the embassy and the security of our allies in Central Asia, the Taliban have respected the agreements.”

Faithful to its adherence to international law, and not the “rules-based international order”, Moscow is always keen to emphasize the responsibility of the UN Security Council: “We must make sure that the new government is ready to behave conditionally, as we say, in a civilized manner. That’s when this point of view becomes common to all, then the procedure [of removing the qualification of the Taliban as a terrorist organization] will begin.”

So while the US/EU/NATO flee Kabul in spasms of self-inflicted panic, Moscow practices – what else – diplomacy. Zabulov: “That we have prepared the ground for a conversation with the new government in Afghanistan in advance is an asset of Russian foreign policy.”

Dmitry Zhirnov, Russia’s ambassador to Afghanistan, is working overtime with the Taliban. He met a senior Taliban security official yesterday. The meeting was “positive, constructive…The Taliban movement has the most friendly; the best policy towards Russia… He arrived alone in one vehicle, with no guards.”

Both Moscow and Beijing have no illusions that the West is already deploying Hybrid War tactics to discredit and destabilize a government that isn’t even formed and hasn’t even started working. No wonder Chinese media is describing Washington as a “strategic rogue.”

What matters is that Russia-China are way ahead of the curve, cultivating parallel inside tracks of diplomatic dialogue with the Taliban. It’s always crucial to remember that Russia harbors 20 million Muslims, and China at least 35 million. These will be called to support the immense project of Afghan reconstruction – and full Eurasia reintegration.

The Chinese saw it coming

Chinese Foreign Minister Wang Yi saw it coming weeks ago. And that explains the meeting in Tianjin in late July, when he hosted a high-level Taliban delegation, led by Mullah Baradar, de facto conferring them total political legitimacy. Beijing already knew the Saigon moment was inevitable. Thus the statement stressing China expected to “play an important role in the process of peaceful reconciliation and reconstruction in Afghanistan”.

What this means in practice is China will be a partner of Afghanistan on infrastructure investment, via Pakistan, incorporating it into an expanded China-Pakistan Economic Corridor (CPEC) bound to diversify connectivity channels with Central Asia. The New Silk Road corridor from Xinjiang to the port of Gwadar in the Arabian Sea will branch out: the first graphic illustration is Chinese construction of the ultra-strategic Peshawar-Kabul highway.

The Chinese are also building a major road across the geologically spectacular, deserted Wakhan corridor from western Xinjiang all the way to Badakhshan province, which incidentally, is now under total Taliban control.

The trade off is quite straightforward: the Taliban should allow no safe haven for the East Turkestan Islamic Movement (ETIM), and no interference in Xinjiang.

The overall trade/security combo looks like a certified win-win. And we’re not even talking about future deals allowing China to exploit Afghanistan’s immense mineral wealth.

Once again, the Big Picture reads like the Russia-China double helix, connected to all the “stans” as well as Pakistan, drawing a comprehensive game plan/road map for Afghanistan. In their multiple contacts with both Russians and Chinese, the Taliban seem to have totally understood how to profit from their role in the New Great Game.

The extended New Axis of Evil

Imperial Hybrid War tactics to counteract the scenario are inevitable. Take the first proclamation of a Northern Alliance “resistance”, in theory led by Ahmad Masoud, the son of the legendary Lion of the Panjshir killed by al-Qaeda two days before 9/11.

I met Masoud father – an icon. Afghan insider info on Masoud son is not exactly flattering. Yet he’s already a darling of woke Europeans, complete with a glamour pose for AFP, an impromptu visit in the Panjshir by professional philosopher swindler Bernard-Henri Levy, and the release of a manifesto of sorts published in several European newspapers, exhibiting all the catchphrases: “tyranny”, “slavery”, “vendetta”, “martyred nation”, “Kabul screams”, “nation in chains”, etc.

The whole set up smells like a “son of Shah” [of Iran] gambit. Masoud son and his mini-militia are completely surrounded in the Panjshir mountains and can’t be de facto effective even when it comes to regimenting the under 25s, two-thirds of the Afghan population, whose main worry is to find real jobs in a nascent real economy.

Woke NATOstan “analyses” of Taliban Afghanistan don’t even qualify as irrelevant, insisting that Afghanistan is not strategic and even lost its tactical importance for NATO. It’s a sorry spectacle illustrating how Europe is hopelessly behind the curve, drenched in trademark neo-colonialism of the White Man’s Burden variety as it dismisses a land dominated by clans and tribes.

Expect China to be one of the first powers to formally recognize the Islamic Emirate of Afghanistan, alongside Turkey and, later on, Russia. I have already alluded to the coming of a New Axis of Evil: Pakistan-Taliban-China. The axis will inevitably be extended to Russia-Iran. So what? Ask Mullah Baradar: he couldn’t care less.

إيران والطالبان وشيعة افغانستان

2021-08-17

مجلة تحليلات العصر الدولية – محمّد صادق الهاشميّ

 A picture obtained by AFP from the Iranian news agency Tasnim on January 31, 2021, shows Iran’ Foreign Minister Mohammad Javad Zarif (R) meeting with Mullah Abdul Ghani Baradar (C) of the Taliban in Tehran. – Iran’s Foreign Minister Mohammad Javad Zarif called for the formation of an “all-inclusive” Afghan government during a meeting with a Taliban delegation in Tehran. A delegation from the movement headed by its co-founder Mullah Abdul Ghani Baradar arrived in Iran on January 26 to exchange “views on the peace process in Afghanistan” at the invitation of the ministry. (Photo by – / TASNIM NEWS / AFP)

منذ أيام أتابع الجدل في مختلف الاوساط عن مستقبل شيعة أفغانستان في ظلّ دولة طالبان، وما هو دور إيران؟ وبعد تتبعٍ دقيقٍ، ومحاورات معتمدة مع جهات عالمة نعرض إليكم التالي :

لا ريب في أنّ إيران ضدّ الأمريكان , والأمريكان لا يخفون عداوتهم لإيران وعموم التشيّع , وأنّ الأمريكان أصحاب مشروع لا يمكن أن يمضي في المنطقة – كما يرون هم – في ظلّ وجود الصحوة والنهضة الاسلامية والمقاومة، وهذا الأمر واضحٌ للجميع , كما أنّ إيران تريد أنْ تصل إلى قمّة التطوّر الحضاريّ، وتتموضع هي والشيعة في العالم في قلب التطورات , وأنْ لا يبقي الشيعة خارج الحدث، فيأتي الغربيون ليمزّقوا المنطقة كما حصل في سايكس بيكو وغيرها والمسلمون يتفرجون.

وإيران لا تقبل أنْ يبقى العالم الإسلاميّ متفرّجاً على ما تفعله أمريكا في العالم الإسلاميّ، وتلك ثوابت لا يمكن النقاش فيها بالنسبة لإيران .

وفق هذه المقدّمة لا نعني أنّ إيران سعت أو ساعدت على تسليم أفغانستان بيد الطالبان، بل الذي حصل باختصار هو ما يلي :الأمريكان قبل خمس سنوات دخلوا بمفاوضات عبر قطر مع الطالبان، دون علم إيران، بل ومن دون علم الحكومة الأفغانية المنتخبة , وهم الذين خططوا لاستيلاء الطالبان مجددا على البلاد لأسبابٍ كثيرةٍ، وهنا تتعدد القراءات حتى داخل إيران.

إنّ إيران أدركت أنّ ثمّة حواراً ( أمريكيّاً – طالبانيّاً ) فلا بدّ لها أنْ تدخل على الخطّ، وتعدّ العدّة لتدارك الخطر، وتوجيه الموقف داخل أفغانستان، وتؤثّر على طالبان بما يجعل تأثيرهم أقلّ خطورةً على الشيعة في أفغانستان، وحتّى على إيران؛ لأنّ الطالبان مكوّن كبيرٌ ومؤثّر مجاورٌ لإيران، وهنا تمكّنت الحكمة الإيرانية من استيعاب واحتواء وترويض الطالبان حقناً للدماء، ونزعاً لفتيل الفتنة التي يخطط لها الأمريكان مع أنّ ما حصل ليس خيارهم الاختياري .

نعم، إنّ إيران دخلت – بحكم التكليف الشرعيّ، وما تقتضيه الحكمة التي لابدّ من ممارستها في هذا الظرف الحسّاس – لمنع الحرب الأفغانية ودفع مشكلة تدفق الملايين من الأفغان لإيران مجددا , فإنها بالكاد تمكّنت من أنْ تعيد (4) مليون أفغانيّ مهاجر إليها أبان الحرب والأحداث في فترة حكم طالبان الأولى قبل 20 عاماً.

إيران أمام مخططٍ أمريكيٍّ خطيرٍ لا يمكن النظر إليه بسطحيةٍ؛ فإنّ كلّ الاحتمالات ممكنة، إلا أنها تدرك أنّ الواقع يفرض التوجّه منها نحو الاحتواء لترويض طالبان والسير بهم إلى تقبّل أنْ يكون هناك تعايش وسلام، وأنْ تنتقل طالبان من عقلية القبيلة والتفرّد إلى عقليةٍ واقعيةٍ لتأسيس نظام سياسيّ، وليس نظاما قبليّاً .

خلال متابعاتنا للأحداث نجد أنّ التصريحات الطالبانية والمواقف تتجه إلى نوعٍ من تقبّل الآخر، ويبدو أنّ الطالبان اليوم أكثر لينا من قبلُ؛ لأسبابٍ كثيرةٍ , وهذا ما تفيده الوقائع والمجالس الحسينية والشعائر والدخول السلميّ لعموم المدن الأفغانية, أمّا ما يعرض من صورٍ للإرهاب فهي قديمة وتوجد فعلا بعض الثغرات .

الطالبان اليوم لا يمتلكون حرية العودة إلى الإرهاب لأسبابٍ كثيرةٍ؛ كونهم يدركون أنّهم محاصرون من الروس والصين وإيران، فليس أمامهم إلّا أنْ يلبسوا ثوب التعايش، ويمارسوا عقلية العمل السياسيّ، لا القبليّ , وهذا ما أكّدته المواقف المتعددة الى الان والتصريحات .

الطالبان بدل أنْ يستثمرهم الأمريكيّ والسعوديّ كشوكةٍ ضدّ التشيّع ولأجل إرباك الموقف في آسيا؛ فإنّ إيران تسعى جادّة لترويضهم و((بقفازات)) في غاية الدقّة، ورسم مخرجات الحكم بيدها لا بيد الأمريكان , فكان المؤتمر الأوّل الذي رعته إيران بقيادة وزير الخارجية الإيراني السابق السيّد ظريف، وعشرات اللقاءات السرية، وسوف تستمر .

الطالبان قوّة متواجدة على الأرض الآن ومستقبلا , وبدلاً من أنْ يكونوا أداةً طيّعةً بيد الإرهاب والمخططات الصهيونية، فإنّ إيران تسعى أنْ يكونوا متعايشين مع الواقع، وهذا ما تتجه إليه الأحداث، ولكنّ كلّ شيء محتملٌ، وعلى الحكيم أنْ يمارس حكمته في كلّ الأحوال.

طالبان اليوم المحرّك الأوّل لهم هو دولة قطر؛ لأنها تريد أنْ تُوجِدَ ضدّاً نوعيّاً للسعودية والإمارات، وهذا أمر مهم بالنسبة للشيعة لتفكيك قوي التحالف الطائفي .

طالبان بحكم الواقع محاصرون جغرافياً، وهذا مصدر ضعفهم الذي يجعل من إيران تُدرك إمكانية احتوائهم وفق الحقائق التالية :

(أ). إنّهم محاصرون من الروس وإيران والصين وباكستان، وأغلب هذه الدول تختلف معهم، وتخافُ من الإرهاب وهذا الأمر يمنع على الطالبان العودة إلى الارهاب .

(ب) . الأفغان لا منفذ جغرافي لهم ولا تصدير ولا توريد إلّا عبر هذه الدول، وإيران هي الأقرب لهم .

(ج). الصين لديها مشروع الحرير، والروس لها تاريخ من الدماء في أفغانستان، وهذا الأمر حساس يحدد طبيعة السلوك الطالباني.

(د). مقايسة الأفغان بين إيران والروس والصين حتما يختارون الصين وإيران أوّلاً.

(هـ). الشيعة الأفغان وإنْ كانوا أقلّية في الداخل إلّا أنّ وجود إيران المجاورة لهم يمنح الشيعة الأفغان عمقاً وقوّة.

(و) إيران لديها تحالف صيني حول خطّ الحرير، وتفاهم مع الروس حول المنطقة، ومستقبل الغاز، ومياه البحر المتوسّط، وقزوين وسوريا, فلا بدّ أنْ تخرج طالبان من أيدولوجية الإرهاب وفق الواقع الدولي .

هذا هو الواقع المنطقيّ، علما أنّ إيران لم تتخلَّ عن المسلمين في البوسنة والهرسك، ولا الشعب الفلسطينيّ، ولا شيعة العراق ولبنان، وهي من دافعت عن سورية، وبالتأكيد أنّها ستقف مع شيعة ومسلمي وقوميات أفغانستان، وكلّ هذا يحتاج إلى جهد وصبر طويل، لأنها لاتريد ان تخسر حلفائها.

اقتبس مايلي من تصريح :اعتقد ان (الكيان الأمريكي) بمسمياته المختلفة مخترق،وبعيد عن واقع المنطقة،وقد استطاع القطريون التأثير عليه بالتنسيق مع زلماى كما أثر الاماراتيون على الإدارة السابقة.

وضع الشيعة ليس سهلا و هناك مساع للمحافظة على مكتسباتهم السابقة ونسأل الله التوفيق .

طالبان اليوم ليست داعش ولا القاعدة ولكن…!


أغسطس 14 2021

 محمد صادق الحسيني

طالبان جمع طالب باللغة المحلية، وهي إشارة الى جماعة من الطلبة الأفغان الذين درسوا او تدرّبوا في مدارس مولوي جلال الدين حقاني صاحب «شبكة حقاني» العسكرية القتالية السلفية الباكستانية في منطقة وزيرستان المحاذية لأفغانستان..!

والمعروف انّ حركة طالبان السلفية الجهادية قد تشكلت في العام ١٩٩٤ في شرق أفغانستان على يد الملا محمد عمر الشهير.

في حقبة الملا عمر برز الجانب المتشدّد المعروف لطالبان وكلّ من عداه من المؤسسين ظلّ مغموراً بمن فيهم واحداً من أهمّ مساعديه وقادة التأسيس الحركي الملا عبد الغني برادر…!

وقد اشتهر في أروقة الديبلوماسيين والسياسيين للدول المحيطة بأفغانستان يومها بأن هذه الحركة الأفغانية المتشددة، قد تمّت رعايتها بشكل ملحوظ وبارز من قبل الاستخبارات العسكرية الباكستانية.

كما عرف ولا يزال معروفاً بأنّ باكستان ظلت على علاقة وثيقة بالحركة، وانها لطالما استخدمتها كورقة قوية في علاقاتها الإقليمية ومفاوضاتها حول مستقبل أفغانستان والمنطقة.

ثمة واقعة مهمة حصلت قبل نحو ١٠ سنوات لا بدّ من ذكرها هنا لعلها شكلت محطة مهمة وعلامة فارقة فيما جرى وربما لا يزال يجري في أفغانستان.

في العام ٢٠١٠ وفي عملية مشتركة للمخابرات الأميركية والباكستانية يتمّ القبض على أحد أهمّ الرموز الطالبانية التي كانت تطاردها واشنطن بعد موت ملا عمر الا وهو ملا عبد الغني برادر الزميل الحميم لبن لادن.

وبعد اختفاء تامّ للرجل لمدة ٨ سنوات أسيراً لدى الأميركيين، وبعد مفاوضات شاقة أجرتها الحركة وبوساطة قطرية ملحة، يتمّ إطلاق سراحه في العام ٢٠١٨…!

وبسرعة يتقدم الملا عبد الغني برادر، ليصبح مديراً للمكتب السياسي للحركة وممثلها في الدوحة، ومن ثم يصبح كما هو الآن الرجل الأول للحركة بلا منازع، وهو الذي قاد كل المفاوضات الأخيرة مع الأميركيين، وعقد كلّ الاتفاقيات العلنية والسرية معهم، وهو الذي يشرف حالياً على كلّ التطورات الأمنية والعسكرية والسياسية لحركة طالبان، وهو الذي يفترض أنه دخل كابول فاتحاً…

لا احد من المتابعين الجديين يعتقد ان طالبان ستسلم مقاليد البلاد بولاياتها الـ ٣٤ للأميركيين ومخططاتهم المستجدة بسهولة فهم قاتلوا طوال العقدين الماضيين من اجل اهداف حركتهم وقدموا آلاف الشهداء في هذا الطريق…!

والاغلب انهم سيلعبون على التناقضات الاميركية وتوظيفها لفرض امارتهم الاسلامية كامر واقع بدون قرقعة سلاح…!

في هذه الأثناء وكما تقول مصادر أفغانية متابعة فإنّ الأميركيين من جهتهم، عملوا ما استطاعوا الى ذلك سبيلاً خلال العقدين الماضيين – وعلى طريقة إعداد الخطة «ب» والخطة «ج» لكلّ مخطط – في القضاء او الامحاء او الازاحة لكل الرموز الطالبانية المتشددة، لتظهر «طالبان» جديدة، ديمقراطية، تعددية، تقدمية معتدلة، عاقلة، مسالمة، تتربّع عرش كابول لتكون واجهة أفغانية (پشتونية) كاملة الدسم، مطعّمة ببعض من الوان الطيف الافغاني من الطاجيك الى الاوزبك الى الهزارة الى الدرانيين او النورستانيين وذلك عندما تحين لحظة الانسحاب التي لا بدّ منها، وها هو زمانها قد حان…!

وهذا يعني في ما يعني انّ العقدين الماضيين كانا كفيلين في بلورة نسخة جديدة من طالبان غير نسخة طالبان الأولى الملتصقة بذهن الناس بملا عمر وبن لادن…!

طالبان الجديدة هي طالبان السنية الحنفية السلفية القوية، لكنها غير الوهابية التكفيرية، طالبان المنفتحة على العالم الخارجي بكل تلاوينه ولكن:

 طالبان التي ستشكل كما يتمنى الأميركيون بالطبع جداراً يشبه سور الصين العظيم بوجه كلّ من بكين وموسكو وطهران…!

جدار يمنع التحام الثنائي الصيني الروسي العملاق، مع القطب الإيراني الصاعد والواعد…!

لم يكن ذلك ممكناً بدون تحوّل حقيقي في طالبان نفسها، ورجل المرحلة لم يكن سوى ملا عبد الغني برادر، ومساعديه الذين يملأون الشاشات اليوم ويقودون المفاوضات والحوارات في كل من طهران وموسكو وبكين بالإضافة الى الدوحة…!

موقع أفغانستان الجيوبوليتيكي والجيواستراتيجي بمثابة نقطة تقاطع التاريخ والجغرافيا بين الحضارات والمدنيات الشرقية وحتى الغربية منها، كفيل بنظر الاميركيين اذا ما ظلّ قلقاً وغير مستقراً على ان يكون كفيلاً بزعزعة مشروع «حزام واحد طريق واحد» الصيني وجعله يتعثر، وطريق الحرير الحديدي الشرقي مقطوع عند النقطة الافغانية، وان يشاغب قدر الإمكان على منتدى او منظمة شانغهاي للتعاون وهي المنظمة الأمنية السياسية الاقتصادية التي تضم نحو عشر دول أهمّها الصين وروسيا والهند والتي يفترض ان تصبح إيران رئيسي الدولة الجديدة كاملة العضوية فيها في ١٧ من آب المقبل…

 واذا ما استحضرنا المشهد التلمودي والهوليودي الأميركي الى واجهة الأحداث الجارية حالياً في أفغانستان ومحيطها، فإنّ ثمة من يجزم في أفغانستان وفي محيطها من الباحثين، بأنّ الأميركي الذي طالما ناور بداعش والقاعدة واستعملهما بطريقة تدوير النفايات، فإنه سرعان ما سيلجأ الى خلط الأوراق قريباً، لتنطلق دورات عنف متعددة تشعل كل آسيا الوسطى والقوقاز انطلاقاً من أفغانستان لتصل الى داخل روسيا والصين من خلال تحريك الأقليات العرقية المجنّدة بالآلاف تحت الرعاية الاستخبارية الأميركية..!

وهذا هدف أميركي معلن ومعروف، وتتمّ الدعاية له على طول الخط، تحت عنوان مخادع وهو الدفاع عن حقوق الإنسان وحرية المعتقد ومحاربة الديكتاتوريات والأنظمة الشمولية!

طبعاً يحصل هذا في إطار المخطط الأميركي الذي يحاول دوماً ان يحوّل هزيمته المرة الى نصر مزيف…!

انها معركة عالمية جديدة أميركا بحاجة ماسّة لها، في خطتها لوقف الصعود الصيني المتسارع في كلّ شيء، والقوة العسكرية الروسية المتفوّقة على أميركا بالأسلحة التقليدية وغير التقليدية، وما تسمّيه بالنفوذ الإيراني المتعاظم والذي بدأ يشكل تهديداً وجودياً لقاعدتها المتقدمة في المنطقة التي اسمها «إسرائيل»…!

الإيرانيون والروس والصينيون يدركون تماماً دلالات ما حصل ويحصل في أفغانستان من هزيمة منكرة للأميركيين، ومن خبث في نسخهم الجديدة في المواجهة، ولكنهم يعرفون أيضا لا سيما الايرانيين، كيف تخاض معارك الحروب الناعمة وهم الأبرع في لعبة الشطرنج…!

ووادي پنج شير وقاسم سليماني مع احمد شاه مسعود… يشهد لهم…

وفيلق فاطميون يشهد لهم، وأمور اخرى تبقى قيد المفاجآت ستكشف مدى سطحية وسذاجة الأميركي، وكيف ان اليانكي الكاوبوي سيلدغ من نفس الجحر مرتين…!

كلّ هذه التحليلات متحركة بانتظار موقف طالبان الحقيقي الذي ننتظره بفارغ الصبر من «إسرائيل» وسيدها الأميركي!

بعدنا طيبين قولوا الله…

فيديوات متعلقة

مقالات متعلقة