Martyr Sheikh Ragheb Harb Anticipated Danger of Normalization with ‘Israel’: Handshake is Recognition (Video)

 February 15, 2023

Mohammad Salami

Hezbollah Martyr Leader Sheikh Ragheb Harb, who returned from the Holy City of Al-Najaf in Iraq in 1974 to carry out religious and humanitarian projects, was one of the founders and basic supporter of the Islamic Resistance in face of the Zionist occupation in Southern Lebanon and Western Bekaa.

Sheikh of the martyrs of the Islamic Resistance was, thus, arrested and imprisoned Israeli occupation forces in 1983. The martyr played a vital role in the resistance against the Israeli occupation since 1982 invasion till he was assassinated by the collaborators with the Zionist enemy in his town Jibsheet.

During his noble Jihad years, his eminence consecrated the principle of resorting to the armed resistance against the Zionist occupation, stressing that any handshake with the representative of the enemy is considered as a recognition of its existence.

The Islamic Resistance in Lebanon has always rejected the choice of holding negotiations and concluding ‘peace’ deals with the Zionist enemy regardless of all the circumstances. However, the Egyptian regime, during that stage, was involved in the path of surrender.

In 1978, Egypt signed a peace agreement sponsored by the United States of America, disengaging concerns and causes with the Arab countries, especially Palestine.

US President Jimmy Carter sponsoring agreement between Egyptian President Anwar Al-Sadat and Israeli PM Menahem Begin

Based on the Egyptian stance, Sheikh Ragheb Harb anticipated the danger of abandoning the resistance path and normalizing of ties with the Israeli enemy, affirming that normalization will legitimize the illegitimate existence of the occupation entity.

In 1994, Jordan followed the Egyptian path and signed a ‘peace’ agreement with Israeli enemy, which reinforced the importance of the Sheikh Harb’s warning against such deals.

The catastrophic collapse of the Arab attitude towards the conflict with the Zionist enemy was in 2020 when Bahrain, Emirates and Morocco concluded deals to normalize ties with the Zionist entity. In 2023, the military regime in Sudan also expressed readiness to normalize the relations with the Israeli enemy.

Consequently, the Palestinian cause is abandoned by certain Arab regimes; however, the armed resistance, as consecrated by the martyr cleric, has reached several achievements.

The resistance parties in Lebanon and Palestine have liberated the occupied territories in Southern Lebanon, Western Bekaa and Gaza and defeated the Israeli military arrogance in 2006 war and other confrontations.

Even the Palestinian youths and children have carried out attacks on the Zionist settlers and soldiers in the occupied West Bank, inflicting heavy upon them.

In other words, the Resistance in Lebanon and Palestine has ridiculed the occupation as said by Martyr Sheikh Ragheb Harb.

Source: Al-Manar English Website

Reports: Jordan to Buy Water from Israel

June 23, 2022

Dozens of protesters gathered outside the US embassy in Amman, shouting slogans against normalization. (Photo: via Twitter)

Jordan is to buy water from Israel in a bid to ease shortages in the country, the Middle East Monitor reported on Thursday, citing Jordan media.

Jordanian Minister of Water and Irrigation Mohammed Al-Najjar explained the government will not expropriate land on which illegal wells have been sunk.

“Many wells are located in remote areas,” Al-Najjar was quoted as saying by the Jordan News. “If they had been close to the water networks, though, we would have taken possession of them.”

Al-Najjar also noted that the water in many of those wells does not conform to the official minimum specifications. “There is no water source that we can exploit unless we have obtained permission from the Ministry of Health.”

Last November, hundreds of people gathered in Amman to protest a water-for-energy agreement between Jordan and Israel.

Protesters rejected the agreement, saying it moved towards normalizing ties with Israel while it continues to occupy Palestine.

(The Palestine Chronicle, MEMO, Social Media)

التطبيع الرسمي فلسطينياً وأردنياً: قراءة في مقدمات الاتفاقات “الإبراهيمية”

الثلاثاء 17 أيار 2022

المصدر

إبراهيم علوش 

التطبيع لا ينجح إن لم تضمن “إسرائيل” قطع شرايين الحياة عن الدول المطبِّعة، إن هي قررت تغيير رأيها.

تسلسل الاتفاقات والمعاهدات زمنياً مهمّ جداً، لأنه يدخلنا في الأبعاد الإقليمية للتطبيع مع العدو الصهيوني.

يتيح مرور عقود على توقيع المعاهدات والاتفاقات مع العدو الصهيوني سجلاً زمنياً طويلاً نسبياً لتقييم أثرها ومسارها وصيرورتها، بدءاً من اتفاقات كامب ديفيد التي وُقِّعت عام 1978، ومعاهدة السلام المصرية – الإسرائيلية التي وُقِّعت عام 1979، ودخلت حيز التنفيذ عام 1980، حتى معاهدة وادي عربة، أو معاهدة السلام الأردنية – الإسرائيلية، التي وُقِّعت عام 1994، والتي سبقها “إعلان واشنطن” بثلاثة أشهر بالضبط، والذي نص على إنهاء حالة العداء والبدء بمفاوضات لتوقيع معاهدة بين الأردن والكيان الصهيوني.

سبقت معاهدة وادي عربة عام 1994 اتفاقية أوسلو التي وُقعت عام 1993، وتأسست بناءً عليها قانونياً “السلطة الفلسطينية” عام 1994. وتبعت اتفاق أوسلو اتفاقات متعدّدة، مثل اتفاق أوسلو – 2 (يسمى أيضاً اتفاق طابا) عام 1995، والذي قسم الضفة الغربية إلى المناطق “أ”، و”ب”، و”ج”.  

وكان اتفاق أوسلو – 2 جاء تتويجاً لاتفاق “غزة – أريحا” عام 1994، الذي قضى بانسحاب “إسرائيلي” جزئي من أريحا وغزة لتأسيس السلطة الفلسطينية، وما يسمى برتوكول باريس عام 1994 أيضاً، والذي “نظم” علاقة السلطة الفلسطينية اقتصادياً بالكيان الصهيوني، وكلاهما (اتفاق غزة – أريحا، وبرتوكول باريس) أصبح جزءاً من اتفاق أوسع، هو أوسلو – 2.  

ثم جاء اتفاق الخليل عام 1997 الذي أعطى الاحتلال الصهيوني 20% من مدينة الخليل H2. ثم جاء اتفاق “واي ريفر” عام 1998 الذي كرس مؤسسة التنسيق الأمني رسمياً مع “إسرائيل” والولايات الولايات المتحدة الأميركية، كما كرس دور “السلطة الفلسطينية” في محاربة “الإرهاب” ضد العدو الصهيوني.  ثم جاء “اتفاق واي ريفر الثاني” عام 1999 ، والذي فسر بعض نقاط اتفاق “واي ريفر” الأول، ويسمى أيضاً اتفاق شرم الشيخ، وكان الاتفاق الأول مع نتنياهو والثاني مع إيهود باراك، وبعده جاء اتفاق تنظيم المعابر (معابر السلطة الفلسطينية) عام 2005.

يُضاف إلى تلك الحزمة من الاتفاقات المتناسلة البيانات المشتركة (كما في أنابوليس عام 2007)، وسلسلة اللقاءات التفاوضية مثل كامب ديفيد عام 2000، و”خريطة السلام” عام 2002، و36 جلسة تفاوضية بين محمود عباس وإيهود أولمرت بين عامي 2007 و2009، والمفاوضات المباشرة عام 2010 تحت وعد من إدارة أوباما بإيجاد “دويلة فلسطينية” خلال عام واحد، ثم محادثات تسيبي ليفني وصائب عريقات في الفترة 2013-2014… إلخ. 

ولا يشمل ما سبق عشرات المبادرات الموازية لـ”السلام”، مثل اتفاقية جنيف غير الرسمية بين ياسر عبد ربه ويوسي بيلين عام 2003 لتأسيس “سلام دائم”، وخطة الحاخام بنيامين إيلون للسلام، والتي جرى طرحها وترويجها بين عامي 2002 و2008، والتي تقوم على تجنيس الفلسطينيين في الضفة الغربية بالجنسية الأردنية، والسماح لهم بالبقاء ضيوفاً في الضفة الغربية بعد ضمها إلى “إسرائيل”، وخطة “إسرائيل الثنائية القومية” التي طرحها إدوارد سعيد ابتداءً، وتبناها عزمي بشارة وروّجها بقوة… إلخ.

كل ما سبق مهمّ لأن كثرة العناوين والمبادرات والجلسات التفاوضية وامتدادها عبر عقود، هو أمر مثير للاهتمام بمقدار ما هو مثير للملل، لأنه يقول كثيراً عن انعدام جدوى تلك الاتفاقات والمفاوضات، ولاسيما في ضوء ما تمخضت عنه على الأرض من تزايدٍ للاستيطان وتغولٍ لمشروع التهويد وتطرفٍ متصاعدٍ في المشهد السياسي الإسرائيلي وضلالة الحالمين بـ”حل سياسي للصراع”.

معاهدة كامب ديفيد: الخطيئة الأصلية في السياسة العربية

كذلك، فإن تسلسل الاتفاقات والمعاهدات زمنياً مهمّ جداً، لأنه يدخلنا في الأبعاد الإقليمية للتطبيع مع العدو الصهيوني. فمعاهدة السلام المصرية – الإسرائيلية عام 1979 أخرجت مصر من حلبة الصراع العربي – الصهيوني، ولاسيما أن المادة السادسة من تلك المعاهدة تنص حرفياً على أن الأحكام الواردة فيها تُعَدّ ملزمة ونافذة في حال تعارضها مع أي التزامات أخرى (مثل معاهدة الدفاع العربي المشترك لعام 1950 مثلاً؟!)، وهو ما ساهم في تحجيم دور مصر الإقليمي فعلياً باعتبارها الشقيق العربي الكبير، وأكبر الدول العربية المحيطة بفلسطين، وهو ما يعني موضوعياً فتح الباب للتمدد الإسرائيلي إقليمياً، وكان من عواقب ذلك غزو لبنان واحتلاله عام 1982.

بعد معاهدة السلام مع مصر وقرار الجامعة العربية مقاطعتها ونقل مقر الجامعة العربية من مصر إلى تونس، راح النظام الرسمي العربي يدخل أكثر فأكثر في صيرورة اختلال التوازن والتفسخ والصراعات الداخلية، وكان ذلك كله نتيجة طبيعية لتحييد مصر سياسياً من جانب العدو الصهيوني، وتوهمها أنها يمكن أن تقتنص السلام والازدهار في مصر بمفردها إذا نأت بنفسها عما يجري في محيطها.

العبرة هنا أن تقسيم الوطن العربي إلى دولٍ وسياساتٍ قُطريةٍ متنابذة ليس تاريخاً قديماً أو مشكلة عقائدية يتداولها القوميون العرب فحسب، بل تحمل تجزئة الوطن العربي دلالاتٍ جغرافيةً – سياسيةً عميقةً وراهنةً. وبالتالي، فإن إزالة عمود مركزي، مثل مصر، من معادلة الصراع، كان يفترض بها أن تؤدي إلى انهيار الأقطار الأخرى كأحجار الدومينو، لولا المقاومة والرفض في الشارعين العربي والفلسطيني من جهة، وحالة الصمود والتصدي التي نشأت على الصعيد الرسمي العربي في مواجهة مشروع كامب ديفيد من جهة أخرى. وثبت، بعد عقودٍ من التجربة، أن هذا ليس خطاباً ديماغوجياً أو “لغة خشبية”، كما يهذر البعض، بل إنه يشكل قيمة جغرافية – سياسية ملموسة كحائط صد أعاق الانجراف والانهيار في الوضع العربي على مدى عقود، وإن كان العدو انتقل سياسياً إلى حالة الهجوم. 

بعد التجربة المصرية في السلام مع العدو الصهيوني، برزت عقدة “السلام الشامل” في مقابل “السلام المنفرد”، والتي أعاقت المشروع الأميركي للإسراع قدماً في فرض مسلسل المعاهدات والتطبيع على الصعيد الرسمي العربي، على الرغم من سعي المحور الخليجي لفرض مبادرة الأمير فهد في القمة العربية في فاس في تشرين الثاني/نوفمبر 1981، والتي رفضتها سوريا آنذاك وأفشلتها (عن وجه حق، وإدراك ووعي تامّين لما تعنيه من تجريفٍ للوضع العربي وإلحاقٍ له بصيرورة كامب ديفيد من خلال الاعتراف الرسمي العربي جماعياً بحق الكيان الصهيوني في الوجود، على أساس مبدئي على الأقل). 

بعد العدوان الصهيوني على لبنان عام 1982 وعقابيله، انعقدت قمة عربية استثنائية في فاس مجدداً في أيلول/سبتمبر 1982، أُقرت فيها مبادرة الأمير فهد رسمياً، والتي أصبحت تعرف بعدها بمقررات قمة فاس 1982، وهي تعادل، بالنسبة إلى الجامعة العربية، برنامج “النقاط العشر” بالنسبة إلى منظمة التحرير الفلسطينية، كما سيأتي.

المدخل الفلسطيني لتعميم مشروع كامب ديفيد عربياً

كانت العقدة المركزية في الإصرار على “السلام المنفرد” هي القضية الفلسطينية والمسؤولية العربية إزاءها، مع أن القصة ليست قصة مسؤولية إزاء القضية الفلسطينية، بمقدار ما هي قصة مسؤولية إزاء الذات في مواجهة خطر المشروع الصهيوني على المنطقة برمتها. ولنا عودة إلى تلك النقطة، لكن كان لا بد من “فرط” العقدة المركزية، المتمثّلة بالموقف الرسمي الفلسطيني؛ أي موقف منظمة التحرير الفلسطينية، من أجل تعميم مشروع كامب ديفيد على كل الأقطار العربية، وصولاً إلى الاتفاقيات المسماة “إبراهيمية”.

كان يوجد داخل منظمة التحرير الفلسطينية، منذ بداية السبعينيات (وبعض الكتّاب والمعاصرين لتلك المرحلة يقول إنه وُجد منذ نهاية الستينيات) تيارٌ يرى ضرورة التفاهم مع “إسرائيل” والإدارة الأميركية لتأسيس “دولة فلسطينية” وفق حدود عام 1967.  أبرز رموز ذلك التيار، في ذلك الوقت، كان ياسر عرفات ومَن حوله في قيادة المنظمة والجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين.  

جاء الانقلاب الرسمي في موقف منظمة التحرير الفلسطينية في المجلس الوطني الفلسطيني في القاهرة عام 1974، والذي أقر ما يسمى “برنامج النقاط العشر”، والذي مثّل نقطة التحول الجوهرية في برنامج التحرير إلى برنامج تأسيس “سلطة وطنية فلسطينية على أي جزء يتم تحريره من فلسطين”. ومنذ ذلك الوقت، بدأ الانجراف الرسمي الفلسطيني في اتجاه تأسيس الدويلة مع التخلي بالتدريج عن الشروط والضوابط التي وُضعت لها، فالمهم هو تثبيت “المبدأ”، وبعد ذلك تتم زحزحة الشروط والضوابط باللتدريج بفعل عوامل النحت والتعرية السياسيَّين، وكانت تلك هي الرحلة التسووية التي قادت قيادة منظمة التحرير الفلسطينية إلى أوسلو وما تلاها.

جرت المصادقة فوراً على هذا التوجه التسووي في مقررات القمة العربية المنعقدة في الرباط عام 1974: “إن قادة الدول العربية يؤكدون حق الشعب الفسطيني في إقامة سلطة وطنية مستقلة بقيادة منظمة التحرير الفلسطينية، بصفتها الممثل الشرعي الوحيد للشعب الفلسطيني، على كل أرض يتم تحريرها”، والعبرة تكمن في تمرير خطاب “سلطة وطنية فلسطينية على كل أرض…”.

للتاريخ، لم يصوّت إلّا ثلاثة أعضاء في المجلس الوطني الفلسطيني عام 1974 ضد برنامج النقاط العشر، أحدهم ناجي علوش (أبو إبراهيم)، والثاني محمد داوود عودة (أبو داوود)، والثالث سعيد حمامي (الذي عدّه متشدداً أكثر من اللزوم لأنه ربطه آنذاك بشروط صعبة!). 

شكلت مفاوضات جنيف بعد حرب أكتوبر عام 1973، واعتقاد قيادة منظمة التحرير أنها “على وشك” أن تتمخض عن “دويلة فلسطينية” بموافقة أميركية – إسرائيلية، خلفيةَ الانجراف الرسمي الفلسطيني نحو وَهْم المشروع التسووي.   

لكنّ صيرورة مشروع كامب ديفيد هي الصلح المنفرد، وبالتالي نشأت مشكلة “الصلح المنفرد” في مقابل “السلام الشامل”، فكان لا بد من تذليل تلك العقبة عبر إقامة صلح منفرد مع منظمة التحرير ذاتها من أجل نزع الذريعة من أيدي رافضي “الصلح المنفرد”.

كان ذلك يتطلب “إعادة تأهيل” منظمة التحرير الفلسطينية ذاتها على نحو يتوافق مع متطلبات الطرف الأميركي – الصهيوني. وأدت حرب لبنان عام 1982، فيما أدت إليه، إلى إخراج منظمة التحرير الفلسطينية من لبنان. وفي الأعوام التي تلت، أشرفت قيادة منظمة التحرير الفلسطينية على ورشة كبرى لإعادة صياغة العقل السياسي الفلسطيني في اتجاه قبول دولة ضمن حدود عام 1967، وصولاً إلى “إعلان استقلال” وهمي في المجلس الوطني الفلسطيني في الجزائر عام 1988، تم الاحتفاء به كثيراً، كان من صاغه الشاعر محمود درويش، ووافقت عليه كل التنظيمات المنضوية في منظمة التحرير وقتها.

جاء الوصول إلى اتفاقية أوسلو بعدها عام 1993 تحصيلاً حاصلاً لتراكمات النهج التسووي، لأن البحث عن دويلة وعن “السلام” و”الازدهار” بالتفاهم مع “إسرائيل” والإدارة الأميركية، بعيداً عن “الشعارات الفارغة”، وعن العرب “الذين تخلوا عنا”، كما شاع في الخطاب السياسي الفلسطيني آنذاك، هو المعنى الحقيقي لشعار “يا وحدنا” الذي رفعه ياسر عرفات، كما أنه لا يزال المآل الحقيقي لكل من يرفع شعار “يا وحدنا” في أي قُطر عربي: التفاهم مع “إسرائيل”.. فالحس القُطري ليس مشروعاً نهضوياً للقطر، بل هو مشروع تسييد الكيان الصهيوني على المنطقة، وبالتالي تدمير القطر ذاته وتفكيكه.

لكنّ تيار البحث عن “الذات القُطرية” في الحالة الفلسطينية بالذات، وتحقيقها في “دويلة”، بعد التخلي عن مشروع التحرير، بالتفاهم مع الطرف الأميركي -الصهيوني، هو مكسب كبير لمشروع كامب ديفيد (الصلح المنفرد)، لأنه يجرح صدقية من رفضوه باسم “السلام العادل والشامل”. وما دام أصحاب القضية الرسميين ساروا في ركبه، فإنه لا تبقى لغيرهم ذريعة، باستثناء موقف أصحاب العلاقة وأولياء الدم: الشعب العربي، من مسألة التطبيع. ولا تزال هذه هي أهم جبهة في مقاومة التطبيع اليوم.  

صيرورة التطبيع على الصعيد الرسمي الأردني

بعد توقيع اتفاقية أوسلو، بات استكمال كسر حلقة دول الطوق مرهوناً بموقف سوريا ولبنان، لأن العلاقات التطبيعية بين النظام الأردني والعدو الصهيوني أقدم من أوسلو، بل أقدم من كامب ديفيد ومن أي مفاوضات بعد حرب أكتوبر 1973. وبحسب مقالة في صحيفة “واشنطن بوست” الأميركية للصحافيين الإسرائيليين، يوسي ميلمان ودان رفيف، في الـ27 من أيلول/ سبتمبر 1987، فإن الملك حسين بن طلال أرسل رسالة عام 1963 إلى رئيس الوزراء الإسرائيلي آنذاك، ليفي أشكول، فأرسل أشكول مدير مكتبه الخاص من أجل لقاء الملك في لندن في منزل طبيب الملك حسين الشخصي، اليهودي إيمانويل هربرت، في شهر أيلول/سبتمبر 1963. 

في عام 2014 نشر الكاتب الإسرائيلي يوسي ميلمان بعض المعلومات، وردت في صحيفة “معاريف” الإسرائيلية، تتعلق بعلاقة الملك حسين التاريخية بالساسة الإسرائيليين وجهاز الموساد. وورد ضمن المعلومات أن “إسرائيل” أنقذت حياة الملك حسين عدة مرات، إحداها – يقول ميلمان إنه كان شاهداً عليها – كانت بداية “لمواجهة سوريا حين استجابت “إسرائيل” لمساعدته بتركيز قوات من الجيش مكّنته من مهاجمة سوريا التي كانت تنوي مساعدة الفلسطينيين في أيلول/ سبتمبر 1970″.

وتحدث الكاتب عن “مئتي ساعة من المكالمات أو المحادثات للملك مع الزعماء الإسرائيليين، وأن رؤساء الموساد أحبّوا لقاء الملك، وهو ما تم في مقر الموساد في إسرائيل، وفي قصر الملك في عمّان، وفي القارب الملكي في ميناء العقبة، وفي منازل خاصة في لندن وباريس”.

وبحسب الكاتب، فإن “اللقاء الأول تم عام 1963 بين الملك حسين ويعقوب هرتسوغ، الذي كان آنذاك نائب مدير مكتب رئيس الحكومة، في منزل طبيب في لندن، بهدف تنسيق المواقف وفحص إمكان وجود تعاون سري”.

وفي هذا اللقاء – يزعم الكاتب – “جدد الملك حسين، بتأخير 16 عاماً، العلاقة التي كانت بين جده الملك عبد الله الأول بالصهيونية، بحيث أقام عبد الله الأول هذه العلاقات في الثلاثينيات من القرن العشرين”.

وليس الأمر في حاجة إلى كثير من التمحيص، إذ إن قصة العلاقات القديمة بين العدو الصهيوني والملك حسين وردت بالتفصيل في كتاب “أسد الأردن: حياة الملك حسين في الحرب والسلام”، بالإنكليزية، للكاتب الإسرائيلي آفي شلايم عام 2009.  واسم الكتاب بالإنكليزية هو Lion of Jordan: The Life of King Hussein in War and Peace.

باختصار، لا تحتاج قصة الوصول إلى معاهدة وادي عربة إلى تحليل سياسي أو تاريخي مفصّل، مثل الحالتين المصرية والفلسطينية، اللتين مرّ كلٌّ منها في نقطة انقلابٍ ما، من الناصرية إلى الساداتية في حالة مصر، ومن ثقب إبرة “برنامج النقاط العشر” في الحالة الفلسطينية، وإنما هي حالة إخراجِ السر إلى العلن بعد أن أتاحت اتفاقية أوسلو ذاتها ذلك، وكان الأمر “مطبوخاً” أصلاً على الصعيد الرسمي الأردني.  

العِبْرة هي أن اتفاقية أوسلو ذاتها أتاحت الصلح المنفرد للنظام الأردني، بكسرها محظور “السلام الشامل” الرسمي العربي، على نحو يجعل التطبيع “الإبراهيمي” اليوم تحصيلاً حاصلاً، لولا أن معاهدات دول الطوق لم تكتمل بتوقيع مثيلاتها من جانب سوريا ولبنان. وكان يُفترض، على ما يبدو، أن تكتمل في دول الطوق أولاً، وهذا أحد أهم أسباب الحرب المستمرة على سوريا، وعلى المقاومة في لبنان، وتورط الطرف الأميركي – الصهيوني المباشر فيها.

التطبيع يمأسس لإلحاق الأردن بالفضاء الصهيوني

لكن فيما يتعلق بعواقب وادي عربة، لا بمقدماتها الواضحة، يجب أن نذكر أنها كرست قانونياً صيغتين أساسيتين للعلاقة الأردنية – الإسرائيلية:

–       أولاً: السعي لتحقيق تكامل إقليمي، تبلور في خمس عشرة مادة من أصل ثلاثين تتألف منها المعاهدة، غطت كل أوجه الحياة بين الطرفين، مدنياً واقتصادياً.

–       ثانياً: السعي لتحقيق تنسيق رفيع المستوى، أمنياً وسياسياً، أصبح الأردن الرسمي عبره ملزماً بالتعاون ضد أي شكل من أشكال العداء لـ”إسرائيل”، حتى لو كان ذلك على مستوى التحريض اللفظي فحسب، كما جاء مثلاً في المادة الحادية عشرة من تلك المعاهدة.

–       ونضيف أن المادتين الخامسة والعشرين والسادسة والعشرين، من معاهدة وادي عربة، نصّتا على أنها تسمو على كل ما عداها تماماً كما في معاهدة السلام المصرية – الإسرائيلية.

غير أن ذلك كله لم يُعفِ النظام الأردني من دفع ثمن كبير، بعد أن بات من الواضح أن مشروع ضم الضفة الغربية، في ظل “صفقة القرن”، يعني تصدير “المشكلة الفلسطينية” سياسياً إلى الأردن، وحلها على حساب ذاته القُطرية. وبذلك، فإن الاتفاقيات “الإبراهيمية”، كابنة شرعية للاتفاقيات ما قبل “الإبراهيمية”، انقلبت على أمها، وهذا طبيعي، لأن التفاهم مع العدو الصهيوني يعني تفاقم الصراعات العربية الداخلية. لقد دخلت السلطة في فلسطين والأردن في ترتيبات مع العدو تؤدي إلى تجاوزهما، ولولا أن البلاد تدفع ثمن التطبيع، لقلنا: على نفسها جنت براقش!

اتخذ التطبيع في الأردن، بحكم كونه دولة طرفية، وامتلاكه أطول حدودٍ مع العدو الصهيوني، وثقل التأثير الغربي فيه، وفقدان نظامه تراثاً استقلالياً وطنياً (في مقابل تراث وطني استقلالي عريق لشعبه)، صيغةً أكثر طغياناً مما اتخذه في مصر كدولة مركزية، تفصلها صحراء سيناء عن “دولة” العدو، وتملك إرثاً ناصرياً، وتملك قبله إرث دولة مركزية عريقة، على الرغم من استخزاء الأنظمة التي حكمت مصر بعد جمال عبد الناصر للطرف الأميركي – الصهيوني.

فُرِض التطبيع في الأردن بالقوة في كثيرٍ من الحالات، كما قُمِعت الاحتجاجات ضده في كثيرٍ من الحالات الأخرى، مثل اعتصام “جك” السلمي ضد السفارة الصهيونية في عمان، وهو أطول اعتصام في تاريخ الأردن، واستمر أسبوعياً منذ نهاية أيار/مايو 2010 حتى بداية عام 2016، وتم سحقه بالقوة في النهاية. 

وتكريساً لفكرة التكامل الإقليمي، جرى في عز الحرب على سوريا تحويل مرفأ حيفا إلى بوابة تصدير واستيراد، عبر الأردن، إلى الدول العربية. وكتبت صحيفة “جيروزاليم بوست”، في تقرير لها في الـ21 من شباط/ فبراير 2016، تحت عنوان “ارتفاع ضخم في المنتوجات الأوروبية المارة عبر إسرائيل إلى الدول العربية”، أن المنتوجات التركية والبلغارية بصورة خاصة تأتي على متن عبّارات تحمل شاحنات أو في حاويات إلى ميناء حيفا، ليتم شحنها براً إمّا إلى الأردن، وإمّا عبر الأردن إلى العراق والدول الخليجية، وأن عدد الشاحنات التي نقلت منتوجات تركية وبلغارية عبر الكيان بلغ نحو 13 ألفاً في عام 2015، دفع كلٌّ منها رسوماً إل العدو الصهيوني عند دخوله فلسطين العربية المحتلة وخروجه منها، وأن عدد تلك الشاحنات ارتفع بمقدار 25% عن عام 2014، إذ بلغت آنذاك 10.300 شاحنة. وهو ما يشكل، في رأينا المكتوب والمنشور، أهم عائق في فتح الحدود البرية على مصاريعها مع سوريا من جانب قوى الشد العكسي المستفيدة من مرفأ حيفا، في الأردن وخارجه.    

وفي شهر تشرين أول/أكتوبر 2016، أعلن الكيان الصهيوني تدشين خط سكة حديد بيسان – حيفا بتكلفة مليار دولار، الذي كان جزءاً من سكة حديد الحجاز قبل ذلك بقرنٍ ونيف. وقال بوعز تسفرير، المدير العام لشركة قطارات “إسرائيل”، بمناسبة التدشين وقتها، “إن خط قطار حيفا – بيسان سوف يربط ميناء حيفا بجسر (الشيخ حسين)، الواقع في منطقة الأغوار الشمالية، ثم سوف يواصل مسيره إلى الأردن، حيث مدينة إربد وصولاً إلى العاصمة عمَّان. وهو سيكون أيضاً قطاراً لشحن البضائع، وسوف يخدم سكان منطقة وادي الأردن، ويعزّز حركة التجارة لميناء حيفا، كما سيتم تعزيز عمل خط القطار الجديد خلال الأعوام المقبلة”. 

قبل التطبيع “الإبراهيمي” المعلن بأعوام، في 3/2/2017 تحديداً، نشرت وسائل الإعلام تصريحات لوزير المواصلات الصهيوني، يسرائيل كاتس، آنذاك، يقول فيها إنه يدفع في اتجاه تعزيز تبادل المعلومات بين الكيان الصهيوني والدول الخليجية، بسبب ما لذلك من تأثير إيجابي “في خطة التواصل البريّ المزمع إنشاؤها من إسرائيل مع دول الخليج”. كما أشار إلى أنّه، بصفته أيضاً وزيراً للمواصلات، يعمل على الدفع قُدُماً في هذا الاتجاه، وهناك “موافقة من رئيس الحكومة الإسرائيليّة بنيامين نتنياهو، على توسعة خط القطار بين إسرائيل والأردن، ليصل إلى المملكة العربيّة السعوديّة”، مُعتبراً أنّ “الأردن سيكون حلقة الوصل بين إسرائيل ودول الخليج في قضية السكك الحديديّة التي تربط بينهما”.  

وكان رشح، في صيف عام 2015، أن “الإدارة المدنية” للضفة الغربية، والتابعة للجيش الصهيوني، قرّرت المصادقة على مخطط لمدّ شبكة سكك حديدية في جميع أنحاء الضفة الغربية، وأن المخطط يشمل 473 كيلومتراً من السكك الحديدية، و30 محطة قطار في 11 خط سكة حديدية، “يتجاهل الحدود السياسية القائمة”، بحيث ستربط السكك الحديدية بين المدن الفلسطينية، كما ستربط هذه المدن بالمدن في “إسرائيل”، وبالأردن و”سوريا أيضاً”، “وستخدم جميع سكان المنطقة”. وبسبب الطبيعة الجبلية للضفة، فإن المخطط يشمل عشرات الجسور والأنفاق، بحسب مواقع متعددة عبر الإنترنت.

ليس الأردن والسلطة الفلسطينية، إذاً، إلّا منطقتين طرفيتين تمثّلان موطئ قدم للوصول إلى العراق وسوريا والدول الخليجية. وبالتالي، فإن مشروع “الكونفدرالية الثلاثية” (بين الأردن والدويلة الفلسطينية والكيان الصهيوني)، والذي يبرز بين الفينة والأخرى، ليس إلّا صيغة سياسية لتسهيل التغلغل الصهيوني في المشرق العربي.  

أسست معاهدة وادي عربة قاعدة لربط البنية التحتية في الأردن بالكيان الصهيوني من خلال عدد من المشاريع، مثل اتفاقية الغاز مع العدو الصهيوني بقيمة 10 مليارات دولار لمدة 15 عاماً لتوليد الكهرباء عام 2016، والتي أصدرت المحكمة الدستورية قراراً في أيار/مايو 2020 أنها لا يمكن أن تُلغى على الرغم من الاحتجاجات، ولا حاجة إلى عرضها على مجلس النواب… ومن تلك الاتفاقيات أيضاً مشروع قناة البحرين (الميت – الأحمر) لتحلية المياه وإنقاذ البحر الميت، بسبب سرقة “إسرائيل” مياه نهر الأردن، والذي لم يتم إعلان صيغة نهائية له بعد.. وهناك أيضاً المناطق الصناعية المؤهلة Qualified Industrial Zones (QIZ’s) والتي يتم بموجبها التصدير إلى الولايات المتحدة منذ التسعينيات من دون جمرك ما دام يوجد فيها مُدخل “إسرائيلي”، وأغلبية الشركات والعمالة فيها غير أردنية أصلاً.. ناهيك بتقارير كثيرة عن تطوير وادي الأردن ومشاريع مناطق حرة وصناعية ثلاثية مع السلطة الفلسطينية.

التطبيع لا ينجح إن لم تضمن “إسرائيل” روافع تمكّنها من قطع الكهرباء والماء والحياة الاقتصادية عن الدول المطبّعة إن هي قررت تغيير رأيها.  فلا أمان للكيان الصهيوني مع رأي شعبي عربي يمكن أن يمارس ضغوطاً تدفع في اتجاه وقف التطبيع. لذلك، فإن النموذج الأردني لإنتاج الكهرباء بغاز فلسطيني مسروق يضع كل مواطن أمام خيار صعب: إمّا أن يقبل التكامل الإقليمي مع “إسرائيل”، وإمّا أن يقبل العيش بلا كهرباء وماء واقتصاد… إلخ. ثم يقال له: إن شئت ألّا تطبّع، فلا تطبِّعْ!  

وستكون لنا عودة إلى البعد الاقتصادي للتطبيع، في مقالات مقبلة، إن شاء الله.

إن الآراء المذكورة في هذه المقالة لا تعبّر بالضرورة عن رأي الميادين وإنما تعبّر عن رأي صاحبها حصراً

Normalization between Arabic countries and “Israel”: Proven record of failure

16 Feb 2022

Source: Al Mayadeen Net

Hussam AbdelKareem 

“Israel” knew that it would never settle in the Arab region unless it gets recognized by its people as a “normal state”.

Normalization Between Arabic Countries and “Israel”: Proven Record of Failure

An Advanced Outpost for Colonial Powers

“Israel” had been created in 1948 as an advanced outpost for the colonial-imperial powers keen on dominating the Middle East region and keeping it under control. That’s the plain fact proven at different stages in recent history. And since the announcement of “Israel” as a state on the land of Palestine, it acted exactly like that: a militarized compound disguising in a state’s attire! In 1956 “Israel” was called to service by the then-great Britain and France when they decided to attack Egypt in an attempt to prevent it from liberating itself and nationalizing its Suez Canal. “Israel” joined the evil plot willingly and attacked Egypt without any provocation, showing to its old colonial masters that their investment was paying off. Later, when the British Empire was doomed to demise, “Israel” moved on and joined the camp of the rising star, America, which inherited the old lion. From the sixties of the last century onwards, “Israel” took part in the US’ global efforts in combating national liberation movements, communist-socialist regimes, and people’s revolutions.

When “Israel” was announced in 1948, it was met with unanimous Arab rejection. All Arab nations, many of them still under British – French control, refused to recognize it. Absolutely no Arab felt “Israel” belonged to the region, not culturally nor politically. Nobody was ready to deal with it in any way. Arab People looked at it not as a neighbor but as a group of usurpers who took over Palestine by force and displaced its Arab brothers who became refugees. A solid barrier of rejection and contempt was surrounding “Israel” who stayed in the heart of the Arab region as a bastard state.      

That’s why the normalization of relations with Arabic countries has always been of utmost importance for “Israel”. Even the smallest gesture from anywhere in the Arab world was being warmly welcomed by Israelis if they sense it could create a narrow crack in the rejection wall. “Israel” knew that it would never settle in the Arab region unless it gets recognized by its people as a “normal state”. “Israel” needed recognition more than anything else. “Israel” knew that no matter how strong its army is or how long its occupation of Palestinian lands lasts, it’s Arab recognition that gives it legitimacy and long-term future.

Three Old Normalization Accords

Before the new wave of Arab normalization with “Israel” in 2020, there were three normalization agreements between “Israel” and the Arabs:

-Camp David peace treaty with Egypt (1979)

-Oslo peace agreement with Palestine Liberation Organization (1993)

-Wadi Araba peace treaty with Jordan (1994)

Decades of formal normalization on three fronts resulted in nothing! It is true that written recognition from Arab governments was obtained by “Israel”. However, that can hardly be the real goal that “Israel” was after.

Let’s elaborate:

Egypt and Jordan are both sovereign independent states who were having occupied territories under Israeli control. So they had duty to restitute their lands from “Israel”. That, restitution the occupied land, was the basis for their peace treaties with “Israel”. The governments of Egypt and Jordan presented the matter to their people like that: we have to sign a peace treaty, we have to recognize “Israel” because there is no other way to get our lands back. We, as responsible governments, have to do that, but you, as people, as individuals, as society, have the freedom to make your own decision whether to normalize or not! And it seemed that logic was accepted by most of the people who “excused” their governments and took their own different path.

After four decades of Egyptian normalization, and three decades of Jordan’s, there is no people-to-people relations, no social contacts established, no community initiatives between the sides. The public opinion in Egypt and Jordan is still very much against any dealings with the Israelis. Anyone who “dares” to announce friendly relations with Israelis will be socially isolated and abandoned, swiftly. Civil society, political parties, unions and associations, intellectuals, writers, artists, cinema and sports stars … etc. all refusing to have anything to do with “Israel”. Cultural and economic boycott. The relations between Egypt and Jordan from one side and “Israel” on the other, remain official and limited to political meetings and border security arrangements. This kind of “normalization” can hardly be satisfactory to the Zionists of “Israel”.

The PLO is another story. Palestine is still under Israeli occupation. It’s neither liberated nor independent. Yasser Arafat wanted to have a base at home from which he may continue the struggle towards independence, so he signed an “interim” agreement. The Oslo Accord was supposed to be just a starting point and that’s what made Arafat accept all the unfair and un-advantageous terms imposed by Israelis. Well, Arafat was wrong, and the Israelis turned the “interim” agreement into an ever-lasting one! There are many relations between the Palestinians under occupation and “Israel” but that is, in no way, considered as “normalization” between the peoples. Matters related to borders crossing, transport of goods, water and electricity … are merely living conditions and requirements.

The failure of the decades-long official normalization speaks volumes. “Israel” has not shown any real appreciation of Arab concerns and aspirations. In short, they wanted “peace and normalization” with Arabs as a token of surrender. Palestine land will have to remain under Israeli occupation and Palestinian refugees will have to remain away from home. 

Will the new normalizers have better luck?

In 2020 new Arab normalizers jumped in, under Trump’s patronage, and signed the so-called Abraham Accords (it is telling that the Biden administration keenly avoids the term “Abraham” and refers to the “normalization agreements” instead, intentionally ignoring the religious implications of the term). Unlike Egypt, Jordan and the PLO, the new Arab normalizers are very far away from “Israel”, thousands of miles away! Moreover, the UAE, Bahrain, Morocco and Sudan have no “bilateral” or direct conflict with “Israel” and are therefore under no pressure to conclude any deal with “Israel” whatsoever.

The new normalizers were unable to use the “solving pressing problems” excuse to justify their rush towards “Israel” to their people (who were never consulted about the matter!). So they started talking about modernization, civilization and “peace in the region” and other similar broad ideas. They began a faked kind of “heart to heart” normalization that has an artificial element of passion and love towards “Israel” in it! Sudan in particular talked about improving the economy (lifting the US sanctions and getting World Bank loans) as an excuse.

The new wave of normalization will not succeed, not because the signing parties don’t want that, but because there is no real basis for success in these deals. “Israel” is still the same old Zionist entity that Arabs know very well, and Al-Quds still under occupation, Palestinians still deprived of their homeland and “Israel” is still posing a constant threat to Arab nations. Even history tells us that the economic benefits of normalization won’t work! If anybody has doubt about that, a mere look at Egypt’s and Jordan’s economic hardships – after decades of normalization- will be enough to prove that: NORMALIZATION WON’T WORK.

The opinions mentioned in this article do not necessarily reflect the opinion of Al mayadeen, but rather express the opinion of its writer exclusively.

عندما ينتفض الأردن ضد التطبيع

 ناصر قنديل

بخلاف ما يظنه الكثيرون الذين لا تبهرهم إلا الدول التي تملك أموالا طائلة، يحتل الأردن موقعاً مؤثراً في خريطة الجغرافيا السياسية والاقتصادية والأمنية للمنطقة، فقد قام مشروع الحرب على سورية على ركيزتين في الجغرافيا هما تركيا والأردن، وعندما خرج الأردن من الحرب اختل التوازن وبدأ أفول الحرب، أما مشروع التطبيع فيعتمد على الأردن كبيضة قبان، فالأردن هو المعبر الجغرافي للتطبيع الاقتصادي بين الخليج وكيان الاحتلال، حيث لا معنى للتطبيع الا باكتمال خطة نقل النفط الخليجي عبر الأردن .إلى ساحل المتوسط في فلسطين المحتلة، وتأمين خطوط نقل السلع التجارية .إلى الخليج من مرافئ فلسطين المحتلة على المتوسط، ولا يستقيم التطبيع إلا بتفكيك المشرق أو بلاد الشام، ولذلك كان الأردن ركيزة ما سمي بمشروع الشام الجديد الذي يضم العراق ومصر ويتوسطه الأردن، لتأمين بيع الغاز والكهرباء من مصر إلى العراق، فتنتعش مصر ويفصل العراق عن إيران.

قدرة الأردن على تحمل تبعات التطبيع شعبياً وسياسياً هي ما يخضع لمقياس الضغط بصورة مستدامة لمعرفة درجة الأمان في السير بالخطوات المكلفة للاستثمار في خطط التطبيع الطويلة المدى، كأنابيب نقل النفط وخطوط تجارة الترانزيت، لذلك كانت الخطة الأولى هي تأمين عائدات للمواطن الأردني من مشروع التطبيع لضمان اشتراكه بالاستفادة، وفقاً لما يسمى برشوة الشعوب لإشراكها بالخيانة أو الاستعمار، وهذه هي وظيفة المشروع الممول تحت عنوان التطبيع لبناء مزارع توليد الطاقة الجديدة النظيفة من الشمس، في الصحراء الأردنية وبيعها لكيان الاحتلال، مقابل شراء كميات من المياه المحلاة التي تنفذها مشاريع يمولها ذات البرنامج ضمن إطار التشجيع على التطبيع، ولم يكن أحد من القيمين على المشروع ليضع في حسابه أن يتعرض البرنامج لحملة احتجاج شعبية تعادل الانتفاضة تجعله موضع إعادة نظر، في ضوء خروج الآلاف من الأردنيين في تظاهرات رفض التطبيع، ما تؤشر عليه نحو المستقبل.

عندما يخرج الأردنيون رفضاً لمشاريع التطبيع المصممة لكسب ودهم ورضاهم، بالتالي صمتهم على ما سيليها، وما يطلب إليهم حراسته وتوفير أمنه من مشاريع عملاقة لاحقة، فهذا يعني نسف فرص قيام هذه المشاريع، التي لا يمكن حمايتها إلا بالاستقرار، فمسار مئات الكيلومترات لأنابيب النفط وقوافل التجارة وباصات السياح، لا يمكن حمايته بنشر مئات آلاف الجنود على المسار، بل بخلق بيئة متصالحة مع المشاريع توفير الاستقرار السياسي والأمني، وهذا ما فشل بالأمس فشلاً ذريعاً، وما ليس بالإمكان تجاهل فشله وتجاوزه والسير بالمشاريع التي يصبح التطبيع من دونها أقل قيمة ومردود، وتموت تطلعات أصحابه للشراكات الاستراتيجية المربحة، وهذا يعني بالتوازي صرف النظر عن مشاريع ضمان أمن التطبيع عبر صيغة الشام الجديد، التي تضم الأردن والعراق ومصر.

  النهوض الشعبي الأردني بوجه التطبيع ليس غريباً على الأردن، بقياس المواجهات التي خاضها الأردنيون مراراً بوجه حلقات متعددة منذ اتفاق وادي عربة، وكانت الدعوة لإقفال سفارة كيان الاحتلال أحد تجلياتها، ورفض اتفاق الغاز بين كيان الاحتلال والأردن احد محطاتها، لكن منذ معركة سيف القدس ينمو في الأردن مناخ مشابه للمناخ الفلسطيني، حيث تتصاعد الآمال بخط المقاومة وقدرته على تحقيق المزيد من الإنجازات، وبسبب التداخل التاريخي بين الفلسطينيين والأردنيين نسبة الفلسطينيين المقيمين في الأردن وحاملي الجنسية الأردنية بينهم يصعب الفصل بين الخيارات الأردنية الشعبية ونهوض القضية الفلسطينية، ويبدو أن مسار التطبيع الذي بني على فرضية ضمان التموضع في الأردن كبيضة قبان ضامنة للنجاح سيجد مقبرته في الأردن.

فيديوات متعلقة

مقالات متعلقة

التوقيت: المسار الإبراهيمي

Visual search query image
مفكرة عربية

أغسطس 9 2021

المصدر: الميادين نت

بثينة شعبان

مراجعة متأنية لتاريخنا العربي، وخاصة لتاريخ الصراع العربي الإسرائيلي، تُري أن العدو أحكم استخدام التوقيت بينما لم يحسن العرب ذلك.

لا شك أن الوقت هو هبة الله للإنسان، لأنّ الإنسان في النهاية هو بضعة أيام على هذه الأرض، ولكن إتقان التوقيت هو الذي يجعل هذا الوجود مفيداً أو متميزاً أو مثمراً.

بما أننا لا نستطيع أن نغير شيئاً في الأحداث التي مضت، يتوجب علينا الاستفادة منها لقراءة ما يحاك لنا اليوم

وقد عبّرت الأمثلة التي تطرحها شعوب مختلفة عن أهمية التوقيت؛ فالمثل الإنكليزي يقول “التوقيت هو الجوهر”، والمثل الأميركي يقول “التوقيت هو كل شيء”. وقد لاحظتُ من خلال متابعتي لأمور شتّى أن الإنسان يمكن أن يخسر رهانات هامة في الحياة نتيجة عدم اهتمامه بالتوقيت رغم توفر كافة المؤهلات والشروط التي تمكّنه من كسب الرهان فقط لو أحسن التوقيت.  

ولاحظتُ حيوية ومصيرية التوقيت وخصوصاً في الإعلام والسياسة؛ فحين تتناقل وكالات الأنباء خبراً تعتبره الخبر الأول؛ حينذاك يمكن لك أن تدلي بدلوك وأن تجد آذاناً صاغية لأنها متعطشة لسماع أي شيء يتعلق بهذا الخبر، ولكن إذا انتظرت لليوم الثاني لن تجد من يستقبل خبرك حتى وإن كان أكثر مصداقية وقيمة من كل ما قيل في اليوم الأول. وهذا ذاته ينطبق على السياسة والأعمال أيضاً.

إن مراجعة متأنية لتاريخنا العربي، وخاصة لتاريخ الصراع العربي الإسرائيلي، تُري أن العدو أحكم استخدام التوقيت بينما لم يحسن العرب ذلك، لأنهم لم يعملوا من منطلقات استراتيجية واضحة وكانوا في غالب الأحيان يعالجون ظواهر الأحداث بدلاً من مسبباتها الحقيقية.

وبما أننا لا نستطيع أن نغير شيئاً في الأحداث التي مضت، يتوجب علينا على الأقل الاستفادة منها لقراءة ما يحاك لنا اليوم قراءة معمقة وواعية، لكي نتعامل معها في الوقت المناسب وقبل فوات الأوان.

لقد صدّر الغرب لنا ومنذ القرن التاسع عشر مصطلح “ميثاق إبراهيم” الذي يجمع بين المؤمنين قبل أن يتحول في القرن العشرين إلى حقل دراسات مستقلة للديانات الإبراهيمية، وطبعاً المقصود فيها اليهودية والمسيحية والإسلام وقبل أن تصدر تفرعاته عن مؤسسات أهلية ثقافية وسياحية في الغرب تتحدث عن الأخوة الابراهيمية العابرة للديانات والشعوب والبلدان، إلى أن انطلقت في العام 2004 رسمياً في جامعة هارفارد “مبادرة مسار الحج الابراهيمي” بدعم من مشروع التفاوض الدولي في كلية الحقوق في جامعة هارفارد وبمشاركة عالمية لباحثين ورجال دين وأعمال وخبراء في السياحة البيئية وآخرين.

وهدف المبادرة هو افتتاح مسار سيراً على الأقدام يسلك مواقع ثقافية ودينية وسياحية يتتبع خطى النبي إبراهيم عليه السلام منذ أكثر من أربعة آلاف عام، ويبدأ المسار من مدينة أور العراقية مروراً بإيران وسوريا وصولاً إلى مدينة الخليل الفلسطينية حيث يعتقد أن قبر النبي إبراهيم الخليل هناك.

وبدأت منظمات أميركية أهلية وغربية تدعو إلى إحياء هذا المسار ثقافياً وسياحياً وروحياً وتتحدث عن فوائده الاقتصادية بينما ركز القادة الأميركان على استغلاله لأهداف أخرى؛ إذ حين أشرف الرئيس جيمي كارتر على اتفاق كامب ديفيد بين مصر والكيان الصهيوني قال في كلمته “دعونا نترك الحرب جانباً، دعونا الآن نكافئ كلّ أبناء إبراهيم المتعطشين إلى اتفاق سلام شامل في الشرق الأوسط، دعونا الآن نستمتع بتجربة أن نكون آدميين بالكامل وجيراناً بالكامل وحتى أخوة وأخوات”.

وفي عام 1993 حين أشرف الرئيس بيل كلينتون على توقيع اتفاق أوسلو بين إسحق رابين وياسر عرفات قال: “إن أبناء إبراهيم؛ أي نسل إسحق وإسماعيل، انخرطوا معاً في رحلة جريئة، واليوم مع بعضنا بكل قلوبنا وأرواحنا نقدّم لهم السلام”.

وفي عام 1994 وخلال اتفاقية وادي عربة التطبيعية بين الأردن والكيان الصهيوني قال الملك حسين: “سوف نتذكر هذا اليوم طيلة حياتنا لأجل أجيال المستقبل من الأردنيين والإسرائيليين والعرب والفلسطينيين، كل أبناء إبراهيم”.

وفي إطار توظيف الابراهيمية سياسياً برز في الغرب مصطلح “الدبلوماسية الروحية” وتم تعريفه بأنه مسار من مسارات التفاوض تستهدف حل النزاع أو منع حدوثه من أجل بناء سلام ديني عالمي عبر تقارب الديانات الإبراهيمية أو الدين العالمي الواحد.

وفي هذا الإطار ذاته أتت زيارة قداسة بابا الفاتيكان لمدينة أور الأثرية وللمرجعية الشيعية في النجف السيد السيستاني كي يتم إدخال المرجعية الشيعية في هذا المسار بعد أن طبّعت دول عربية أخرى مع الكيان الصهيوني. ولكن اللافت في تلك الزيارة أن قداسة البابا قد اصطحب معه عشر بعثات أثرية للتنقيب عن الآثار في مدينة أور العراقية؛ فما هي علاقة الآثار بهذا المسار؟

تقول الدكتورة هبة جمال الدين مدرس العلوم السياسية في القاهرة، إن الهدف النهائي لهذا المسار هو الكشف عن آثار تُثبت أن الشعوب الأصلية لهذه المنطقة ليسوا العرب بل اليهود الذين تم تهجيرهم من البلدان العربية، والمطالبة بتعويضات لهم ومحو الثقافة العربية وتأسيس اتحاد الأرض الإبراهيمية المشتركة مع رموز دينية جديدة وثقافة جديدة باشروا بالتأسيس لها من خلال تسجيل “المحكي” أو “الحكي”؛ أي توثيق تاريخ جديد من أفواه من يختارون ليحلّ مكان التاريخ الموجود والمعتمد في المنطقة، وقد كتبت الدكتورة هبة جمال الدين كتاباً عن “المسار الإبراهيمي الملغوم” فنّدت فيه الأهداف السياسية البعيدة لهذا المشروع ألا وهي إزالة الحدود وإزالة الانتماء للدول كما نعرفها اليوم، وتقويم المواطنين كمواطنين ينتمون فقط للديانة الإبراهيمية والتي دون شك سيكون الغرب والكيان الصهيوني هما المشرفان على وضع أسس هويتها والانتماء لها.

وقد تبنى الرئيس الأميركي ترامب هذه التسمية في الوثائق الأميركية، ولكن ومنذ فترة أصدر الرئيس بايدن أمراً بشطب مصطلح الإبراهيمية من الوثائق واستبداله بـ “التطبيع “؛ إذ نتذكر أن الاتفاقات الأخيرة التي عقدت بين الإمارات العربية المتحدة والبحرين من جهة وبين “إسرائيل” من جهة ثانية تمت تسميتها بـ”اتفاقات أبراهام”، والسبب أن الرئيس بايدن أمر بحذف هذا المصطلح لأن هوية المشروع بدأت تتكشف للباحثين والمناهضين له فخاف عليه أن يتم إجهاضه واعتبر أن الوقت لم ينضج بعد للإفصاح عن هذا المشروع الخطير والترويج له.

ويأتي هذا المشروع نتيجة فشل الكيان بالتطبيع مع الشعب العربي في مختلف أقطاره رغم أنه وقّع اتفاقيات مع حكومات متعاقبة في دول عربية مختلفة إلا أن هذه الاتفاقيات لم تحظ بتأييد الشعب ولم تترجم على أرض الواقع ولذلك فإن المسار الإبراهيمي يهدف إلى التطبيع الشعبي مستخدمين غطاء دينياً وسياحياً وإنسانياً للحديث عن المحبة والأخوة في الوقت الذي يتم الإبقاء على احتلال الأرض وقتل أهلها الأصليين ونهب الثروات وابتلاع الحقوق.

إن المطلوب اليوم من المرجعيات البحثية والدينية والسياسية في وطننا العربي هو مقارعة هذا التيار بالفكر والحجة والمنطق والحقوق وعدم إغفاله أو السكوت عنه، والتوقيت هو البارحة واليوم وغداً. وألا يُسمح لمثل هذه الأفكار والرؤى أن تصبح جزءاً من المناهج التعليمية حيث تعمل منظمات مختلفة لدسّ هذه المفاهيم في مناهج عربية، وأن يتمّ تفنيد خطورة الاسم والمسمى والأهداف الملغومة المبطنة لمشروع يستهدف عروبتنا ووجودنا وحقوقنا في حضارتنا وتاريخنا وأرضنا ومستقبل أجيالنا.

جمال عبد الناصر.. في ذكراه الخمسين: لا صلح.. لا تفاوض.. لا اعتراف

محب للجميع Twitterren: "من اقوال هذا الرجل ( اذا وجدتم امريكا راضية عني  فاعلموا اني اسير في الطريق الخطا ) http://t.co/ipHCFfZUeE"

د. جمال زهران

يأتي يوم 28 سبتمبر/ أيلول 2020، ليذكرنا بالذكرى الخمسين لرحيل الزعيم جمال عبد الناصر، أيّ نصف قرن من عمر الزمن والتاريخ، وذلك وسط متغيّرات وظروف بيئية في منتهى القسوة إقليمياً ودولياً، بل ومحلياً داخل الأقطار العربيّة. فنحن نعيش عصر التدهور العربي خاصة في محور الرجعية العربية، مقابل تصاعد محور المقاومة الذي يواجه ضغوطاً غير مسبوقة، ومع ذلك يحقق الانتصارات تباعاً.

ومن أهمّ المتغيّرات التي يواجهها الإقليم والقضية الفلسطينية، ما حدث من اختراق رسمي وعلني صهيوني لدول الخليج التي كانت عربية، لتسقط الدولة تلو الأخرى في براثن الكيان الصهيوني (إسرائيل)، بإعلان التطبيع وتأسيس العلاقات بينهم وبين “إسرائيل”. وفي المقدّمة رسمياً (الإمارات – البحرين)، والبقية في الطريق بقيادة رأس الرجعية العربية وهي المملكة السعودية، وذلك عدا دولة الكويت التي أعلنت رفضها القاطع للتطبيع مع الكيان الصهيوني.

تلك الإشارة هي التي تتعلق بالذكرى الخمسين لرحيل عبد الناصر الذي كان يمتلك رؤية كاملة وشاملة وواضحة إزاء العداء لهذا الكيان الصهيوني منذ بداية قيامه ورفاقه بثورة 23 يوليو 1952، ولعلّ السبب الرئيسي الذي ساهم في بناء رؤيته، هو مشاركته في حرب 1948، التي كانت بداية لتفتح ذهنه وعقله وإدراكه حقائق القضية، وعاد منها مكسوراً، حيث رأى أنّ الطريق لتحرير فلسطين هو تغيير الداخل في مصر والثورة عليه، لتكون البداية لقيادة مصر للصف العربي في مواجهة الاستعمار. فكيف نقضي على الاستعمار الصهيوني في فلسطين، والاستعمار الإنجليزي موجود في مصر، ورأس الحكم (الملك) يتحالف معه ضدّ الشعب والحركة الوطنية؟! فلا بد إذن من تحرير مصر أولاً، وهو ما حدث وقامت ثورة 23 يوليو/ تموز 1952، بقيادة جمال عبد الناصر.

فقد كان عبد الناصر، طبقاً لما هو وارد في “فلسفة الثورة”، وأكده في الكثير من خطبه، أنّ الأعداء السياسيين لمصر والوطن العربي كله، هم: (الاستعمار العالمي – الصهيونية – الرجعية العربية)، وأنّ الطريق للمواجهة الشاملة مع هؤلاء الأعداء تكون بتحقيق الاستقلال الوطني والتنمية المستقلة والشاملة لتحقيق النهضة الحقيقية بالاعتماد على الذات وتحقيق التقدم من خلال التعليم الواسع والصحة والثقافة والإعلام الجيد. فضلاً عن تبنّي مشروع تنموي حقيقي عموده الفقري “الصناعة والزراعة”. ولذلك أنجز بعد التمصير والتأميم، نهضة صناعية قوامها مشروع الـ (1400) مصنع، شاملاً الصناعات الاستراتيجية كالحديد والصلب والفوسفات والسيارات، وغيرها كما أنه في مواجهته للاستعمار خاض معركة بناء السدّ العالي الذي رفض تمويله البنك الدولي وصندوق النقد، فقرر الاعتماد على الذات ودعم الصديق الدولي (الاتحاد السوفياتي)، وتمّ بناء السدّ في (10) سنوات (1960 – 1970م).

حيث إنّ السدّ العالي، ساهم في توليد الكهرباء وهي أساس مشروع النهضة الحديثة في الصناعة والزراعة، وتوصيل الكهرباء للريف المصري وكلّ أنحاء مصر. كما أنّ كلّ ذلك – حسبما رأى وفعل – مهدّد إذا ما لم يتأسّس على تحقيق العدالة الاجتماعية وبناء طبقة وسطى، ودعم الكادحين، وعمودها الفقري العمال (صناعيين وزراعيين)، وموظفو الدولة والقطاع العام.

ولذلك، فقد أصدر جمال عبد الناصر، قانون الإصلاح الزراعي في 9 سبتمبر/ أيلول 1952، بوضع الحدّ الأقصى للملكية (200 فدان – صارت بعد ذلك إلى (50) فدانا، وقام بتوزيع الباقي على الفلاحين ليتحوّلوا من أجراء إلى ملاك، فيتم إصلاح حال البناء الطبقي في مصر في ضوء ذلك تدريجياً، وأعاد بذلك توزيع الدخل القومي والثروة لصالح الأغلبية.

ثم خاض معركة تأميم قناة السويس في 26 يوليو/ تموز 1952، ويستردّها للشعب، بعدما طرد الاستعمار الإنجليزي، وذلك بعقد اتفاقية الجلاء، وبعد رفض البنك الدولي والصندوق تمويل السدّ العالي، كعقبة أمام استقلال واستقرار مصر، فكان ردّه العاجل والمباشر هو تأميم قناة السويس، واستعادة ملكيتها للشعب المصري، فكان ردّ فعل الاستعمار هو العدوان الثلاثي (بريطانيا – وفرنسا – “إسرائيل”) على بور سعيد، والذي فشل، وانتصرت مصر التي أدركت ما وراء وجود هذا الكيان الصهيوني في المنطقة العربية كخنجر في ظهر الأمة العربية.

ولم يهدأ الاستعمار والصهيونية والرجعية، وذلك بافتعال أزمة، أسهمت في نكسة 1967، وكان عبد الناصر يتمتع بحسّ المسؤولية، حيث أعلن عن مسؤوليته وتنحى عن منصبه، إلا أنّ جماهير مصر الواعية أدركت عمق المؤامرة على مصر وفلسطين والعرب، وتمسكوا به، وأجبروه على التراجع فما كان منه إلا أن أعاد بناء القوات المسلحة بنفسه، وأدار حرب الاستنزاف على مدار (1000) يوم وأكثر من (1400) عملية عسكرية ضدّ “إسرائيل”، وأعدّ خطط الحرب النهائية (جرانيت1، جرانيت2، والخطة 200). ولكن القدر لم يمهله حتى يحقق النصر الكامل على الأعداء، ولكن ما حققه كان المقدمة لحرب أكتوبر 1973، بحسم.

وفي أعقاب النكسة، دعا عبد الناصر لعقد لقاء قمة عربية في الخرطوم، ليعلن اللاءات الثلاث وهي: (لا.. للصلح، لا.. للتفاوض، لا.. للاعتراف).

هذه هي مكونات الموقف العربي الشامل ضد الكيان الصهيوني ومن ورائه من استعمار ورجعية عربية متآمرة حذرنا جمال عبد الناصر، كثيراً، من خطورتها باعتبارها عميلة الاستعمار الأميركي.

فقد عرضت عليه مشروعات للتصالح مع “إسرائيل”، يستردّ بها كل سيناء مقابل الصلح، ورفض معلناً أنّ “فلسطين قبل سيناء”. إلا أنّ القوى المضادة لعبد الناصر ومشروعه، بدأت خطواتها من داخل مصر في عهد السادات. فلم يكن السادات ينوي الحرب لتحرير الأرض التي احتلتها “إسرائيل”، والدليل طرحه لمبادرة فتح جزئي لقناة السويس، في 4 فبراير/ شباط 1971، وفتح قنوات الاتصال بالمخابرات الأميركية وإدارتها، عبر المخابرات السعودية ومديرها آنذاك كمال أدهم، فضلاً عن قيامه بتأزيم العلاقات مع الاتحاد السوفياتي وطرد خبرائه في يوليو/ تموز 1972! لكن كان للقوات المسلحة المصرية بالتنسيق مع القوات المسلحة السورية (الجيش الأول)، والقيادة السورية، الكلمة الفصل وممارسة الضغوط عليه، حتى قبل الدخول في الحرب ووافق على قرار الحرب، وبعد العبور وتدمير خط بارليف في (6) ساعات، وفي اليوم نفسه (6) أكتوبر/ تشرين الأول بدأ فتح قناة الاتصال مع الأميركان للتراجع للأسف! وازدادت ضراوة القوة المضادة للناصرية بقيادة السادات، بعد حرب أكتوبر، إيذاناً بعصر الانفتاح، والرأسماليّة، وعودة الإقطاع، والتصالح مع الرجعية العربية، والتواصل مع أميركا.. لتصل الأمور لقمتها بالذهاب للقدس 1977، ثم كامب ديفيد 1978، ثم المعاهدة المصرية الإسرائيلية عام 1979! كمحاولة لطوي صفحة الصراع العربي الصهيوني، إلى صفحة “السلام الوهمي”! وكان الهدف هو تعبيد الأرض لسلامات وانكسارات باتفاقيات مشبوهة في وادي عربة وأوسلو، إلى أن تمّ مؤخراً مع الإمارات والبحرين، والبقية الخليجية في الطريق كما هو معلن للأسف مع الكيان الصهيوني، رسمياً، والداعم أو الراعي الرئيسي له وهو ترامب، الرئيس الأميركي، في محاولة لإنقاذه من الرسوب في الانتخابات المقرّر لها بعد شهر وأيام من الآن، وإنقاذ نتنياهو من السجن والعزل!

ختاماً: فإنه في ظلّ الذكرى الخمسين لرحيل الزعيم جمال عبد الناصر، مؤسّس فكر المقاومة الحقيقي، يمكن القول بأننا سنظلّ على الطريق مقاومين للتبعية، ومقاومين للكيان الصهيوني حتى الزوال وتحرير كلّ فلسطين من النهر إلى البحر.

وسنظلّ متمسكين باللاءات الثلاث، (لا صلح.. لا تفاوض.. لا اعتراف).

كما سنظلّ مقاومين لتحقيق الاستقلال الوطني والتقدم والحرية والاعتماد على الذات وتحقيق الديمقراطية، حتى بلوغ الوحدة العربية قريباً إنْ شاء الله…

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

*أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية، والأمين العام المساعد للتجمع العربي الإسلامي لدعم خيار المقاومة، ورئيس الجمعية العربية للعلوم السياسية.

فيديوات متعلقة

مقالات متعلقة

Israel And The Emirates Sign The “Abraham Accords”

Written by Thierry MEYSSAN on 25/09/2020

The situation in the Middle East has been blocked since the Oslo Accords signed by Yitzhak Rabin and Yasser Arafat in 1993. They were supplemented by the Jericho-Gaza Agreement, which recognizes certain prerogatives of the Palestinian Authority, and the Wadi Araba Agreements, which concluded peace between Israel and Jordan.

At the time, the Israeli government intended to separate definitively from the Palestinians. It was ready to do so by creating a Palestinian pseudo-state, devoid of several attributes of sovereignty, including an independent army and finances. Labour’s Yitzhak Rabin had previously experimented with Bantustans in South Africa, where Israel was advising the apartheid regime. Another experiment took place in Guatemala with a Mayan tribe under General Efraín Ríos Montt.

Yasser Arafat accepted the Oslo Accords to derail the process of the Madrid Conference (1991). Presidents George W. Bush and Mikhail Gorbachev had tried to impose peace on Israel by removing Arafat from the international scene with the support of Arab leaders.

Despite all this, many commentators believed that the Oslo Accords could bring peace.

In any case, 27 years later, nothing positive has limited the suffering of the Palestinian people, but the state of Israel has been gradually transformed from within. Today this country is divided into two antagonistic camps, as evidenced by its government, the only one in the world to have two Prime Ministers at the same time. On the one hand the partisans of British colonialism behind the first Prime Minister, Benjamin Netanhyahu, on the other hand the partisans of a normalization of the country and its relations with its neighbors, behind the second Prime Minister, Benny Gantz. This two-headed system reflects the incompatibility of these two projects. Each camp paralyzes its rival. Only time will come to end the colonial project of conquering Greater Israel from the banks of the Nile to those of the Euphrates, the comet tail of an outdated era.

Since the attacks of September 11, 2001, the United States has implemented the Rumsfeld/Cebrowski strategy aimed at adapting the US army to the needs of a new form of capitalism based no longer on the production of goods and services, but on financial engineering. To do this, they began an “endless war” of destruction of state structures throughout the “broader Middle East” without taking into account their friends and enemies. In two decades, the region became cursed for its inhabitants. Afghanistan, then Iraq, Libya, Syria, Yemen are the theater of wars presented as lasting a few weeks, but which last indefinitely, without perspective.

When Donald Trump was elected president, he promised to put an end to the “endless wars” and to bring US soldiers home. In this spirit, he gave carte blanche to his special adviser and nevertheless son-in-law, Jared Kushner. The fact that President Trump is supported in his country by Zionist Christians and that Jared Kushner is an Orthodox Jew has led many commentators to portray them as friends of Israel. If they do indeed have an electoral interest in letting this be believed, it is not at all their approach to the Middle East. They intend to defend the interests of the American people, and not those of the Israelis, by substituting trade relations for war on the model of President Andrew Jackson (1829-37). Jackson managed to prevent the disappearance of the Indians he had fought as a general, although only the Cherokees signed the agreement he proposed. Today they have become the largest Native American tribe, despite the infamous episode of the “Trail of Tears”.

For three years, Jared Kushner travelled through the region. He was able to see for himself how much fear and hatred had developed there. For 75 years, Israel has persisted in violating all UN resolutions that concern it and continues its slow and inexorable nibbling of Arab territory. The negotiator reached only one conclusion: International Law is powerless because almost no one – with the notable exception of Bush Sr. and Gorbachev – has wanted to really apply it since the partition plan for Palestine in 1947. Because of the inaction of the international community, its application if it were to happen today would add injustice to injustice.

Kushner worked on many hypotheses, including the unification of the Palestinian people around Jordan and the linking of Gaza to Egypt. In June 2019, he presented proposals for the economic development of the Palestinian territories at a conference in Bahrain (the “deal of the century”). Rather than negotiating anything, the idea was to quantify what everyone would gain from peace. In the end, he managed, on September 13, 2020, to get a secret agreement signed in Washington between the United Arab Emirates and Israel. The agreement was formalized two days later, on September 15, in a watered-down version.”

Press in the Emirates
The press in the Emirates does not have the same version of the events as that of Israel. None of them has an interest in expressing itself frankly.

As always, the most important thing is the secret part: Israel was forced to renounce in writing its plans for annexation (including the territories allegedly “offered” by Donald Trump in the “deal of the century” project) and to let Dubai Ports World (known as “DP World”) take over the port of Haifa, from which the Chinese have just been ejected.

This agreement is in line with the ideas of the second Israeli Prime Minister Benny Gantz, but represents a disaster for the camp of the first Prime Minister, Benjamin Netanyahu.

Not having read the secret part of the agreements myself, I do not know if it clearly indicates the renunciation of annexing the Syrian Golan Heights, occupied since 1967, and the Lebanese Shebaa Farms, occupied since 1982. Similarly, I do not know whether compensation is provided for the port of Beirut, since it is clear that its eventual reconstruction would be detrimental both to Israel and to the Emirates’ investments in Haifa. However, the Lebanese President, Michel Aoun, has already publicly evoked a real estate construction project instead of the port of Beirut.

In order to make this treaty acceptable to all parties, it has been named “Abraham Accords”, after the common father of Judaism and Islam. The paternity was attributed, to the great joy of Benny Gantz, to the “outstretched hand” (sic) of Benjamin Netanyahu, his toughest opponent. Finally, Bahrain was associated with it.

This last point aims to mount the new regional role that Washington has granted to the Emirates in replacement of Saudi Arabia. As we announced, it is now Abu Dhabi and no longer Riyadh that represents US interests in the Arab world Other Arab states are invited to follow Bahrain’s example.

The Palestinian President, Mahmoud Abbas, has not had harsh words against the Emirati “betrayal”. He was taken up both by those who remain hostile to peace (the Iranian ayatollahs) and by those who remain committed to the Oslo Accords and the two-state solution. Indeed, by formalizing diplomatic relations between Israel and the new Arab leader, the Emirates, the Abraham Accords turn the page on the Oslo Accords. The palm of hypocrisy goes to the European Union, which persists in defending international law in theory and violating it in practice.

If President Trump is re-elected and Jared Kushner continues his work, the Israeli-Emirati agreements will be remembered as the moment when Israelis and Arabs regained the right to speak to each other, just as the overthrow of the Berlin Wall marked the moment when East Germans regained the right to speak to their relatives in the West. On the contrary, if Joe Biden is elected, Israel’s nibbling of Arab territories and the “endless war” will resume throughout the region.

Relations between Israel and the Emirates had long since stabilized without a peace treaty since there was never a declared war between them. The Emirates have been secretly buying arms from the Jewish state for the past decade. Over time this trade has increased, especially in terms of telephone interceptions and internet surveillance. In addition, an Israeli embassy was already operating under cover of an intelligence agency.

In addition, an Israeli embassy was already operating under cover of a delegation to an obscure UN body in the Emirates. However, the “Abraham Accords” challenge the dominant Arab-Israeli discourse and shake up internal relations in the entire region.

Source: Voltaire Network

خلافات الفلسطينيين وقود التطبيع العربي ـ «الإسرائيلي»

د. عدنان منصور

This image has an empty alt attribute; its file name is Untitled-779-780x470.png

منذ توقيع اتفاقية كامب دايفيد عام 1978، بدأ تراجع الدور العربي وانحداره، ليأتي بعد ذلك اتفاق أوسلو عام 1993، واتفاق وادي عربة عام 1994.

إنّ اتفاق أوسلو جاء بكلّ تأكيد، ليطوّب هذا التراجع، ويؤكد على الانحدار الذي تمّ في ليلة ظلماء، على يد أصحاب القضية المركزية الفلسطينية، والذي أفسح المجال دون أدنى شكّ، للوصول الى حالة التراجع والتفكك والضعف، التي يعيشها الفلسطينيون والعرب منذ ثلاثة عقود وحتى اليوم. وبما أنّ صاحب القضية الأول، وللأسف الشديد، قد فتح بابه على مصراعيه أمام العدو وكيانه الصهيوني، دون ضوابط أو حذر أو عواقب وخيمة، واعترف بكيانه وبوجوده، فإنّ الموقف الفلسطيني والعربي، والقيّمين على المقدسات الإسلامية والمسيحية، أصبح موقفاً هزيلاً، ضعيفاً، منقسماً على نفسه. إذ كيف يمكن للقيادة الفلسطينية التي اعترفت بالعدو، أن يكون دورها وموقفها قوياً، مؤثراً، جامعاً، حازماً، حاسماً، عندما تطالب الآخرين في العالم العربي وخارجه بعدم التطبيع! لأنّ من يجب عليه أن يحافظ على القضية الفلسطينية بالدرجة الأولى، ورفض الاعتراف بالعدو الصهيوني، هم الفلسطينيون أنفسهم، قبل غيرهم. لأنّ الآخر لن يكون ملكياً أكثر من الملك، ولن يكون فلسطينياً أكثر من الفلسطينيين أنفسهم، بحكم الواقع والمنطق والمصالح والتحالفات.

إنّ انقسام الفلسطينيين على بعضهم البعض لسنوات طويلة، وتضييع العديد منهم بوصلة النضال، باعتمادهم الحوار والمفاوضات السلمية والوسائل الدبلوماسية، والتعويل على القوى الخارجية التي وقفت دائماً ضدّ مصالح الأمة وحقوق شعوبها، وعلى الرهان على أنظمة، ما كانت إلا في خدمة هذه القوى، ما بدّد آمالهم في تحقيق أهدافهم، لإقامة دولتهم الفلسطينية المستقلة. تعويل ورهان، جعل العدو وحلفاءه في العالم والمنطقة، ان يستغلوا الفرص، وينتهزوا النوايا “الطيبة” لرئيس السلطة الفلسطينية وقادتها، وكلّ من سار في فلكها، مستغلين ضعفها، وخلافاتها، وتنافسها، وتفككها. سلطة فلسطينية ارتكبت بحق فلسطين وشعبها خطيئة كبيرة فظيعة لا تغتفر، عندما لزمت وأناطت حلّ قضية فلسطين للعراب الأميركي ووثقت به، ليفعل ما فعله باتجاه التطبيع، دون أن تتعلم من دروس التاريخ ووقائعه شيئاً، وتأخذ العبرة من سياسات وأفعال المتآمرين على حقوق شعوب أمتنا، ناكثي العهود، من مارك سايكس الى فرنسوا جورج بيكو، مروراً بالانتداب البريطاني، وصولاً الى أشنع مؤامرة قذرة، قامت بريطانيا بحياكتها وتنفيذها بحق فلسطين وشعبها، قبيل وأثناء إعلان الكيان الصهيوني عام 1948.

إنّ التنديد، والإدانة والاستهجان، والرفض، لا ينفع. ما ينفع أولاً وأخيراً، هو توحّد الفلسطينيين حول هدف واحد، ونضال ومقاومة واحدة، ومن ثم العمل الجدي على استنهاض صحوة شعبية عارمة على مستوى الشعب الفلسطيني والأمة كلها، وتحريك الأطياف والحركات، والفعاليات الشعبية والرسمية للقوى المناضلة القومية، وذلك باستخدام السبل كافة لتصحيح المسار، وبث روح المقاومة والانتفاضة من جديد في جسد الأمة، وانتشالها من المستنقع الذي وضعها فيه العدو، ومعه قوى الهيمنة والمتواطئون على قضايانا الوطنية والقومية على السواء.

أحوج ما تكون إليه شعوبنا اليوم، ليس البكاء على الأطلال، والتحسّر على هضاب فلسطين، ورفض التطبيع مع العدو، ونظم أشعار التنديد والهجاء، وإبداء مشاعر الحنين، وعدم الرضوخ للأمر الواقع، إنما التحرك السريع لوقف الانهيار والتدهور والانقسام الحاصل داخل الصف الفلسطيني والعربي، جراء التخبّط الرهيب، وتباين الأفكار والرؤى والانتماء والولاء، الذي قلب العمل والنضال الفلسطيني المقاوم رأساً على عقب. إنّ خطورة المرحلة الحالية تحتم على الفلسطينيين، كلّ الفلسطينيين، سلطة وحركات مقاومة، وفعاليات وتنظيمات شعبية، العمل فوراً على إعادة تجميع قواها الوطنية والقومية من جديد. إذ أنّ خلافات أهل البيت الواحد شجعت العدو وحلفاءه، على التمادي في قراراتهم، والانتقال من الدفاع الى الهجوم، حيث نتحمّل الجزء الأكبر من المسؤولية، بسبب أخطائنا، وتهوّرنا، وتشتتنا، وتبعثرنا، وخلافاتنا، وانشقاقاتنا، وعداواتنا، وأنانياتنا، وتذبذبنا في مواقفنا مع طرف ضدّ آخر، ورهاننا على المكان الخطأ ثم العودة عنه. كلّ ذلك أدّى إلى هذا التدهور والانحراف، وتضييع البوصلة، وصولاً إلى التصدّع، والانهيار، والتفكّك، والانفصام في الموقف العربي الواحد.

لا بدّ من محاسبة الذات قبل محاسبة الآخرين، وهذا ما يستدعي مراجعة كاملة للحسابات، والرهانات، والتحالفات، وتقييم المواقف والأداء من جديد، وتحديد من هم أصدقاء القضية الفلسطينية الحقيقيون ومن هم أعداؤها، وتحديد من هم العابثون بحقوق الشعب الفلسطيني بشكل قاطع وحاسم، أكانوا فلسطينيين أم عرباً أم أجانب، دون أيّ تردّد، أو مواربة، أو خوف، أو مراوغة، أو مجاملة، وفرز أصحاب القضية، المقاومين الحقيقيين، المناضلين في الداخل الفلسطيني، عن الانتهازيين المزيّفين، بائعي القضية وتجارها، اللاهثين وراء السلطة، والمال، والمناصب، والمكاسب، وما أكثرهم، وهم الذين آثروا دائماً على بيعها في بازار المصالح الشخصية والسياسات الدولية!

وحدهم الفلسطينيون الشرفاء، أصحاب القضية دون منازع، الذين يستطيعون حماية قضيتهم من الضياع، والحفاظ عليها، وانتشالها من المستنقع، ومنع طي صفحتها ودفنها، وجرّها الى عالم النسيان.

اننا أمام نكبة ثانية جديدة متمثلة بالتطبيع، وهي أخطر من النكبة الأولى. لأنّ النكبة الأولى ولدت صحوة ووعياً قومياً عربياً، وجيلاً جديداً مقاوماً رافضاً للكيان، متمسكاً بأرضه وحقوقه. أما التطبيع فيأتي ليشرع ويؤكد على وجود الكيان الغاصب، ويعمل على إخماد الصحوة والرفض، ومن ثم القضاء على المقاومة، وإلغاء فلسطين من الخارطة التاريخية، والجغرافية، والقومية، والوجودية، شعباً وأرضاً ودولة.

لا مجال للانتظار، لأنّ الأمة كلها، وجودها ومستقبلها وأمنها القومي على المحكّ، وأمام الاختبار. فإما المواجهة والمقاومة، وإما الاستسلام والسقوط والانهيار.

*وزير الخارجية والمغتربين الأسبق

فيديوات متعلقة

مقالات متعلقة

متى يُسدل الستار على جريمة أوسلو ويقطع جسر الانفتاح مع «إسرائيل»؟

حسن حردان

أدركت «إسرائيل» ومعها الولايات المتحدة انّ توقيع اتفاق كامب ديفيد عام ١٩٧٨ مع مصر، والذي أسهم في إخراجها من دائرة الصراع العربي الصهيوني، لم يحقق الهدف المطلوب وهو كسر جدار العزلة العربية والأفريقية والآسيوية والأميركية اللاتينية، من حول «إسرائيل»، ولن يمنحها «الشرعية» التي تريدها، واكتشفت أنّ السبيل لكسر هذه العزلة إنما يكمن في إحداث خرق في جدار الموقف الفلسطيني الذي يشكل الأساس في إبقاء وإدامة هذه العزلة، فطالما ظلّ هذا الموقف رافضاً الاعتراف بوجود «إسرائيل» ويستمرّ في الرهان على مواصلة خيار المقاومة الشعبية المسلحة سبيلاً لتحرير فلسطين لن تحصل «إسرائيل» على الاعتراف بوجودها وتكسر المقاطعة من حولها، لا سيما في العالم العربي، الذي يشكل الأساس كي تصبح «إسرائيل» دولة طبيعية مندمجة في المنطقة، لا تعيش فقط على المصل الأميركي الغربي، وإنما تتحوّل إلى مشروع يعيش بإمكانياته الذاتية من خلال تحوّل «إسرائيل» إلى المرتكز والمحور الأول في المنطقة الذي يستقطب رؤوس الأموال العربية ويستغلّ اليد العاملة العربية الرخيصة والنفط العربي وموقع فلسطين على البحر المتوسط وتوسّطها الوطن العربي بين المشرق والمغرب، وبالتالي تصبح «إسرائيل» هي قلب المنطقة والقوة الهيمنة عليها، والمحطة التي كلّ دول المنطقة بالمركز الرأسمالي الغربي… عندها فقط يتحقق الحلم الصهيوني في السيطرة على المنطقة وتغيير هويتها، والتربّع على عرشها كمشروع استعماري استيطاني يخدم المشروع الاستعماري الغربي الذي كان وراء إنشاء «إسرائيل» للعب هذا الدور وهذه الوظيفة…

اتفاق أوسلو، الذي وقع في ١٣ أيلول من عام ١٩٩٣ بين قيادة منظمة التحرير الفلسطينية وحكومة العدو الصهيوني، سهل تحقيق هذا الحلم الصهيوني عندما دشن رأس جسر الانفتاح على الكيان الصهيوني والاعتراف فيه.. فهو وفر المناخ المواتي بداية بإقدام المملكة الأردنية على توقيع اتفاق «وادي عربة»، ووفر الفرصة للعديد من الانظمة العربية التابعة للغرب للاتصال والاجتماع علناً مع مسؤولين صهاينة، بعد أن كانت مثل هذه اللقاءات محرّمة وتجري في السابق بشكل غير معلن، كما أنّ توقيع اوسلو أسقط مبرّرات استمرار مقاطعة دول عدم الانحياز في أفريقيا وآسيا وأميركا اللاتينية للكيان الصهيوني… هكذا فقد نجح أوسلو في أن يحقق لـ «إسرائيل» مكاسب لم تكن لتحلم بتحقيقها…

لقد كانت الأولوية الأساسية للقيادة الصهيونية تكمن في العمل على انتزاع الاعتراف بوجود الكيان الصهيوني ودمجه في المنطقة، وتحويله من كيان غاصب غير شرعي لا يحظى بالاعتراف بوجوده، الى كيان يحظى بمثل هذا الاعتراف بداية من قيادة منظمة التحرير، ومن قبل الدول العربية والأفريقية والآسيوية والأميركية اللاتينية، وكانت هذه الأولوية تتصدّر قائمة جدول أعمال الحكومات الصهيونية التي كانت ترى أنّ الكيان الصهيوني لا يمكن أن يعيش ويستمرّ إذا ما بقي معزولاً في محيطه المباشر وثم في المحيط الأقرب للمحيط العربي، وأنّ الحلقة الأساسية التي تحول دون كسر جدار العزلة والمقاطعة المفروض على «إسرائيل» إنما تكمن في منظمة التحرير الفلسطينية الممثل الشرعي للشعب الفلسطيني، المعترف به عربياً ودولياً، والتي إذا ما جرى استمالتها واغرائها وخداعها بتوقيع اتفاق يعترف بـ «إسرائيل» مع وعد بتحقيق السلام وإقامة دولة فلسطينية، فإنه سيفتح الطريق أمام «إسرائيل «لكسر جدار العزلة من حولها تحت عنوان.. «لماذا يا عرب أنتم ملكيين أكثر من الملك».. طالما أنّ منظمة التحرير اعترفت بوجود «إسرائيل» بموجب اتفاق أوسلو ونجري معها مفاوضات للتوصل إلى اتفاق نهائي لتحقيق السلام، فلماذا تستمرون في عدم إقامة العلاقات معنا وتستفيدون من ثمار هذه العلاقات بدعم اسرائيلي في مجالات عدة…؟»

إنّ جريمة أوسلو تكمن في أنها كسرت المحرمات في الصراع مع عدو الأمة العربية.. فكرّست الاعتراف بوجود «إسرائيل» من قبل منظمة التحرير، وفتحت باب إقامة العلاقات عربياً واسلامياً مع الكيان الصهيوني، وإشاعة الوهم حول تحقيق السلام وإقامة دولة فلسطينية مستقلة على حدود عام ١٩٦٧ وعاصمتها القدس الشرقية…

هذه هي جريمة أوسلو التي نحصد نتائجها هذه الأيام انفتاحاً عربياً على كيان العدو الغاصب، وتشجيعاً له على تنفيذ خطة القرن لتصفية القضية الفلسطينية، وشطب الحقوق الوطنية للشعب الفلسطيني…

لهذا فإنّ ما هو مطلوب اليوم قبل الغد، إقران الاتفاق على تشكيل قيادة فلسطينية للمقاومة الشعبية الموحدة ضدّ الاحتلال، بالتخلص من نهائياً من اتفاق أوسلو المشؤوم الذي لم يعد له من وظيفة سوى توفير المبرّرات لإضفاء الشرعية على إقامة العلاقات مع كيان العدو الصهيوني.. فكيف تستطيع السلطة الفلسطينية ومنظمة التحرير مطالبة الدول العربية مقاطعة «إسرائيل» وهي تقيم مثل هذه العلاقات وتستمرّ باتفاق أوسلو، ولم تعلن الخروج منه وسحب اعترافها بـ «إسرائيل» بعد أن انقلبت الأخيرة على كلّ التزماتها فيه، وأعلنت موت الاتفاق وجعلت من السلطة رهينة لديها وأداة أمنية لحماية الأمن الصهيوني ليس إلا…

قد يقول البعض إنك تغالي عندما تصف اتفاق أوسلو بالجريمة، ولكن هل هناك جريمة أكبر وأفظع من جريمة الاعتراف بوجود كيان غاصب احتلّ الأرض وشرّد الشعب وارتكب المجازر وانتهك الحرمات والمقدسات ولا يزال… إنّ وضع حدّ لهذه الجريمة والتمادي بها، هو السبيل لوقف استغلال أوسلو من قبل العدو الصهيوني وبعض الأنظمة التي تدور في الفلك الأميركي.. كما أنّ وضع نهاية لهذه الجريمة بإعلان الخروج نهائياً من اتفاق أوسلو وحل السلطة الفلسطينية وعودة منظمة التحرير إلى دورها التحرري الحقيقي، هو السبيل الذي يعزز المقاومة الشعبية والمسلحة، ويضع حداً ما يجري من استباحة للحق العربي في فلسطين، وتسابق الأنظمة التابعة للأميركي على إقامة العلاقات مع كيان العدو والاعتراف به، تحت شعار «لسنا ملكيين أكثر من الملك»… فمتى يسدل الستار على جريمة أوسلو وتنتهي هذه المسرحية… التي رسمت أوهام السلام مع عدو غاصب للأرض والحقوق، وأقامت جسر الانفتاح على «إسرائيل».. التي طالما جاهر وأعلن قادتها الصهاينة انهم لن يقبلوا إلا بمعادلة «السلام مقابل السلام»، وهو أمر عاد وأكد عليه أمس رئيس وزراء العدو بنيامين نتنياهو. أيّ أنه يقول للحكام العرب بأنّ عليكم أن ترفعوا راية الاستسلام لكيان العدو الذي اغتصب الأرض والحقوق، والتسليم والاعتراف بشرعيته والتخلي مطلقاً عن المطالبة بأيّ حقوق عربية في فلسطين، مقابل منحكم «السلام الصهيوني».

إنّ أقصر الطرق لوقف هذا الانحدار والتخاذل الرسمي العربي ووضع حدّ لتجرّؤ بعض الحكام العرب على تجاوز الحقوق العربية الفلسطينية والسير في ركب الحكومات التي وقعت اتفاقيات صلح مع العدو الصهيوني والاعتراف باغتصابه أرض فلسطين المحتلة، إنّ أقصر الطرق، لوقف هذا الانحدار، إنما يكون بإعلان فلسطيني موحد استعادة منظمة التحرير دورها التحرّري الموحّد لكلّ القوى والحركات الوطنية والإسلامية المقاومة والفاعليات الفلسطينية، والذي يرسم سقف الموقف الوطني الفلسطيني المتمسك بالحق العربي الفلسطيني كاملاً دون نقصان، ويعتبر أيّ اعتراف بكيان الاحتلال خيانة للقضية المركزية للأمة جمعاء، واستسلاماً للعدو.. لكن استعادة هذا الموقف الفلسطيني الموحد مرهون بالتخلص من اتفاق أوسلو وحلّ السلطة الفلسطينية.. والتأكيد أنّ الحليف الحقيقي للشعب الفلسطيني ومقاومته إنما هو محور المقاومة الذي يبذل الدماء دفاعاً عن فلسطين ورفضاً لأيّ تفريط بالحقوق العربية فيها.. فما يحصل يجب أن يكون درساً لتحديد الصديق من العدو…

الطريق المعبّدة من قبل

سعاده مصطفى أرشيد

تشكلت الدولة الكيانية – القطرية في عموم العالم العربي بحدودها وهوياتها الوطنية الضيقة وفق خرائط الأجنبي وإرادته، الذي رسم وتقاسم مناطق النفوذ مع أجنبي آخر، حتى انّ بعض هاتيك الحدود كانت تُرسم بأقلام الرصاص، فهي قابلة للتعديل والإزاحة، وفق المستجدات والتقاسمات وموازين القوى عند الأجنبي المستعمر. بهذه الطريقة رسمت حدود الدويلات في خرائط الاتفاق الانجلو – فرنسي المعروف باتفاق سايكس بيكو الذي رسم حدود الدول السورية، ثم في الحجاز في شمال الجزيرة العربية حيث سُمح لسلطان نجد عبد العزيز بطرد الهاشميين من الحجاز وضمّ الحجاز لما أصبح يُعرف لاحقاً بالمملكة العربية السعودية، وكذلك نصّب الحكام وفق ما تقتضي ضرورات السياسة، فلا يكفي أن يكون الحاكم مدعوماً ومنسجماً مع الأجنبي المستعمر، وإنما يجب أن يبقى على شيء من الضعف وشيء من عدم المشروعية، ليبقى رهينة لمن جاء به.

الهاشميون في الحجاز هم أبناؤها ويملكون شرعية الشرف (بالمعنى الديني) من خلال سدانتهم للحرمين المكي والمدني، فتمّ نقلهم إلى دمشق ثم إلى العراق والأردن، فيما مُنحت الحجاز لعبد العزيز، الذي لا يملك الشرعية الروحية ولا الانتماء للحجاز وأهلها الذين كانوا ينظرون إليه على أنه بدويّ نجديّ جلف، منتمٍ إلى المذهب الوهابي غير الإجماعي. ولطالما تكرّرت هذه التجربة في المغرب العربي، وفي سبعينات القرن الماضي، عندما رسم الانجليز الحدود بين ما كان يسمّى في حينه الإمارات المتصالحة، والتي أصبحت في ما بعد دولة الإمارات العربية المتحدة وقطر والبحرين.

الشاهد الأول في هذا المقال، أنّ هذه الهوية الكيانية – القطرية الضيقة تمّت صناعتها والعمل عليها بمهارة ومكر، لجعلها أوطاناً أزلية، يتعصّب لها مواطنوها، وتمّ تطوير الشعور الانفصالي لديهم، بادّعاءات التفرّد والتمايز عن باقي فئات الوطن، وتوظف لتحقيق ذلك خبراء ولحق بهم أنصاف مثقفين من المرتزقة، لينسجوا لهم عقائد تفتيتية، ولاختراع تاريخ خاص وحضارة وهمية متمايزة مغرقة في القدم، تتفوّق على حضارات باقي الفئات، تصنع لهم هويات تتصادم مع الهوية القومية الجامعة، هذا ما كان مقدّمة لإضعاف التضامن العربي، وجعل كلّ دولة من هذه الدول تعمل لما تظنّه مصلحتها الخاصة، بعيداً عن المصالح المشتركة التي كان عليها الوضع قبل عام 1977، عندما أعلن الرئيس المصري في حينه، عن مبادرته للسلام والتطبيع، ثم ما لبثت هذه الحالة أن تفاقمت في مطلع تسعينيات القرن الماضي عندما أقدم العراق على احتلال الكويت وما لحقه من تداعٍ للنظام العربي، فقبل ذلك كانت فلسطين، مسألة قومية وعربية بامتياز.

أدّى انهيار النظام العربي إلى تداعيات، قادت إلى مؤتمر مدريد للسلام عام 1991، ثم إلى اتفاق اوسلو 1993 بين قيادة منظمة التحرير بصفتها الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني والحكومة (الإسرائيلية)، وعلى الطريق ذاتها سار الأردن الذي أخذه وغيره من دول العالم العربي هول مفاجأة اتفاق «أوسلو»، التي أعدّت بصمت وسرية وتفرّد وبمعزل عن مسارات التفاوض الأخرى، فكانت اتفاقية «وادي عربة»، وهنا لا يغيب عن الذهن ما فعلته المقاومة اللبنانية، بكلّ أطيافها (لا طوائفها) حين أسقطت اتفاق 17 أيار بين بعض لبنان و»إسرائيل»، فيما لم تستطع ولربما لم ترغب القوى السياسية التي ناوأت السادات في كامب دافيد، أو المعارضة الفلسطينية التي احتجت واعترضت على توقيع قيادة منظمة التحرير على اتفاق «أوسلو»، في السير على طريق المقاومة اللبنانية، وإنما أخذت مواقف ملتبسة فهي ضدّ الاتفاق، ولكنها تقتات منه، لذلك لم تأخذ موقفاً جدياً، ولم تقم بفعل حقيقي، فقد كان شعار القرار الوطني الفلسطيني المستقلّ، ملتزماً به عند معظم فصائل المنظمة، وكان القسم الأكبر والأقوى هو مَن اتخذ القرار ووقع على الاتفاق بصفته المذكورة.

الشاهد الثاني في هذا المقال، أنّ دولة الإمارات العربية، لم تفعل أكثر من السير على الطريق ذاتها التي طرقها من قبل الرئيس المصري أنور السادات وخلفاؤه ورئيس منظمة التحرير ثم السلطة الفلسطينية وخليفته، والعاهل الأردني الراحل والحالي، بناء على ما تقدّم فإنّ خبر إعلان التطبيع الإماراتي (الإسرائيلي) لا يجب أن يمثل مفاجأة غير متوقعة لمن يتابع أو يقرأ الأحداث، وإنما هو نتيجة رياضية لما حصل في السابق، ولن تكون مفاجأة عندما تلحق البحرين وعُمان ويمن عبد ربه منصور هادي والسودان وليبيا الحفترية بالركب.

لا يرى محمد بن زايد أنه قام بعمل من خارج الصندوق، وإنما سار على طريق معبّدة، سبقه في السير عليها من كان أوّلى بأن لا يسير في ذلك الطريق، واستعان محمد بن زايد بما يدعم ذلك بالقول والفعل والإشارة الرمزية، فهو يدّعي انه قام بذلك في سبيل درء الخطر الذي تتخوّف منه قيادة السلطة الفلسطينية وهو مشروع الضمّ الذي أعلنت عنه الحكومة الإسرائيلية، أما شقيقه وزير الخارجية عبد الله بن زايد، فاستعار من القاموس السياسي الفلسطيني مفرداته، كما ورد في حديثه عبر الاتصال الهاتفي المرئي لحفل الإعلان عن قيام نادي الصداقة الإماراتي – الفلسطيني، الذي تزامن الإعلان عن تأسيسه مع وصول الطائرة الإسرائيلية إلى أبو ظبي، تحدث الوزير الإماراتي طويلاً وبشكل مجامل ولطيف، في ما يتعلق بدور ونشاط الجالية الفلسطينية في الإمارات، ثم انتقل ليؤكد موقف الإمارات الداعم لحلّ الدولتين وإقامة دولة فلسطينية على حدود الرابع من حزيران 1967 وعاصمتها القدس الشرقية، وذكّر المستمعين بالدعم التاريخي لدولة الإمارات للقضية الفلسطينية وهو في ذلك لم يخرج عن الموقف الرسمي الفلسطيني، ولكنه ذكّر أيضاً وشدّد على أنّ الإمارات صاحبة قرار إماراتي مستقل وسيادي، أما في مجال الإشارات الرمزية، فإنّ التوقيع الرسمي على الاتفاق سيكون في 13 أيلول المقبل وفي حديقة البيت الأبيض، وفي المكان والتاريخ ذاتهما الذي وقع به الاتفاق الفلسطيني الإسرائيلي، مع فارق 27 عاماً.

مع كلّ ما تقدّم فإني وكثيرون غيري لا يوافقون ولن يوافقوا على أية عملية تطبيع مع الاحتلال، ويدركون خطورة ذلك لا على الشأن الفلسطيني فحسب، وإنما على الإمارات أيضاً، ولنا في تجارب من وقع الدروس الكافية الوافية، فقد تمّ تسويق اتفاق كامب دافيد على أنّ مصر ستقفز لتصبح مثل الدول الأوروبية المتطورة والعصرية، وذلك عندما تحوّل الأرصدة المخصصة للمجهود الحربي، باتجاه مشاريع التنمية، والنتيجة أنّ مصر أصبحت أكثر فقراً، وأكثر ضعفاً، لدرجة أنها لم تعد قادرة على التصدي للتهديدات الاستراتيجية والوجودية، في هضبة الحبشة وسيناء وليبيا، ولم تتحوّل الضفة الغربية إلى سويسرا وغزة إلى سنغافورة، اثر توقيع اتفاق أوسلو، وإنما أصبحت الأراضي الفلسطينية تفتقر إلى أبسط مقوّمات البقاء، ولا يبقيها أو يقيها من الموت إلا المساعدات الخارجية المشروطة، وأموال المقاصة التي تتقاضاها بالنيابة عن السلطة «إسرائيل»، ثم تعيدها للسلطة قدر ما تشاء، وكيف ما تشاء، ووقت ما تشاء.

العلاقات الإماراتية العربية وكذلك الفلسطينية ستعود قريباً إلى سابق عهدها، والتجاذبات الإقليمية هي ما يدفعها نحو التوتر، وثمة فلسطينيون يعيشون في الإمارات ومصر والأردن، لا يجدون مكاناً آخر يذهبون إليه، وانتقاد الخطوة التطبيعية الإماراتية واجب، لكن الإسفاف والتطاول واستعمال ما في الجعبة من شتائم، لن يغيّر من الأمر، وفي النهاية لن يقبض محمد بن زايد من الإسرائيلي إلا الهباء والسراب، والسعيد من اتعظ بغيره، أما الشقي فهو لا يتعظّ إلا بنفسه وعلى حسابه.

سياسي فلسطيني مقيم في جنين – فلسطين المحتلة

UAE-Israel deal: The new hegemons of the Middle East

Source

Palestinian protesters set aflame cut-outs showing the faces of Benjamin Netanyahu, Mohammed bin Zayed al-Nahyan, and Donald Trump, during a demonstration in Nablus in the occupied West Bank on 14 August 2020 (AFP)

17 August 2020 12:36 UTC

David Hearst

This bleak vision will fail, much faster than the Jordanian and Egyptian treaties with Israel which too were built on sand. It can only lead to more conflict

 The three men who hatched the first recognition by an Arab state of Israel in 26 years are all in trouble domestically.

US President Donald Trump is finding any way he can to stop his fellow Americans from voting in an orderly fashion in November, because if enough of them did, on current poll ratings he would lose. Israeli premier Binyamin Netanyahu has been overwhelmed by the protests outside his home at his handling of Covid, and Abu Dhabi Crown Prince Mohammed bin Zayed has seen one pet project after another crash in flames into the sea, first the coup attempt in Turkey, then the siege of Qatar, and latterly the failure of his surrogate forces to seize Tripoli.

Each man needed a diplomatic coup, something their media could call historic. Each knows what would happen to them if they lost power 

Each man needed a diplomatic coup, something their media could call historic. Each knows what would happen to them if they lost power. For Netanyahu and Trump it could mean prison. For MbZ it would mean exile or death. His love affair with Israel is his life insurance. Their personal  fates are to an extraordinary sense, intertwined.

MbZ needed to find an alternative regional backer, acutely aware as he was of the falling value of his investment in Trump. He has made enough enemies in the CIA and the Pentagon to know the moment Trump leaves , the US deep state will return with a vengeance.

Netanyahu needed to find an exit strategy from protests and a fraying coalition, to find a policy that he alone controlled. While he has once again betrayed his right wing by freezing, ( although not abandoning) annexation, the Houdini of political escapes has just wriggled out of his handcuffs once again.

“For the first time in the country’s history I signed a peace agreement coming from strength – peace for peace,” his video tweet boasted. “This is the approach I have driven for years: making peace is possible without turning over territories, without dividing Jerusalem, without endangering our future. In the Middle East, the strong survive – and a strong people makes peace.”

Trump needed a signature foreign policy stunt, something he could call a return on all the political capital he has spent on his son in law, Jared Kushner. The “Deal of the Century” was always going to be dead on arrival. Trump needed a tangible.

End of the affair

But this deal, to be buttressed by Morocco, Bahrain, Oman and Saudi Arabia, differs fundamentally from Egypt’s or Jordan’s peace deals with Israel. Each in their turn was the start of an affair. Each heralded wider negotiations which, for a time, brought the hope of a just settlement to the Palestinian conflict.

This is the end of an affair. No negotiations, outside the palaces of the players involved, have taken place over this. There will be no elections to seek a popular mandate. Not one of the many querulous Palestinian factions or parties has gone anywhere near this, as to do so would mean the abandonment of East Jerusalem as the capital of a Palestinian State, negotiations on the basis of 1967 borders and the right of the return.

Abu Dhabi Crown Prince Mohammed bin Zayed with US President Donald Trump (AFP/file photo)
Abu Dhabi Crown Prince Mohammed bin Zayed with US President Donald Trump (AFP/file photo)

This deal is not about peace. Arab leaders have met Israeli leaders regularly. King Abdullah 1 of Jordan met Zionist leaders before 1948 and his grandson King Hussein carried on the tradition. His biographer Avi Schlaim counted 42 meetings with his Israeli counterparts. King Hassan of Morocco used Mossad to get rid of his opponents. 

None of this regular contact between avowed enemies changed the rejection of Israel by the Arab masses. 

The UAE’s recognition of Israel has nothing to do with the search for an end to conflict. Its about establishing a new regional order between dictators and occupiers – Arab dictators and Israeli occupiers. As America withdraws as the regional hegemon, new ones are needed. Step forward Israel and the UAE.

Trade, unimpeded telecoms, travel and recognition between Israel and its richest Gulf neighbours will become new “facts on the ground”, its architects imagine, as immutable as the roads that bypass Palestinian villages and the settlements themselves. No negotiation is required. Just the white flag of defeat.

This accord is virtual reality. It will be blown away by a new popular revolt not just in Palestine but across the Arab world

I am fairly confident that Palestinians won’t wave the white flag of surrender today, any more than they would have done in the past seven decades. They will not abandon their political rights, and take the money. But nothing less is required for this plan to succeed. 

If this moral collapse was going to happen anywhere, it would have happened in an enclave Israel has starved for the last 14 years  – Gaza. But there is no sign of popular resistance to Israel waning. Nor will this happen in the relatively freer West Bank .The Palestinian Authority called the decision “despicable” and “treason” to both the Palestinian people, Jerusalem and Al-Aqsa Mosque.

The wave of anger and resentment coursing through Palestinian veins is reflected in the Arab population at large. Every honest attempt to monitor popular opinion on this issue comes up with answers Trump, Netanyahu and MBZ would rather not hear.

The percentage of Arabs opposing diplomatic recognition of Israel has gone up, not down, in the last decade. The Arab Opinion Index quantified this trend. In 2011, 84 per cent opposed diplomatic recognition. By 2018, the figure was 87 per cent.

Just watch the reaction

There will be a reaction to this both among Palestinians and on the Arab street in general. It is already possible to discern two trends.

Among Palestinians, this deal will force Fatah and Hamas, bitter rivals since the civil war in Gaza in 2007, into each other’s arms. That is already happening at youth level, but such is the degree of anger and betrayal felt in the top echelons of the PLO, that it is also happening at leadership level as well. 

If Netanyahu and bin Zayed are on the phone to each other, so too now are Mahmoud Abbas, the Palestinian President, and Ismail Haniyeh, the political leader of Hamas. The PA’s strong reaction to the Emirati accord was welcomed by Hamas. A Hamas source told Arabi21 that he saw the PA’s position as an “opportunity for joint political and field action in the West Bank and Gaza Strip”. 

Israel-UAE deal: Emirati influencers criticised for praising normalisation
Read More »

If this new sense of common purpose between the two main rival Palestinian factions is sustainable  – and Abbas in the past  has been unwilling to accept any partners in the governance of Palestine – this is the beginning of the end of arrests of Hamas activists in the West Bank by the Palestinian Preventive Security.

This was once headed by Jibril Rajoub, who is now general secretary of Fatah. But today Rajoub holds press conferences with Hamas’s second in command, Saleh Arouri – a further sign that the rapprochement between the two parties is gathering momentum.

Rajoub, who was speaking during a joint teleconference press interview with Arouri, said: “We will lead our battle together under the flag of Palestine to achieve an independent and sovereign Palestinian state on the 1967 borders and solving the issue of the refugees on the basis of international resolutions.”

The Dahlan plan

This reaction would have been foreseen by the Arab hegemons and Israel. Their answer is to promote the exiled Palestinian leader Mohammed Dahlan and/or his surrogates as the next Palestinian president. 

I revealed this plan four years ago. It was written down in black and white in a document summarising the discussions between the UAE, Jordan and Egypt.

In it, Dahlan’s homecoming was specifically linked to “a peace agreement with Israel with the backing of Arab states”.

Dahlan himself, who is in exile in Abu Dhabi, has said nothing about the agreement. But his faction within Fatah, which calls itself the “Democratic Reform Movement”, issued a statement saying it “followed with great interest the joint American-Emirati-Israeli statement, which announced the start of a path to normalization of relations, which includes a freeze on the decision to annex Israel to parts of the occupied West Bank”.

Mohammed Dahlan: Philanthropist or notorious fixer?
Read More »

His supporters over the weekend called him “the leader”. 

The result? His picture was burned in Ramallah yesterday along with pictures of bin Zayed. 

In the past, Dahlan has played the divisions between Hamas and Fatah shrewdly. For a brief spell there was talk of a rapprochement between Dahlan and Hamas, in a revived relationship with Yahya Sinwar, the Hamas leader of Gaza. Sinwar and Dahlan were former schoolmates. The two met in secret talks in Cairo.

All his previous work, including the payment of weddings in Gaza and the cultivation of supporters and militias in Balata Camp, has been thrown to the wind now. Dahlan has crossed a rubicon by supporting this deal, although this fact has yet to sink in.

Across the Arab world in general, the second immediate effect of this announcement is the recognition that the demands of the Arab Spring for democracy in the Arab world and the demands of Palestinians for sovereignty are one and the same thing.

They have common enemies: Arab despots whose suppression of democracy is more cruel and medieval than ever. They have common cause – popular resistance to oligarchs who wield all the power – both military and economic.

Instead of investing its money in Jordan or Egypt which desperately needs its cash, the wealthiest sovereign wealth fund in the Gulf will start investing in Israel

Netanyahyu was not exaggerating when he said on Thursday night when the deal was announced that recognition by the UAE would enrich Israel. “This is very important for our economy, the regional economy and our future,” the prime minister said.

He said the UAE would make investments that would boost the Israeli economy. Well, quite. Instead of investing its money in Jordan or Egypt which desperately needs its cash, the wealthiest sovereign wealth fund in the Gulf will start investing in Israel, which is in comparison already a substantial high-tech economy.

Not only is bin Zayed contemptuous of Arab democracy (hence his suppression of popular democratic movements). He is above all contemptuous of his own people, whom he consigns to the gutters of the new post-oil economy.

This bleak vision will fail, much faster than the Jordanian and Egyptian treaties with Israel which too were built on sand. It can only lead to more conflict.

Whereas before, Israeli leaders could pretend to be bystanders to the turmoil of dictatorship in the Arab world, this now ties the Jewish state to maintaining the autocracy and repression around it. They cannot pretend to be the victims of a “tough neighbourhood”. They are its main pillar.

This accord is virtual reality. It will be blown away by a new popular revolt not just in Palestine but across the Arab world. This revolt may already have started.

This article is available in French on Middle East Eye French edition.

David Hearst is the editor in chief of Middle East Eye. He left The Guardian as its chief foreign leader writer. In a career spanning 29 years, he covered the Brighton bomb, the miner’s strike, the loyalist backlash in the wake of the Anglo-Irish Agreement in Northern Ireland, the first conflicts in the breakup of the former Yugoslavia in Slovenia and Croatia, the end of the Soviet Union, Chechnya, and the bushfire wars that accompanied it. He charted Boris Yeltsin’s moral and physical decline and the conditions which created the rise of Putin. After Ireland, he was appointed Europe correspondent for Guardian Europe, then joined the Moscow bureau in 1992, before becoming bureau chief in 1994. He left Russia in 1997 to join the foreign desk, became European editor and then associate foreign editor. He joined The Guardian from The Scotsman, where he worked as education correspondent.

Related Video

Israel Annexation Plan: Jordan’s Existential Threat

Jordan is being forced to confront a new reality with alarming cartographic and demographic consequences

By Emile Badarin

Global Research, July 09, 2020

Middle East Eye 6 July 2020

More than any other Arab state, Jordan’s past, present and future are inextricably linked to the question of Palestine. Jordan’s emergence is an outcome of British imperialism, which imposed the infamous Balfour Declaration and the Zionist settler-colonial project on the indigenous population of Palestine and the region. 

Settler-colonialism is the essence of the question of Palestine. All else is derivative. Jordan emerged out of this historical reality, and therefore, its present and future will always be subject to it.

The founder of present-day Jordan, Emir Abdullah bin Al-Hussein, successfully carved a new sovereign space in Transjordan. But this was only possible because of his cooperation with British imperialism and “collusion” with Zionist settler-colonialism. This tacit relationship resulted in mutual restraint between Jordan and Israel, even during their direct military confrontations.

National security interest

In 1994, Jordan and Israel signed the Wadi Araba peace treaty, turning their tacit understandings and secretive relationship into an official peace between the two countries – even if an unpopular one. This peace treaty would have been inconceivable without the 1993 Oslo Accord and the implied promise of Israel’s withdrawal from the West Bank and Gaza, which were occupied in 1967 from Jordan and Egypt respectively, to establish an independent Palestinian state.

Land repatriation and Palestinian statehood hold a high national security interest for Jordan. Only the achievement of these two conditions can halt the border elasticity of the Israeli state and its expansion eastwards, which poses grave geographic and demographic threats to the Hashemite kingdom.

Besides the strategic significance, a Palestinian state would allow a substantial number of Palestinian refugees displaced in 1967 to return to the West Bank, in accordance with UN Security Council Resolution 237.

Yet, not only have neither of the two conditions been realised, but regional and international political dynamics have changed since 1994. In Israel, the political landscape has dramatically shifted to the far right, fuelling the settler-colonial practice of creating “facts on the ground” that make the prospect of Palestinian statehood and self-determination via the “peace process” a remote fantasy.

The political and material developments on the ground are complemented by complex regional and international dynamics. In particular, the Trump administration has taken a new approach towards most international conflicts, especially in the Middle East.

The Trump-Netanyahu plan (aka “the deal of century”) for Israel-Palestine promotes Israeli colonisation/annexation of the West Bank and sovereignty over the entirety of historic Palestine, as well as the Syrian Golan Heights.

Shifting geopolitics

Even worse for Jordanians and Palestinians, this plan enjoys the support of influential Arab states, especially Saudi Arabia and the UAE, which have stepped up their political rapprochement and normalisation with Israel.If Israel Annexes Part of West Bank, Palestine “Will Declare Statehood on 1967 Borders”

The EU, a staunch supporter and sponsor of the so-called peace process and two-state solution, failed not only to reach a common position on the US plan, but also to condemn Israel’s plans to officially annex any part of the West Bank.

Amid the changing international and regional politics, Jordan’s alliance with the US and EU has been a letdown. Jordan has become a victim of its own foreign and security policy, which has grown interlinked with the US and, more recently, the EU.

While half of this alliance, the US, is promoting Israel’s annexation and sovereignty over Palestine, the other half, the EU, is unwilling to act decisively.

The annexation is planned to take place while the entire world, including Jordanians and Palestinians, and the media are exhausted by the coronavirus pandemic. It provides the needed distraction for Israel to complete the annexation quietly, without effective local and international scrutiny and resistance.

Covid-19 has further entrenched the nationalist-driven trend in the Middle East. Even before the outbreak, the Arab world was consumed by domestic concerns, showing few qualms about the Trump-Netanyahu plan or recognition of Israel’s sovereignty over Jerusalem and the Golan Heights.

Israeli expansionism

The feeble Arab (including Palestinian and Jordanian) and international response to the US recognition of Jerusalem as the capital of Israel, and the relocation of the US embassy from Tel Aviv to Jerusalem, has encouraged Israel and the US to press ahead and turn Israel’s de facto sovereignty over all of Palestine into de jure.

While this is all illegal under international law, it is a mistake to believe that empirical reality and time will not deflect, strain and fractureinternational law and legality.

Since 1967, the Israeli strategy has pivoted on two parallel components: empirical colonisation on the ground, coupled with the facade of a “peace and negotiations” public relations campaign to obfuscate the settler-colonial structure and market it to the international community, as well as Arab regimes.

With this strategy, Israel has expanded in the region both territorially, by de facto taking over Arab land, and politically, through overt and covert relations with most of the Arab states.

Only formal territorial annexation and gradual de-Palestinisation remains. The formal annexation of the West Bank, especially the Jordan Valley, officially torpedoes the century-old Jordanian foreign and security strategy of cooperation with its imperial patrons (Britain, then the US) and the Zionist movement, which evolved into a Jordanian-Israeli peace with an expected Palestinian buffer state between the two.

Another ethnic cleansing

It also puts Jordan face-to-face with a new reality with alarming cartographic and demographic consequences. The chances of another ethnic cleansing become a palpable prospect under the formulae of official annexation and a Jewish statehood in the entirety of Palestine, as articulated in the 2018 nation-state law meant to ensure a Jewish majority.

This is very much tied in with Jordanian fears grounded in previous (1948, 1967) and current experiences of forced migration in the Middle East. Against this backdrop, another ethnic cleansing in the West Bank, forcing a large number of Palestinians to flee to Jordan, is a real possibility. The transfer and elimination of Palestinians from Palestine are embedded in the settler-colonial structure of the Israeli state, which looks at Jordan as their alternative homeland.

While another population flow would be catastrophic for Palestinians, it would also adversely affect Jordan’s stability and future.

Beyond annexation, the Hashemite regime is witnessing a contestation of its custodianship of the Muslim and Christian holy sites in Jerusalem, which constitute a significant source of legitimacy for the regime. Even on this matter, the US plan unequivocally appoints Israel as the “custodian of Jerusalem”.

After five decades, Israel’s grip over and presence in the West Bank is ubiquitous and entrenched. Most of the West Bank is empirically annexed and Judaised, especially the Jordan Valley, Greater Jerusalem, parts of Hebron and Gush Etzion. The pretence of the peace process and negotiations has thus become superfluous.

‘Considering all options’ 

Only against this background may one understand the depth of the trepidations that underlie the warning of King Abdullah II that the Israeli annexation will trigger a “massive conflict” with Jordan and that he is “considering all options” in response.

This warning does not reveal a strategy to respond to what constitutes a “direct threat to Jordan’s sovereignty and independence”, as the former foreign minister of Jordan, Marwan Muasher, put it.

It displays, however, the difficult decisions that have to be taken. Indeed, King Hussein was prepared to discontinue the Jordanian-Israeli peace treaty had Israel refused to supply the antidote for the poison its agents had used in an attempt to assassinate Khaled Meshaal, the former head of Hamas, in 1997. It remains to be seen whether the termination or suspension of this treaty and the realignment of alliances are currently options for Jordan.

The Jordanian response to Covid-19 has generated a unique, popular rally around the state – a perfect opportunity to conduct serious reforms to stamp out corruption and involve citizens in the decision-making process, in order to forge a nationally grounded response to Israel’s planned annexation of the West Bank.

Historically, the survival of the Hashemite kingdom has been at stake several times. But today, Jordan finds itself in an unprecedented political, security, economic and health emergency.

Whatever domestic, economic and foreign-policy decisions – or indecisions – that Jordan takes are likely to leave a long-lasting mark on the future of Jordan and the question of Palestine. Such existential decisions must be collective, with broader national consensus and real citizen participation.

*

Note to readers: please click the share buttons above or below. Forward this article to your email lists. Crosspost on your blog site, internet forums. etc.

Emile Badarin is a postdoctoral research fellow at the European Neighbourhood Policy (ENP) Chair, College of Europe, Natolin. He holds a PhD in Middle East politics. His research cuts across the fields of international relations and foreign policy, with the Middle East and EU as an area of study.The original source of this article is Middle East EyeCopyright © Emile BadarinMiddle East Eye, 2020